فوضى عارمة في المدن البرازيلية والجيش يحمي المباني الحكومية

أسفرت الاحتجاجات في المدن البرازيلية عن إصابة 49 شخصا بجروح أحدهم بالرصاص فيما لحقت أضرار بثماني وزارات وكاتدرائية برازيليا، بحسب تقارير الشرطة.
المواجهات بين المتظاهرين ورجال الشرطة جاءت على خلفية اتهامات بالفساد وتعديل نظام التقاعد الذي يشكل أحد الإجراءات الكبرى لحكومة الرئيس ميشال تامر سعيا لإخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية.
وكان المتظاهرون الذين تجمعوا استجابة لدعوة عدد من النقابات وحزب العمال اليساري وبلغ عددهم 35 ألفا بحسب السلطات المحلية ومائة ألف بحسب المنظمين، يرددون «اخرج تامر!».
اندلعت الصدامات حين كانت الحشود تتوافد إلى وسط العاصمة البرازيلية متوجهة إلى قصر «بلانالتو» الرئاسي، حيث تصدت لها الشرطة مستخدمة قنابل مسيلة للدموع، فرد بعض المتظاهرين الملثمين بالرشق بالحجارة. وبعدما اجتاح المحتجون وزارة الزراعة و«تسببوا بحريق في إحدى القاعات»، تم إخلاء المبنى بعد الظهر بحسب الجهاز الإعلامي التابعة للوزارة.
وتشهد برازيليا فوضى عارمة نتيجة تعبئة متصاعدة ضد الرئيس تامر، ما دفع الحكومة إلى نشر الجيش لاستعادة السيطرة على الوضع. وأعلن وزير الدفاع راوول جونغمان للصحافيين «هناك حاليا قوات فيدرالية هنا في قصر إيتاماراتي (مقر وزارة الخارجية) وستصل قوات أخرى لضمان حماية المباني الوزارية».
وفشلت المفاوضات مع المتظاهرين بسبب الفوضى المنتشرة في جوار مبنى الكونغرس، حيث كان بوسع البرلمانيين سماع دوي قنابل صوتية من مكاتب الجمعية التشريعية.
وقال المحلل السياسي في مكتب «هولد» للدراسات أندريه سيزار لوكالة الصحافة الفرنسية إن نشر الجيش في برازيليا هو «إجراء بالغ الشدة يظهر أن الحكومة فقدت أي سيطرة، وهو مؤشر سيئ جدا لديمقراطيتنا».
ويثير هذا القرار مخاوف حتى بين الحلفاء الأساسيين للرئيس تامر، مثل رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي تاسو جريصاتي. وقال جريصاتي «إن وجود قوات ما زال يخيفنا بعض الشيء» في تلميح إلى سنوات الديكتاتورية العسكرية بين 1964 و1985. ويحاول الرئيس الذي يواجه اتهامات خطيرة بالفساد التمسك بالسلطة، ساعيا إلى تفادي تخلي حلفائه السياسيين عنه.
وكانت فرنسيسكا غوميس، وهي حارسة مبنى عمرها 59 عاما قدمت من ساو باولو، تحمل مع ثلاثة من رفاقها نعشا من الكرتون الأسود كتب عليه «ارقد بسلام تامر».
وقالت كما جاء في تقرير الوكالة الفرنسية: «إنها نهاية هذه الحكومة الانقلابية» في إشارة إلى كيفية وصول ميشال تامر (76 عاما) إلى السلطة عام 2016 خلفا للزعيمة اليسارية ديلما روسيف التي أقالها البرلمان بتهمة التلاعب بالحسابات العامة. وتتضاعف منذ الأسبوع الماضي الدعوات إلى استقالته، إثر نشر تسجيل يوحي بأنه يعطي فيه موافقته على دفع رشاوى.
كما يواجه ميشال تامر الذي يرفض الاستقالة رفضا باتا، مخاطر سقوط ائتلافه الحاكم، في وقت أمرت المحكمة العليا بفتح تحقيق وقدمت عدة مذكرات لمحاولة التوصل إلى إقالته.
ويبدي البرازيليون استياء من فضائح الفساد التي تتعاقب في السنوات الأخيرة، وخصوصا فضيحة الفساد الأخيرة الهائلة حول مجموعة «بتروبراس» العملاقة للنفط والتي طاولت قسما كبيرا من الطبقة السياسية. والرئيس متهم على خلفيتها بعرقلة عمل القضاء. وأكدت السيناتورة غليسي هوفمان من حزب العمال لوكالة الصحافة الفرنسية أن «تامر سيسقط. الجميع يقول إن هذه الحكومة باتت ميتة». لكن ماورو بيريرا النائب عن حزب «الحركة الديمقراطية البرازيلية» الرئاسي، رأى أن تامر سيبقى في السلطة بسبب «المخاوف على الاقتصاد البرازيلي». فالأزمة التي تشهدها البلاد قد توقف الإصلاحات الليبرالية التي يدعو إليها الرئيس وتؤخر الانتعاش، ما يثير مخاوف السوق. وشهد الأسبوع الماضي انهيار البورصة والريال عند الكشف عن القضية الجديدة التي تطاول الرئيس.
المدعي العام البرازيلي رودريجو يانوت قال قبل أسبوع إنه يريد التحقيق مع الرئيس ميشال تامر بتهمة الفساد وعرقلة سير العدالة في أعقاب فضيحة رشوة. ويرغب يانوت في التحقيق مع تامر في ثلاث تهم ملموسة هي عرقلة سير العدالة والفساد السلبي والعلاقة بمنظمة إجرامية. وأعطت المحكمة العليا في البلاد الضوء الأخضر الأسبوع الماضي لمثل هذه التحقيقات.
وقدم أصحاب شركة «جيه بي إس» العملاقة لتعبئة اللحوم التي دفعت الرشوة الأشرطة إلى الادعاء العام البرازيلي في إطار اتفاق تفاوضي لتخفيف العقوبة، وفقا لـصحيفة «أو جلوبو». وتشمل الأشرطة لقطات لأحد المقربين لتامر وهو يقبل حقيبة تحتوي على ما يعادل 167 ألف دولار نقدا. ونفى تامر الاتهامات وانتقد التقرير ووصفه بأنه «مؤامرة» ضده. وطالب بإجراء تحقيق سريع ووجه انتقادات إلى الأشخاص الذين سجلوا محادثاته بطريقة غير مشروعة.