عباس: نتمسك بحل الدولتين... والمشكلة عدم الاعتراف بفلسطين

تمسك الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمام ضيفه الأميركي دونالد ترمب خلال زيارة الأخير لبيت لحم في الضفة الغربية، بمطلب إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب دولة إسرائيل. وهو حل «الدولتين» الذي تجاهل ترمب ذكره، كما تجاهل ذكر الدولة الفلسطينية من ضمن أشياء أخرى لم يتطرق إليها، وركز في حديثه، على تعزية ضحايا العملية الإرهابية في مدينة مانشستر البريطانية، وعلى محاربة الإرهاب وعقد صفقة سلام تاريخية.
وقال عباس في مقر الرئاسة في بيت لحم، بعدما التقى ترمب لنحو 45 دقيقة، وهي مدة الزيارة المخصصة للأراضي الفلسطينية وسط يومين قضاهما في إسرائيل: «نؤكد لكم مرة أخرى، على موقفنا باعتماد حل الدولتين على حدود 1967، دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل في أمن وأمان وحسن جوار، وحل قضايا الوضع الدائم استنادا إلى القانون الدولي والشرعية الدولية، واحترام الاتفاقيات الموقعة، الأمر الذي يمهد الطريق لتطبيق مبادرة السلام العربية، وفق ما جرى إعادة التأكيد عليه في القمة العربية الأخيرة في الأردن».
وشدد عباس على أن «نيل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله، هو مفتاح السلام والاستقرار في منطقتنا والعالم، حتى ينعم أطفال فلسطين وإسرائيل بمستقبل آمن مستقر مزدهر». كما جدد عباس التأكيد على الالتزام بالعمل مع ترمب «بالتعاون من أجل صنع السلام، وعقد صفقة سلام تاريخية بيننا وبين الإسرائيليين، وعلى استعدادنا لمواصلة العمل معكم كشركاء في محاربة الإرهاب في منطقتنا والعالم».
وأشاد عباس بانعقاد القمة العربية الإسلامية الأميركية وما توصلت إليه من نتائج. وتعمد الرئيس الفلسطيني، إثارة أصل الصراع مع الإسرائيليين، قائلا إنه متعلق بالاحتلال وليس دينيا.
وخاطب عباس ترمب قائلا: «كما شاهدتم، فبالأمس خلال زيارتكم التاريخية للأماكن المقدسة في القدس الشرقية المحتلة، واليوم في بيت لحم، فإن الصراع ليس بين الأديان، فاحترام الأديان والرسل جزء أصيل من معتقداتنا، ونحرص على فتح باب الحوار مع جيراننا الإسرائيليين بأطيافهم كافة، وذلك من أجل تعزيز الثقة وخلق فرصة حقيقية للسلام. مشكلتنا الحقيقية هي مع الاحتلال والاستيطان، وعدم اعتراف إسرائيل بدولة فلسطين، كما اعترفنا بها، الأمر الذي يقوض تحقيق حل الدولتين».
وأثار عباس في المؤتمر الصحافي المشترك مع ترمب، قضية الأسرى الفلسطينيين، التي كان قد أثارها في الاجتماع معه أيضا. وقال عباس لترمب: «على بعد أمتار من هنا، بجوار كنيسة المهد، وفي كل مكان في فلسطين، تعاني أمهات وعائلات الأسرى من عدم تمكينهم من زيارة أبنائهم، فمطالبهم إنسانية وعادلة، وإنني أطالب الحكومة الإسرائيلية بالاستجابة لهذه المطالب الإنسانية المشروعة».
وكان عباس قد عرض على ترمب، نص رسالة من ذوي أسرى التقاهم الاثنين في بيت لحم، ويطالبون بالضغط على إسرائيل من أجل تلبية مطالب أبنائهم.
وتظاهر أمس أهالي أسرى في خيمة الاعتصام في ساحة كنيسة المهد، الأمر الذي أدى إلى إلغاء ترمب زيارة له كانت مقررة إلى الكنيسة، وكذلك إلغاء زيارة زوجته وابنته اللتين لم ترافقاه إلى بيت لحم، بعكس ما كان متوقعا ومعروفا لدى مسؤولين فلسطينيين.
واقتصار زيارة ترمب على لقاء عباس في قصر الرئاسة، اختصر الوقت من نحو 3 ساعات كانت مقررة في البداية، إلى نحو 45 دقيقة فقط.
