طهران تتطلع إلى استعادة علاقتها مع القيادة الجديدة لـ {حماس}

سليماني بعث برسالة علنية إلى هنية نشرها الإعلام الإيراني وتجاهلها {الحمساوي}

طهران تتطلع إلى استعادة علاقتها مع القيادة الجديدة لـ {حماس}
TT

طهران تتطلع إلى استعادة علاقتها مع القيادة الجديدة لـ {حماس}

طهران تتطلع إلى استعادة علاقتها مع القيادة الجديدة لـ {حماس}

قالت مصادر فلسطينية إن إيران تعتقد إمكانية استرجاع العلاقة مع حركة حماس وتطويرها، بعد انتخاب قيادة جديدة للحركة، على الرغم من التوتر المكبوت بينهما.
وبحسب المصادر، فإن إيران كانت تراهن على صعود إسماعيل هنية على رأس الحركة، وتمني النفس بصعود العسكر كذلك، ولم تكن ترغب في أي حال من الأحوال في أن يصبح موسى أبو مرزوق على رأس الحركة، بسبب خلافات كبيرة معه، بعد تسريبات اتهم فيها طهران بالكذب فيما يخص دعم المقاومة.
وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن إيران تراهن على دبلوماسية هنية الذي يعد ميالا أكثر للتصالح مع إيران، بعكس رئيس حماس السابق خالد مشعل، كما تراهن على صعود العسكر بقوة إلى مكتب حماس السياسي، باعتبار كتائب القسام حليفا قديما لإيران، وما زال يدفع باتجاه استرجاع العلاقة.
ولم تترد إيران في وقت سابق، في تهنئة هنية فور فوزه برئاسة حماس، على لسان وزير الخارجية محمد جواد ظريف، لكن الرسالة التي نشرتها وسائل الإعلام الإيرانية أمس، للواء قاسم سليماني، قائد وحدة النخبة المعروفة بفيلق القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، التي أرسلها لحركة حماس مهنئا إسماعيل هنية بانتخابه رئيسا للمكتب السياسي للحركة، تشير إلى اهتمام إيراني عال بهنية شخصيا.
وقال سليماني في الرسالة التي نشرتها وسائل إعلام مقربة ومحسوبة على إيران: «نتطلع إلى جهودكم لتجذير المقاومة امتداداً للخط الجهادي لحركة حماس». وأضاف: «نتطلع إلى تعزيز التكامل مع رفاق حماس حلفاء المحور المقاوم لإعادة الألق للقضية الفلسطينية... ونرجو أن يجري على أيديكم كل خير لمصلحة الشعب الفلسطيني المجاهد».
وكان هنية انتخب على رأس حماس في السادس من الشهر الحالي، بعد أيام قليلة فقط من إعلان الحركة وثيقة جديدة، كانت سببا في التوتر مع إيران و«حزب الله» اللذين هاجما ضمناً الوثيقة الجديدة لحماس، عبر تصريحات مختلفة، أبرزها كان لنائب أمين عام «حزب الله» اللبناني، نعيم قاسم، الذي قال: «إذا لم تكن المقاومة من أجل تحرير فلسطين من البحر إلى النهر فلا يمكن أن تنفع، لسنا مع المقاومة التي تمهد للتسوية، ولسنا مع المقاومة التي تقسم فلسطين إلى دولتين، ولسنا مع المقاومة التي تبادل الدم بالأرض، نحن مع المقاومة التي لا تقبل إلا الأرض محررة بالكامل بلا قيد ولا شرط، ليعود الفلسطينيون إلى أرضهم أعزة وكرماء في آن معًا». في إشارة واضحة إلى ميثاق حماس وما تضمنه. وكان ميثاق حماس الجديد، أثار جدلا بعد حذفه اعتبار الحركة جناحا من أجنحة الإخوان المسلمين، كما جاء في ميثاقها القديم عام 1988، وتأكيده أن الحركة تقبل بدولة فلسطينية على حدود 67.
وبحسب المصادر، تريد إيران الاستفادة من واقع حماس المنفصلة عن الإخوان، التي هوجمت كذلك من قبل ترمب الذي اعتبرها حركة إرهابية. لكن لا يبدو أن حماس لم تستجب حتى اللحظة للرغبة الإيرانية بسبب حسابات الربح والخسارة في المنطقة.
وقالت المصادر، إن قيادة حماس الجديدة تود علاقات جيدة مع الجميع، لكنها حذرة من إقحام نفسها، بطريقة أو بأخرى، في الصراع الدائر في المنطقة. ولعل أبرز الدلالات، هو تجنب الحركة أو أي من وسائل إعلامها، الإشارة إلى رسالة سليماني، على الرغم من أنه تمت الإشارة إلى رسائل مماثلة من شخصيات أخرى.
وفشلت محاولات إيرانية سابقة في جلب حماس مجددا إلى محورها، بعدما رفضت الحركة إطلاق مواقف مؤيدة للإيرانيين في سوريا واليمن.
وكانت علاقة حماس بإيران توترت بسبب الخلاف الكبير بين الحركة ونظام بشار الأسد، وقررت إيران بعد ذلك مراجعة الدعم المالي للحركة وقلصته بشكل كبير.
وحاولت إيران لاحقا، استمالة جناح في حماس، وقدمت دعما محدودا للجناح المسلح للحركة. كما حاولت بداية العام الماضي، استقطاب حماس من جديد، إلى جانب حلفائها المركزيين في المنطقة، كالنظام السوري و«حزب الله» اللبناني في مواجهة السعودية، لكن حماس رفضت. وفي أوقات سابقة، شن كتاب ومثقفون ونشطاء في حماس نفسها، هجوما على قيادة الحركة وحتى قيادة القسام، بسبب رسائل تعزية لقادة «حزب الله» الذين قضوا في سوريا، ورفض منتقدو الخطوة ما وصفوه بالتناغم مع أحزاب وفصائل وأشخاص غارقين في الدم السوري.



قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
TT

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)

قال قائد قوات «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران» و«ليست مكاناً للتدخل الأجنبي»، متوعداً إسرائيل بـ«دفع ثمن باهظ»، وذلك في ثالث خطاب له منذ سقوط بشار الأسد وانسحاب قواته من سوريا.

ودعا سلامي إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا؛ في إشارة إلى الإطاحة بنظام الأسد على يد قوى المعارضة، وكذلك القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له سوريا، وقال: «سوريا درس مرير لنا، ويجب أن نأخذ العبرة».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

ودافع سلامي مرة أخرى، عن تدخل قواته في سوريا. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله، في هذا الصدد، «رأى الجميع أنه عندما كنا هناك، كان الشعب السوري يعيش بكرامة؛ لأننا كنا نسعى لرفع عزتهم».

وصرح سلامي في مراسم تقديم جائزة قاسم سليماني: «لم نذهب لضم جزء من أراضي سوريا إلى أراضينا، ولم نذهب لنجعلها ميداناً لتحقيق مصالحنا الطموحة».

وتطرق إلى الهجمات الإسرائيلية التي طالت مواقع الجيش السوري في الأيام الأخيرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقال: «حين سقط النظام السوري، رأينا ما يحدث من أحداث مؤسفة. الصهاينة أصبحوا قادرين على رؤية ما بداخل بيوت أهل دمشق من دون الحاجة إلى أسلحة؛ وهذا أمر لا يمكن تحمله».

وقال: «الآن ندرك أنه إذا لم يصمد الجيش ولم تقاوم القوات المسلحة، فإن البلاد بأكملها قد تُحتل في لحظة»، وأعرب عن اعتقاده بأن «الناس في دمشق يفهمون قيمة رجال المقاومة، ويدركون كم هم أعزاء عندما يكونون موجودين، وكيف ستكون الكارثة إذا غابوا».

وأشار سلامي إلى تصريحات المرشد علي خامنئي بشأن سوريا قبل أيام، وقال: «كما قال قائدنا، فإن سوريا ستحرر على يد شبابها الأبطال، وستدفع إسرائيل ثمناً باهظاً، وستدفن في هذه الأرض».

ورأى أن هذا الأمر «يتطلب وقتاً وصموداً عظيماً وعزماً راسخاً وإيماناً جميلاً»، عاداً ذلك من صفات من وصفهم بـ«الشباب المجاهدين في العالم الإسلامي».

وقال سلامي: «نحن ندافع بحزم عن أمننا واستقلالنا ونظامنا ومصالحنا وتاريخنا وديننا. هذه الأرض ليست أرضاً يمكن للغرباء أن ينظروا إليها بنظرة غير لائقة».

وتحدث سلامي الأسبوع الماضي مرتين إلى نواب البرلمان وقادة قواته. وكان أول ظهور لسلامي الثلاثاء أمام المشرعين الإيرانيين في جلسة مغلقة، لم يحضرها إسماعيل قاآني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، ونقل نواب إيرانيون قوله إن إيران «لم تضعف» إقليمياً.

أما الخميس، فقد تحدث سلامي أمام مجموعة من قادة قواته، وقال: «البعض يّروج لفكرة أنَّ النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».

وتباينت رواية سلامي مع رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، الذي تحدث بدوره الخميس، عن «الاختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، رغم أنه توقع أن يتمكن «حزب الله» من التكيف مع الظروف الجديدة.

جاءت تصريحات سلامي، الأحد، في وقت ركزت وسائل إعلام «الحرس الثوري» على حملتها في تبرير الوجود الإيراني خلال الحرب الداخلية السورية، وكذلك سقوط نظام بشار الأسد وتداعياته على إيران وأذرعها الإقليمية.

