الحريري مفتتحا مشروعات في طرابلس: عدم الاتفاق على قانون للانتخاب معيب

اكتسبت زيارة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إلى مدينة طرابلس أهمية خاصة؛ باعتبارها الزيارة الأولى له إلى عاصمة الشمال، منذ ترؤسه حكومة «استعادة الثقة»، والثانية بعد الانتخابات البلدية التي شكّلت انتكاسة لتيار «المستقبل» وكل القوى السياسية التي تحالفت في تلك الانتخابات، مقابل اللائحة المدعومة من وزير العدل السابق أشرف ريفي، التي سيطرت على المقاعد البلدية، وشكّلت تحدياً سياسياً للحريري، ولكل القوى السياسية في طرابلس.
وإذا كانت جولة الحريري على المشروعات الخدماتية، حملت طابعاً إنمائياً، فإنها في المضمون انطوت على رسائل سياسية، سعى رئيس الحكومة من خلالها إلى استنهاض قاعدته الشعبية في المدينة، التي تعاني إحباطاً جراء الإخفاق في تحقيق إنجازات سياسية أو خدماتية في السنوات الماضية، وهو عبّر عن ذلك، بإعلانه السير بأي قانون انتخابي جديد، وتشديده على أن «الدولة ستكون بخدمة طرابلس وأهلها».
وكان رئيس الحكومة وصل قبل ظهر أمس إلى عاصمة الشمال، وكان في استقباله عدد من الوزراء والنواب والوفود الشعبية، واستهلّ نهاره الطويل بافتتاح المرحلة الأولى من جسر طرابلس، قبل أن يتفقّد المنطقة الاقتصادية الخالصة والمرفأ، والجامعة اللبنانية والمشروعات التي لا تزال قيد الإنجاز، قبل أن يلبي دعوة مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار إلى مأدبة غداء تكريمية.
وقال الحريري في كلمة ألقاها خلال حفل الغداء: «جئت إلى طرابلس لأؤكد أن حكومتي اسمها حكومة (استعادة الثقة)، لأن الناس خلال سنوات الفراغ فقدت الثقة بالدولة، ونحن واجبنا إعادة الثقة بهذه الدولة، وإن رفيق الحريري كان مشروعه الدولة والمؤسسات، وهذه الدولة ستكون في خدمة الناس وليس الناس في خدمة الدولة». وخاطب أهل طرابلس قائلاً: «كل موظف يعمل في هذه الدولة هو في خدمتكم، ومن يفكر غير ذلك فعنواني موجود، ولتقدم شكاوى كائنا من كان هذا الموظف سنتصرف معه، إن كان نحن أو فخامة الرئيس لأن الأوان آن لأن تصل الخدمات من دون واسطة، هذا العمل الذي نقوم به وسننتجه، فهذا كان حلم رفيق الحريري، وحلمي كذلك أن نرى طرابلس كما كانت وأجمل... هذا العمل نقوم به وسنكمل وهذا واجبنا».
وتطرق الحريري إلى قانون الانتخابات، لافتاً إلى أن «الناس يفكرون ماذا سيحصل في الأيام القليلة القادمة، خاصة بموضوع قانون الانتخابات، وأنا سأكرر موقفي، أي قانون انتخاب يسير به سعد الحريري، سواء كان على النسبية أو المختلط، يجب على الأفرقاء الآخرين أن يتنازلوا قليلاً لنصل إلى قانون انتخابات، وأنا لا زلت متأكداً أننا قادرون على الوصول إلى نهايات إيجابية في هذا المجال». ورأى أنه «من المعيب ألا نصل إلى قانون انتخابات في لبنان الذي لطالما تكلمنا عن الديمقراطية». أما في موضوع الموقوفين الإسلاميين، فشدد الحريري على أن «الموضوع مهم جداً. نحن نعمل على قانون العفو وسنصل له إن شاء الله، وسيكون هناك عفو للذي يستحقه».
من جهته، اعتبر السياسي المقرّب من رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي، الدكتور خلدون الشريف، أن «زيارة الحريري إلى طرابلس مرحب بها، لأنه رئيس حكومة كل لبنان، ويفترض أن يكون على اطلاع على حاجات المدينة»، داعياً إلى «صرف مبلغ الـ100 مليون دولار المرصودة لطرابلس منذ حكومة الرئيس ميقاتي». وتوقف عند أهمية «زيارة الحريري للمنطقة الاقتصادية الخالصة، التي ستكون مع مرفق طرابلس منصة لإعادة إعمار سوريا في السنوات القادمة». ورأى الشريف أنه «من المبكر قياس نتائج هذه الزيارة شعبياً، بعد مرحلة الانتخابات البلدية».
وعن إمكانية الوصول إلى تحالف انتخابي بين الحريري وميقاتي في طرابلس، اعتبر خلدون الشريف أنه «من المبكر الحديث عن تحالفات انتخابية»، لافتاً إلى أن «التحالف يحتاج إلى حوار هادئ، وليس ثمة كلام الآن من هذا القبيل بين الطرفين».
أما عضو المكتب السياسي في تيار «لمستقبل» النائب السابق مصطفى علوش، فأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «وجود تيار (المستقبل) راسخ في طرابلس، رغم بعض التراجعات»، مؤكداً أن «الرئيس الحريري بدأ منذ عودته إلى لبنان، بمعالجة أمور أساسية لوقف التدهور على الأرض»، معتبراً أن «سياسته على رأس الحكومة صوبت جزءاً كبيراً من الخلل الذي كان قائماً على صعيد القواعد الشعبية سواء في طرابلس أو باقي المناطق».
وعمّا إذا كانت زيارة رئيس الحكومة لطرابلس، تدخل في سياق دعم «تيار المستقبل» في المدينة، قبل الوصول إلى الانتخابات النيابية، قال علوش: «في السياسة كل الأمور مترابطة، لكن عملياً الرئيس الحريري هو رئيس الحكومة، وهناك مشروعات تنجز من خلال الحكومة، وبالتالي قد يزور أي منطقة أخرى في لبنان وليس بالضرورة حيث يكون له ثقل انتخابي أو بهدف تحسين الوضع الانتخابي لتيار المستقبل».