تخبط في الدوحة يوتّر علاقاتها العربية

حالة من التخبط عاشتها قطر أمس، بعد تصريحات أطلقها أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مساء أول من أمس، أوجدت حالة من الاضطراب بين الدوحة وجاراتها دول الخليج وفي مقدمتها السعودية، إذ دعا أمير قطر في بيان بثته وكالة الأنباء القطرية الرسمية والتلفزيون الرسمي القطري كلاً من مصر والإمارات والبحرين إلى مراجعة موقفهم المناهض للدوحة، كاشفاً أن الإدارة الأميركية الحالية غير إيجابية، على الرغم من أن قاعدة العديد تمثل حصانة لقطر من أطماع بعض الدول المجاورة.
في المقابل حجبت أمس في السعودية والإمارات ومصر المواقع الإعلامية القطرية الرسمية والمدعومة من قطر مثل قناة الجزيرة ومواقع الصحف الإلكترونية، فيما شنت بعض وسائل الإعلام السعودية والإماراتية هجوماً على قطر، واصفة البيان القطري بأنه يشق الصف العربي والإسلامي.
وبعد نحو ساعتين من إصدار البيان القطري سارع مدير مكتب الاتصال الحكومي في قطر سيف بن أحمد آل ثاني بنفي صحة التصريحات، وقال إن موقع وكالة الأنباء القطرية (قنا) تم اختراقه من قبل جهة غير معروفة حتى الآن، وأنه جارٍ التحقيق في ذلك، بعد حذف البيان من الموقع الرسمي للوكالة.
وعقب ذلك البيان المثير تضاربت الأنباء حول قرار قطري بسحب سفرائها من السعودية ومصر والبحرين والكويت والإمارات، بعد تصريحات الشيخ تميم بن حمد، الذي نشر أيضا عبر وكالة الأنباء القطرية، وأكدته وزارة الخارجية عبر حسابها على «تويتر» الذي أعادت بثه مرة أخرى، لتعود الدوحة بعد ذلك لتفيد بأن الموقع تعرض للقرصنة، فيما أوضح وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أنه «لم يقل سحب أو طرد السفراء، وأن تصريحه أخرج من سياقه».
وكان الشيخ تميم قال في بيان له بثته وكالة الأنباء القطرية الرسمية والتلفزيون الرسمي القطري في حفل تخريج الدفعة الثامنة من مجندي الخدمة الوطنية في ميدان معسكر الشمال صباح أول من أمس إن «بلاده تتعرض لحملة ظالمة، تزامنت مع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى المنطقة، وتستهدف ربطها بالإرهاب، وتشويه جهودها في تحقيق الاستقرار»، التي قال إنها معروفة الأسباب والدوافع، وأضاف: «سنلاحق القائمين عليها من دول ومنظمات؛ حماية للدور الرائد لقطر إقليمياً ودولياً، وبما يحفظ كرامتها وكرامة شعبها».
وقال الشيخ تميم في البيان إن «الخطر الحقيقي هو سلوك بعض الحكومات التي سببت الإرهاب بتبنيها لنسخة متطرفة من الإسلام لا تمثل حقيقته السمحة، ولم تستطع مواجهته سوى بإصدار تصنيفات تجرم كل نشاط عادل»، وأضاف قائلا: «ولا يحق لأحد أن يتهمنا بالإرهاب لأنه صنف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، أو رفض دور المقاومة عند (حماس) و(حزب الله)»، داعياً مصر والإمارات والبحرين إلى مراجعة موقفهم المناهض لقطر، ووقف سيل الحملات والاتهامات المتكررة التي لا تخدم العلاقات والمصالح المشتركة، مؤكداً أن قطر لا تتدخل بشؤون أي دولة مهما حرمت شعبها من حريته وحقوقه.
وذكر أمير قطر أن علاقة بلاده مع الولايات المتحدة قوية ومتينة، رغم التوجهات غير الإيجابية للإدارة الأميركية الحالية، وأضاف قائلا: «مع ثقتنا أن الوضع القائم لن يستمر بسبب التحقيقات العدلية تجاه مخالفات وتجاوزات الرئيس الأميركي»، مبيناً أن قاعدة العديد مع أنها تمثل حصانة لقطر من أطماع بعض الدول المجاورة، فإنها هي الفرصة الوحيدة لأميركا لامتلاك النفوذ العسكري بالمنطقة، في تشابك للمصالح الذي يفوق قدرة أي إدارة على تغييره.
وحول القمة العربية الإسلامية الأميركية التي شاركت فيها قطر بالرياض، دعا أمير قطر إلى العمل الجاد المتوازن بعيداً عن العواطف، وسوء تقدير الأمور، مما ينذر بمخاطر قد تعصف بالمنطقة مجدداً نتيجة ذلك، ليعود مرة أخرى مكرراً أن قطر لا تعرف الإرهاب والتطرف، وأنها تود المساهمة في تحقيق السلام العادل بين حماس الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني وإسرائيل؛ بحكم التواصل المستمر مع الطرفين، مشدداً على أن بلاده ليس لديها أعداء بحكم سياستها المرنة.
وعاد أمير قطر مرة أخرى ليؤكد أن بلاده نجحت في بناء علاقات قوية مع أميركا وإيران في وقت واحد؛ معتبراً أن إيران لها ثقل إقليمي وإسلامي لا يمكن تجاهله، مضيفاً: «ليس من الحكمة التصعيد معها، خاصة أنها قوة كبرى تضمن الاستقرار في المنطقة عند التعاون معها، وهو ما تحرص عليه قطر من أجل استقرار الدول المجاورة».
وفي ختام تصريحه دعا أمير قطر إلى ضرورة الاهتمام بالتنمية ومعالجة الفقر، بدلاً من المبالغة في صفقات الأسلحة، التي تزيد من التوتر في المنطقة، ولا تحقق النماء والاستقرار لأي دولة تقوم بذلك، مشدداً على أن قطر ملتزمة بمواقفها السياسية الراسخة تجاه القضايا العادلة للشعوب العربية، مهما تعرضت لمحاولات تشويه، أو هجمات تستهدف زعزعة موقفها والإخلال بدورها.
إلى ذلك قالت قطر في وقت لاحق أمس إنها ستلاحق وتقاضي المسؤولين عن عملية قرصنة للموقع الرسمي لوكالة الأنباء القطرية (قنا)، مؤكدة أن بعض الدول الشقيقة والصديقة أبدت استعدادها للمشاركة في عملية التحقيق، وذلك في إطار التعاون الدولي في مثل هذه الجرائم.