الشرطة الألمانية ترصد ارتباط النشاط الإرهابي بالجريمة المنظمة

دوسلدورف: محاكمة سوري يشتبه بأنه مجرم حرب اليوم

شرطيان أمام ساحة الكسندر ببرلين (د.ب.أ)
شرطيان أمام ساحة الكسندر ببرلين (د.ب.أ)
TT

الشرطة الألمانية ترصد ارتباط النشاط الإرهابي بالجريمة المنظمة

شرطيان أمام ساحة الكسندر ببرلين (د.ب.أ)
شرطيان أمام ساحة الكسندر ببرلين (د.ب.أ)

كان الترابط بين الإرهاب والجريمة المنظمة في السنوات الأخيرة عنوان المؤتمر الذي استضافته ميونيخ لخبراء الجريمة في شرطة الولايات الألمانية. وتوصل المؤتمر، الذي انعقد في نهاية الأسبوع، إلى قناعة بضرورة عدم الفصل بين النشاط الإرهابي والجريمة، لأن شرطة الولايات رصدت نشاطاً محموماً للإرهابيين، لجمع المال عبر التجارة بالمخدرات وتهريب البشر وتهريب السجائر والاحتيال.
وقال يورغ بايزر، رئيس شرطة ولاية بافاريا، إن إرهابيي «داعش» يسعون إلى جمع المال بأسرع ما يكون، وإن ذلك يدفعهم للدمج بين النشاط الإرهابي والجريمة. وأشار إلى أن مصادر تمويل «داعش» السابقة قد نضبت، ولذلك يعتمد التنظيم الآن على جهود «التمويل» الذاتي عن طريق المخدرات والتهريب. وأضاف أن الفصل بين الجريمة والإرهاب «خطأ قاتل»، وأن الجانب الأميركي توصل إلى نفس النتيجة أيضاً.
من ناحيته، دعا البروفسور ارندت سين، من جامعة اوسنابروك الألمانية، أمام المؤتمر إلى وضع حد للفصل في التحقيقات بين الإرهاب والجريمة المنظمة. وقال سين، الذي أصدر كتاباً جديداً بعنوان «ترابط الإرهاب والجريمة المنظمة»، إن «داعش» يركز على كسب المجرمين «الصغار» في الشارع، وعلى شبكات التواصل الاجتماعي.
واعتبر سين حالة الإرهابي التونسي أنيس العامري مثالاً على خطل مقولة الفصل بين الإرهاب والجريمة. وأشار إلى الكشف مؤخراً عن فضيحة تلاعب شرطة برلين بملفات التحقيق التي كانت تكشف تورط العامري بتجارة المخدرات. ووضعت شرطة برلين بين أيدي المحققين في الفضيحة تقريراً يتحدث عن العامري كـ«مجرم» صغير يتعاطى المخدرات بكميات ضئيلة، وهو ما عرقل اعتقاله كتاجر بالمخدرات. وكان يمكن لهذا الاعتقال أن يمنع عملية الدهس التي نفذها ببرلين وأودت بحياة 12 بريئاً.
وعلى هذا الصعيد، كشف وزير داخلية برلين أندرياس غايزل أن شرطة برلين حذفت أيضاً، من ملفات العامري، فيلم فيديو يصوره في إحدى ساحات برلين وهو يتاجر بالمخدرات. وكانت لجنة الشؤون الداخلية في برلمان ولاية برلين ناقشت أمس (الاثنين) مع غايزل فضيحة شرطة برلين في قضية العامري. وأضاف غايزل أن الشرطة مسحت أيضاً من الملفات أسماء أشخاص من محيط العامري معروفين للشرطة كمتاجرين بالمخدرات. واعتبر الوزير هذه الحقائق دليلاً على أن ما حصل في شرطة برلين لم يكن مصادفة.
