البشير يصدر مرسوماً دستورياً بتعيين إسلامي بارز مساعداً له

رئيس الوزراء السوداني يتعهد بوقف الحرب في أول خطاب له أمام البرلمان

البشير يصدر مرسوماً دستورياً بتعيين إسلامي بارز مساعداً له
TT

البشير يصدر مرسوماً دستورياً بتعيين إسلامي بارز مساعداً له

البشير يصدر مرسوماً دستورياً بتعيين إسلامي بارز مساعداً له

أصدر الرئيس البشير مرسوما رئاسيا يقضي بتعيين قيادي إسلامي بارز مساعدا له، فيما تعهد رئيس وزرائه بالعمل على وقف الحرب وجمع السلاح، وتوفير الضمانات اللازمة للمعارضة، مع ترسيخ استحقاقات المجتمع في البلاد، وإتاحة الحريات وحماية المال العام.
وأدى اليمين الدستورية أمام الرئيس عمر البشير أمس، كل من محمد الحسن الميرغني كبيراً للمساعدين، وإبراهيم السنوسي مساعداً، وذلك بعد أن أصدر البشير مرسوماً منفرداً عين بموجبه السنوسي مساعداً، وذلك خارج الحصة التي أقرت لحزب المؤتمر الشعبي، الذي أسسه زعيم الإسلاميين حسن الترابي، فيما أدى كبير المساعدين الميرغني اليمين الدستورية لتخلفه عن أدائها عقب إعلان الحكومة الجديدة، منهياً بذلك جدلاً استمر منذ أسبوعين، وغيابه عن جلسة أداء القسم على الرغم من وجوده في الخرطوم.
وقال رئيس الوزراء بكري حسن صالح، في أول خطاب له أمام البرلمان أمس، إن حكومته تعمل على تنفيذ برنامج من خمسة محاور، يتصدرها ترسيخ قيمة العمل الجماعي، والابتعاد عن التعصب الحزبي والجهوي والفكري، والالتزام بقيم المؤسسية وتنسيق الجهود بين الحكومة والسلطة التشريعية.
وتتمثل المحاور الخمسة التي وعد بأن تقوم حكومته على الالتزام بها في: «صون المال العام، وإعلاء المؤسسية، والتنسيق والتكامل بين الوزارات، وبسط الحريات دون إقصاء».
واعتبر صالح أن «وقف الاحتراب في مناطق النزاعات والتوصل لاتفاقيات سلام ناجحة» واحد من أهم أولويات حكومته، وله أولوية قصوى، إضافة إلى حماية المال العام، وإعلاء شأن المؤسسية وتنسيق أنشطة الوزارات، وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني.
ووفقاً للبرنامج الذي تقدم به صالح للنواب، فإن رفع مستوى المعيشة وأجور الناس يعد واحداً من أهم أولويات برنامج حكومته، بالإضافة إلى خطط لمعالجة وتخفيف الآثار السلبية للأزمات المالية والاقتصادية العالمية على الاقتصاد الوطني، واعتماد استراتيجية تنوع مصادر الدخل ومراجعة القوانين.
ووعد صالح بالعمل على ترشيد الإنفاق الحكومي وزيادة الخدمات والبرامج التنموية، والالتزام ببرامج تقشف فاعلة، بما يرفع مستوى المعاش وتقديم الخدمات للناس، موضحا أن حكومته ستلتزم بالشراكة الدولية التي تسعى لترسيخ دعائم الأمن والسلم الإقليمي والدولي، والعمل بجدية لمكافحة الإرهاب وجرائم غسل الأموال والاتجار بالبشر. وأضاف موضحا أن الدبلوماسية السودانية حققت نجاحات يمكن أن تشكل رصيداً يستند عليه الانفتاح على العالم، وقال صالح بهذا الخصوص: «إنني على قناعة بضرورة المضي قدماً في إطار التوجه الانفتاحي لحشد مزيد من الثقة والتعاون مع المجتمع الإقليمي والدولي».
وشهد السودان منذ أكثر من ثلاث سنوات مباحثات مع قوى سياسية وحركات مسلحة، عرفت بالحوار الوطني، أطلقه الرئيس عمر البشير، وأنهى أعماله في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وأوصى المتحاورون باستحداث منصب رئيس وزراء لأول مرة منذ تقلد الرئيس البشير السلطة في يونيو (حزيران) 1989، وتغيير اسم الحكومة من حكومة «الوحدة الوطنية» إلى حكومة «الوفاق الوطني».
وعين البشير في مارس (آذار) الماضي بكري حسن صالح، نائبه الأول وأحد أقرب قادة الحكم له، رئيساً لمجلس الوزراء القومي، وكون الأخير وزارته في مايو (أيار) الحالي من 31 وزيراً و44 وزير دولة. ويتضمن الطاقم الحكومي نائبين للرئيس، و5 مساعدين، بعد أن انضم إليهم إبراهيم السنوسي، الذي تزعم حزب المؤتمر الشعبي عقب رحيل مؤسسه حسن الترابي.
وباستثناء حزب المؤتمر الشعبي، فإن أحزاب المعارضة الرئيسية ترى في الأحزاب التي تشكلت منها الحكومة «حليفة» لحزب المؤتمر الوطني، وقد نال حصة مهمة في الوزارة تمثلت في وزارتين ووزير دولة، وأضيف للحصة بالمرسوم الصادر أمس منصب مساعد الرئيس.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.