بعد صمت دام أكثر من 48 ساعة من قبل الإعلام الإيراني إزاء الاحتفالات التي عمت سوريا، وخصوصاً دمشق، بسقوط النظام، كما لم تنشر أي من الصحف الإيرانية صوراً على صفحاتها الأولى من الاحتفالات، أبرزت عدد من الصحف في المقابل آثار القصف الإسرائيلي على مواقع عسكرية سورية، وصوراً من كبار المسؤولين في تركيا، والمعارضة السورية.

على المستوى الرسمي ألقت إيران منذ أولى لحظات سقوط الأسد، اللوم على الجيش السوري، وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل في سقوط حليفها.

قاآني خلال تشييع الجنرال عباس نيلفروشان في طهران 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

خالي الوفاض

قال النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الملف العسكري في لجنة الأمن القومي، إن «بشار الأسد كان خالي الوفاض ولم يتمكن من كسب رضا الجيش».

وصرح كوثري، وهو قيادي في «الحرس الثوري»، بأن بشار الأسد «فشل في كسب دعم الجيش بسبب افتقاره للموارد وضعف الدعم، ما أدى إلى انهيار الجيش». وأكد أن الاتصال مع إيران استمر حتى اللحظة الأخيرة، لكن بعض المحيطين بالأسد، مثل رئيس الوزراء وبعض قادة الجيش، عرقلوا هذا التواصل.

وأوضح كوثري أن سوريا كانت نقطة عبور وطريقاً مهماً لدعم «حزب الله»، ولكن بعد رفض الحكومة السورية السماح بالدخول، لم تتمكن إيران من التدخل بالقوة. وأضاف أنه خلال فترة «داعش»، دخلت إيران سوريا بناءً على طلب رسمي وساهمت في القضاء على التنظيم، ما حال دون تمدده نحو الحدود الإيرانية.

وتحدث عن الوضع الحالي، مشيراً إلى أن سوريا ما زالت تحت سيطرة «الكيان الصهيوني وأميركا وعملائهم». وبشأن المستقبل، توقع ظهور خلافات «بين القوى التي اجتمعت بأموال أميركية»، مما سيدفع الشعب السوري إلى إدراك الخداع والبحث عن جهات قادرة على تحقيق الأمن وتحسين الاقتصاد.

ملصقات تحمل صورة زاهدي ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي خلال مجلس عزاء في السفارة الإيرانية بدمشق أبريل الماضي (أ.ف.ب)

خسائر «الحرس الثوري»

في سياق متصل، قال الجنرال مهدي فرجي، الذي شارك في الحرب السورية، في حديث لوكالة «فارس»، إن إيران بدأت في إرسال القوات «الاستشارية» منذ 2011، مشدداً على ضرورة «تفسير الأوضاع التي كانت في سوريا حينذاك».

وبرر فرجي وجود إيران بظهور تنظيم «داعش» ومنع وصولها إلى حدود إيران. وأشار إلى دور مسؤول العمليات الخارجية السابق قاسم سليماني، الذي قضى في ضربة أميركية مطلع 2020، وقال: «تنسيق الجيش السوري كان عملاً ذا قيمة كبيرة، حينها لم يكن الجيش السوري ملوثاً إلى هذا الحد، ولكن خلال هذه السنوات العشر، أصبح تأثير العدو على الجيش السوري كاملاً».

كما أشار فرجي إلى الدعم الذي قدمه الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد إلى طهران، في الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات قرن الماضي. وقال: «لقد أرسلت ذخائر بناء على أمر حافظ الأسد»، ونقل عن بشار الأسد قوله: «حافظ الأسد أوصى ابنه بشار قائلاً: طالما أنكم مع إيران، فأنتم موجودون».

وقال فرجي إن الشباب تحت الـ30 شكلوا 90 في المائة من القوات الإيرانية، ونحو 10 في المائة من المحاربين القدامى في حرب الثمانينات؛ في إشارة إلى قادة «الحرس».

وقال إن «الشباب شكلوا أكثر من 90 في المائة من 540 قتيلاً في الدفاع عن الأضرحة».

وهذه أول مرة قيادي من «الحرس الثوري» يشير إلى مقتل أكثر 500 إيراني في الحرب السورية. وهي نسبة أقل بكثير مما أعلنه نائب إيراني الأسبوع الماضي عن مقتل أكثر من ستة آلاف.

وقال النائب محمد منان رئيسي، وهو مندوب مدينة قم، إن إيران خسرت 6000 من قواتها في الحرب الداخلية السورية. وهي أعلى إحصائية يكشف عنها مسؤول إيراني لعدد قتلى القوات التي أطلق عليها مسؤولون إيرانيون اسم «المدافعين عن الأضرحة».

وتعود أعلى إحصائية إلى 2017، عندما أعلن رئيس منظمة «الشهيد» الإيرانية محمد علي شهيدي، مقتل 2100 عنصر من القوات الإيرانية في سوريا والعراق.

ويرفض «الحرس الثوري» تقديم إحصائيات واضحة عن خسائره البشرية والمادية.