ووجه غايزل رسالة مفتوحة إلى نحو 23 ألف موظف وشرطي في برلين قال فيها إنهم «ما زالوا يتمتعون بثقته ودعمه, إلا أن تقرير الخبير يرونو يوست، لا يدع مجالاً للتردد في قضية إقامة تحقيق شامل حول الموضوع». ووافق نواب الحزب الديمقراطي المسيحي، بعد تردد، على مقترح من الحزب الليبرالي وحزب اليسار، يؤيدهما الحزب الديمقراطي الاشتراكي، لتشكيل لجنة تحقيق خاصة في فضيحة شرطة برلين. وتم الاتفاق على أن تبدأ اللجنة التحقيقية عملها يوم 3 يوليو (تموز) القادم، وأن تقدم تقريرها النهائي حول الموضوع خلال ثلاثة أشهر. إلى ذلك، يمثل سوري يشتبه أنه مجرم حرب أمام محكمة ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، بمدينة دوسلدورف الألمانية، اليوم بتهمة التعذيب والسلب والنهب في سوريا.
وألقي القبض على السوري (42 سنة) في شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي في الولاية ويقبع منذ ذلك الحين في الحبس الاحتياطي.
وبحسب النائب العام الاتحادي، فإن السوري تولى قيادة ميليشيا لحي في حلب كانت تحارب بجانب الجيش السوري الحر ضد نظام بشار الأسد. ويواجه السوري تهمة قيامه، مع رجاله، باحتجاز ثمانية أشخاص وتعذيبهم بنفسه. ولقي أحدهم حتفه إثر ذلك، وتوفي آخر لأسباب غير معروفة.
وبحسب المحققين، أصبح المتهم وأفراد ميليشياته البالغ عددهم 150 شخصاً على الأقل التابعين لجماعة «غرباء الشام» أثرياء من خلال عمليات النهب التي قاموا بها.
ولم يتم الإعلان عن الطريقة التي جاء بها المتهم إلى ألمانيا. وتتهم الدعوى الجنائية الرجل بارتكاب جرائم حرب وفقاً للقانون الجنائي الدولي وكذلك باختطاف أشخاص بغرض الابتزاز.
وحددت المحكمة، برئاسة القاضي فرنك شرايبر، جلسات استماع تستمر حتى شهر سبتمبر (أيلول). وقد يواجه المتهم عقوبة السجن مدى الحياة.
وكانت محكمة برلين حكمت يوم الجمعة الماضي على الداعشي السوري شعث الم. (19 سنة) بالسجن لمدة خمس سنوات بتهمة الإرهاب والتحضير لعمليات تهدد الأمن العام. وألقي القبض على المتهم في فبراير (شباط) 2016 بعد أن رصدته الشرطة وهو يستطلع حركة المارة ووسائط النقل في ساحة «الكسندربلاتس» ومبنى البرلمان الألماني (الرايخستاغ) وبوابة براندنبورغ ببرلين كأهداف محتملة لعمليات إرهابية. ووصل المشتبه به إلى ألمانيا متسللاً مع اللاجئين في سنة 2015. وقاتل قبل ذلك إلى جانب التنظيم الإرهابي في سوريا. تم تجنيده إلى تنظيم داعش على يد داعية إسلامي في مسجد مدينته في سوريا، وانضم إلى التنظيم الإرهابي في منتصف سنة 2013. وبعد إعداده في دورتين للتعاليم الدينية المتطرفة والسلاح ساهم في الحصار الذي فرضه «داعش» لستة أشهر على مطار مدينة دير الزور السورية. وكان يشارك في دورات الحراسة المفروضة على المطار في دير الزور بشكل منتظم وهو مزود بسلاح كلاشنيكوف. وساهم أيضاً مع إرهابيي «داعش» في فرض الحصار على مدينة دير الزور بين نهاية سنة 2013 وبداية سنة 2014. وتم تكليفه من قبل التنظيم الإرهابي، قبل سفره إلى ألمانيا، في صيف 2015، بمهمة توفير المؤونة والغذاء لمعسكر «داعش» في دير الزور.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».