الشرطة البريطانية تباشر حملة اعتقالات في تحقيقات هجوم مانشستر

شهد التحقيق حول اعتداء مانشستر تطورا سريعا يوم أمس مع توقيف ثمانية مشتبه فيهم «مثيرين للاهتمام». حيث أوقفت السلطات مشتبها فيهما آخرين في مانشستر (شمال غرب) على صلة بالاعتداء الذي أوقع 22 قتيلا و75 جريحا في المستشفيات مساء الاثنين في ختام حفل موسيقي للمغنية أريانا غراندي، بحسب آخر حصيلة.
وتم توقيف أحد المعتقلين في ضاحية ويثنغتن في مانشستر الكبرى، في حين اعتقل الثاني في وسط المدينة.
وتم الإفراج عن امرأة اعتقلت ليل الأربعاء في حي بلاكلي الواقع شمال مانشستر «دون توجيه اتهامات» إليها.
وكانت اعتقلت السلطات البريطانية ستة رجال يوم الثلاثاء والأربعاء، في حين أوقفت السلطات الليبية والد وشقيق العبيدي في طرابلس. وأعلنت السلطات أن منفذ الاعتداء الذي تبناه تنظيم داعش يدعى سلمان العبيدي (22 عاما)، وهو بريطاني من أصل ليبي.
وقال صديق لأسرة عبيدي، إن الأخير كانت تدفعه «رغبة في الانتقام» لمقتل صديق من أصل ليبي مثله في مايو (أيار) 2016 في المدينة نفسها. وتابع المصدر، الذي رفض كشف هويته، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية تصريحاته، إن صديق سلمان العبيدي توفي بعدما طعنه شبان بريطانيون في مانشستر.
وأضاف: «أثار الحادث شعورا بالغضب لدى الشبان الليبيين في مانشستر، وخصوصا لدى سلمان الذي عبر بوضوح عن رغبته في الانتقام». وقال أيضا «تحدثت إليه شخصيا وحاولت إقناعه بأن الأمر يتعلق فقط بعمل إجرامي».
وأشارت وسائل الإعلام البريطانية إلى أن عبد الوهاب حفيضة، الصديق المفترض لسلمان، تعرض للمطاردة ثم للقتل بأيدي مجموعة من الشبان لا تزال محاكمتهم مستمرة.
وفي أعقاب التفجير، رفعت بريطانيا مستوى التأهب إلى درجة «حرج»، وهي الأقصى؛ ما يوحي بأن وقوع اعتداء جديد هو أمر وشيك.
من جانبه، قال قائد شرطة مانشستر إيان هوبكنز، أمس: إن عملية اعتقال ثمانية مشتبه فيهم ما زالوا قيد الاحتجاز «ذات أهمية» لسير التحقيقات بشأن وجود شبكة وراء الهجوم.
وأضاف هوبكنز، أن عمليات البحث في مواقع عدة في مانشستر ومناطق أخرى أسفرت عن التوصل إلى أمور «مهمة للغاية» تساعد في التحقيقات. وأوضح: «أريد أن أؤكد للمواطنين أن الاعتقالات التي قمنا بها مهمة، وعمليات البحث الأولية للمنشآت كشفت عن أمور نعتقد أنها مهمة جدا للتحقيق».
وعلى صعيد متصل، داهمت الشرطة البريطانية، أمس، منزلا في ويغان بشمال إنجلترا يجري الآن تفتيشه فيما يتصل بالتفجير الانتحاري في مانشستر. واعتقلت الشرطة رجلا في ويجغن، وهي بلدة على بعد نحو 27 كيلومترا إلى الغرب من وسط مانشستر يوم أول من أمس.
وقالت شرطة مانشستر في بيان على «تويتر»: «في أعقاب هذا الاعتقال تمت مداهمة منزل في ويغان هذا الصباح، ويجري تفتيشه في الوقت الراهن».
وتسببت تسريبات للإعلام الأميركي حول التحقيقات في الهجوم باستياء بريطانيا، حيث أعربت شرطة مكافحة الإرهاب عن الأسف للتسريبات الأميركية، معتبرة الأمر «مسيئا» لجهودها.
وأعلنت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي، أنها ستبحث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب المسألة، وأنها ستوضح له أن «المعلومات الاستخباراتية التي تتقاسمها أجهزة بلدينا يجب أن تبقى سرية».