وكان ترمب قد وصل إلى بيت لحم قادما من القدس، في موكب كبير مؤلف من نحو 60 سيارة. وقد مر الموكب بمحاذاة أبراج عسكرية إسرائيلية وسط بيت لحم، وشاهد الجدار الفاصل الذي يخنق المدينة، وكيف اضطر موكبه للالتفاف مع مسار الجدار شمالا قبل أن يستكمل طريقه إلى مقر الرئيس، وسط إجراءات أمنية مشددة، شابهت إلى حد كبير نظام فرض منع التجول في الشوارع التي يمر بها ترمب.
ولا يعرف إذا كان الرئيس الأميركي قد شاهد رسومات على جدار الفصل العنصري، كانت قريبة من سيارته، بعضها تمجد ليلى خالد، المقاتلة الفلسطينية التي شاركت في خطف طائرات في السبعينات والثمانينات، وأخرى تسخر من الاحتلال الإسرائيلي وتظهر أطفالا يفتشون الجنود الإسرائيليين عند الجدار، وشعارات للحرية.
وقبل وصوله إلى الجدار، مر ترمب بالقرب من فندق «ذي وولد أوف هوتيل» الذي يديره فنان الغرافيتي البريطاني بانكسي، والمصمم لجذب الأنظار إلى الجدار العازل، ومن ثم مر بالأبراج والجدار، فمخيمي عايدة والعزة للاجئين، قبل أن يصل إلى مقر عباس. وتعمد عباس الإشارة إلى الجدار، في مؤتمره الصحافي، قائلا لترمب: «إن تحقيق السلام يا فخامة الرئيس، يتطلب بناء الجسور بدلا من الأسوار داخل أراضينا». وكان عباس قد التقى ترمب في جلسة مغلقة، بعدما استقبله على بوابة قصر الرئاسة، حيث عزف النشيدان الوطنيان الأميركي والفلسطيني، قبل أن يستعرض الرئيسان حرس الشرف أمام قصر الرئاسة.
وأبلغ عباس ترمب مجددا، أنه يريد الانطلاق من حيث انتهت المفاوضات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت، في إشارة إلى ضرورة حسم مسألة الحدود أولا.
وأنهى عباس المؤتمر الصحافي مخاطبا ترمب: «سيدي الرئيس، نتمنى أن يسجل التاريخ أن الرئيس دونالد ترمب، هو الرئيس الأميركي الذي حقق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. سيدي الرئيس أنا أمد يدي لك لأكون شريكا في هذا المسعى النبيل».
لكن ترمب تعمد عدم ذكر حل الدولتين أو الدولة الفلسطينية، ولم يتطرق إلى أي من مطالب الفلسطينيين، بما في ذلك موضوع الاستيطان أو الأسرى أو الاعتراف بحق تقرير المصير. وقال ترمب، إن الولايات المتحدة تتطلع للعمل مع عباس، من أجل تحقيق السلام والنهوض بالاقتصاد الفلسطيني وبناء جهود لمحاربة الإرهاب.
وأضاف: «أنا ملتزم بمحاولة التوصل إلى اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وأنوي القيام بكل ما بوسعي لمساعدتهم على تحقيق هذا الهدف». وتابع: «نؤمن بأن الفلسطينيين والإسرائيليين يمكنهم تحقيق السلام».
وأدان ترمب من بيت لحم الفلسطينية، الاعتداء الذي أوقع 22 قتيلا خلال حفل موسيقي في مانشستر في شمال غربي بريطانيا، واصفا مرتكبيه بمجموعة من «الفاشلين الأشرار».
وقال ترمب: «إن الإرهابيين ليسوا وحوشا بل هم الخاسرون. لم يعد المجتمَع قادرا على أن يكون متسامحا إزاء عمليات سفك الدماء هذه. قُتل أطفال أبرياء بشكل أساسي أثناء الهجوم».
وأضاف: «مات شبان أبرياء كثيرون، على يد خاسرين شريرين. لن أقول إنهم وحوش لأنهم سيحبون هذا المصطلح. فقد يعتقدون أن هذا لقب فخر. منذ هذه اللحظة سأقول إنهم الخاسرون؛ لأن هذه الكلمة ملائمة لهم. عليكم تذكر هذا».
وعبر ترمب عن فرحه لأن عباس انضم إلى القادة العرب في الرياض، وأبلغه باستعداده لمحاربة الإرهاب والآيديولوجية المتطرفة.