وحول ذلك، قال مصدر بالحكومة البريطانية: إن ماي عبرت بالفعل عن استيائها للرئيس ترمب خلال انتظارهما التقاط الصور الجماعية في قمة حلف شمال الأطلسي في بروكسل.
وكشف مصدر في وحدة مكافحة الإرهاب البريطانية، أمس، عن أن الشرطة أوقفت تبادل المعلومات بشأن التفجير الانتحاري مع الولايات المتحدة بعد أن قال قادة في الشرطة: إن التسريبات تهدد بعرقلة تحقيقاتهم، وفق ما نقلت عنه «رويترز».
وأظهرت صور للشرطة البريطانية نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية صاعقا أمسكه العبيدي على ما يبدو بيده اليسرى، وشظايا معدنية على الأرض الملطخة بالدماء، وبقايا حقيبة ظهر زرقاء ممزقة.
تتيح هذه العناصر التي حللها خبراء متفجرات اتصلت بهم الصحيفة التأكيد أن القنبلة كانت «عنيفة، وفيها شحنة فائقة السرعة، وأيضا قطع معدنية وضعت بعناية ونظام» لإلحاق أكبر عدد ممكن من الأضرار.
وكانت وزيرة الداخلية البريطانية آمبر رود اعترضت على التسريبات أيضا أول من أمس عندما كشفت «نيويورك تايمز» عن هوية الانتحاري قبل 24 ساعة من بيان الشرطة الرسمي.
من جانبه، أكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي يزور أوروبا، الخميس في بيان، أنه يريد «ملاحقة» من يقفون وراء التسريبات حول التحقيق في اعتداء مانشستر، مكررا تأكيد «العلاقة الخاصة» بين الولايات المتحدة وبريطانيا.
وقال الرئيس الأميركي ردا على غضب المحققين البريطانيين من المعلومات الحساسة التي سربها للصحافة نظراؤهم الأميركيون «اطلب من وزارة العدل والوكالات المعنية الأخرى البدء بتحقيق كامل» حول التسريبات التي نشرتها الصحافة و«إذا كان ذلك ملائما، ينبغي ملاحقة المذنبين في إطار كل ما يتيحه القانون».
وأضاف: «ليس هناك علاقة نقدرها أكثر من العلاقة الخاصة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة».
في سياق متصل، من المقرر أن يلتقي وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون بنظيره البريطاني بوريس جونسون غدا في أول زيارة رسمية للأول للمملكة المتحدة، وفق بيان صادر عن الخارجية البريطانية تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه. وأضاف البيان: «الزيارة تأتي تأكيدا على التضامن الأميركي مع بريطانيا في ظل الاعتداء الدامي». وستشمل المحادثات قضايا دولية عدة، وفق البيان. ومن المتوقع أن يحاول الجانب الأميركي إعادة فتح باب التعاون الأمني مع بريطانيا بعد التسريبات.
يذكر أن أجهزة الأمن البريطانية أحبطت 18 مخططا إرهابيا لمتطرفين في المملكة المتحدة منذ عام 2013، منها خمسة عقب هجوم وستمنستر في وسط لندن في مارس (آذار) الماضي.
وأبلغ مصدر لـ«رويترز»، شريطة عدم الكشف عن هويته أن جهاز المخابرات الداخلية البريطاني (إم آي 5) «يدير نحو 50 تحقيقا نشطا تتضمن نحو ثلاثة آلاف عنصر موضع اهتمام في وقت واحد».
وقال المصدر: إن الجهاز يحاول إحباط بضعة مخططات ضد بريطانيا في وقت واحد، مشيرا إلى أن سلمان العبيدي منفذ التفجير الانتحاري في مانشستر كان على لائحته للمراقبة.
وأضاف المصدر قائلا: «كان العبيدي واحدا ضمن مجموعة أكبر من عناصر سابقة كانت موضع اهتمام، والخطر الذي يمثله كان لا يزال قيد المراجعة من (إم آي 5) وشركائه».
وقال: «حين يظهر أحد عناصر الاهتمام السابقة قدرا كافيا من الانخراط مجددا في الإرهاب يمكن أن ينظر (إم آي 5) في إعادة فتح التحقيق، لكن هذه العملية تعتمد بشكل لا مفر منه على اجتهادات مهنية معقدة على أساس معلومات غير مكتملة».