شوارع بيت لحم تتزين لترمب وتستقبله بإجراءات أمنية غير مسبوقة

شوارع بيت لحم تتزين لترمب وتستقبله بإجراءات أمنية غير مسبوقة
TT

شوارع بيت لحم تتزين لترمب وتستقبله بإجراءات أمنية غير مسبوقة

شوارع بيت لحم تتزين لترمب وتستقبله بإجراءات أمنية غير مسبوقة

بدت الحياة في بيت لحم شبه مشلولة قبل يوم واحد من زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بسبب الإضراب الشامل الذي أعلن تضامنا للأسرى في السجون الإسرائيلية، وعلى مدخل المدينة الشمالي، حيث ينتظر أن يمر ترمب قريبا من الجدار الفاصل قادما من القدس. وقد اندلعت مواجهات عنيفة بين الشبان والجنود الإسرائيليين، فيما أبقى أهالي الأسرى على خيمة التضامن مع أبنائهم في ساحة كنيسة المهد التي لم يتأكد ما إذا كان ترمب سيزورها برفقة زوجته وابنته اللتين قررتا زيارتها، أم لا، بسبب «شكوك أمنية» متعلقة أصلا بالخيمة «المحرجة».
لكن في قصر الرئاسة في بيت لحم، حيث يستقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس ضيفه، بدا حرس الرئيس يسابق الزمن لتغيير معالم القصر، الذي كبرت واجهته الرئيسية فجأة، وزرعت مداخله الجديدة بمزيد من الحواجز الإلكترونية، فيما نبتت أمام بواباته الجديدة أشجار جميلة، وتدفقت بلا مقدمات ينابيع المياه، لتضفي على المكان رونقا آخر.
كان واضحا أن ثمة أمرين يشغلان مؤسسة الرئاسة، هما تجميل القصر وتأمينه بأفضل طريقة، وهو الهاجس الذي شغل كل الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الأيام القليلة الماضية.
وعلى الرغم من أن أي تحركات غير عادية لم يلحظها المواطنون، فإن عناصر الأمن الأميركي سبقوا الجميع إلى بيت لحم، وجابوها بالطول والعرض، وهم يرتدون الزي المدني ويفحصون كل طريق وزاوية وشارع سيمر من خلاله موكب الرئيس الأميركي، ويتفحصون كل مبنى ومؤسسة وتجمع سيمر من جانبه.
وقد فحص الأميركيون بدقة، حتى بواطن الشوارع، وأسماء الساكنين فوقها، الذين يمكن لهم أن يطلوا على موكب ترمب في المدينة التي زينت بيافطة كبيرة طبعتها الرئاسة الفلسطينية، تحمل صورتين واحدة لترمب والثانية لعباس، وكتب عليها «مدينة السلام ترحب برجل السلام»، وهو شعار لم يعجب كثيرين من الذين لا يعتقدون أن ترمب سيميل، على أي حال، لصالح الفلسطينيين على حساب إسرائيل.
ويفترض أن يصل ترمب مبكرا إلى بيت لحم قادما من القدس، من دون أن يعلن أحد ما عن طريق سيره. وقال مصدر أمني فلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، إن الأميركيين فحصوا أكثر من طريقة لوصوله، ووضعوا أكثر من سيناريو، وتركوا الأمر مفتوحا للحظة الأخيرة.
لكن نشرة وزعتها الشرطة الفلسطينية حول إغلاق الشوارع في بيت لحم، تشير إلى أن ترمب سيأتي من القدس إلى بيت لحم عبر الجدار الفاصل، إلا إذا قرر أن يأتي بمروحية من فوق الجدار ويهبط في مقر الرئيس.
وقال المتحدث باسم الشرطة المقدم لؤي أرزيقات، إن الخطة الأمنية تضمنت استنفارا كاملا لكل عناصر شرطة المحافظة، اعتبارا من عصر الاثنين وحتى انتهاء مراسم الزيارة، لتسهيل حركة المواطنين وتأمين حركة المواكب أيضا.
وأضاف، أنه تنظيما لحركة مرور المواكب، فسيجري إغلاق شارع القدس - الخليل بالكامل، ابتداء من الحاجز الشمالي (معبر 300) (حيث يوجد الجدار الفاصل مع القدس)، وحتى مفرق الراضي (إلى ما بعد قصر الرئيس)، فيما سيتم إغلاق شارع المهد (المؤدي إلى كنيسة المهد) بشكل جزئي وآني ولفترات متقطعة وقصيرة أثناء مرور المواكب فقط.
ويعني بيان الشرطة، أنه سيمنع على السيارات بشكل مطلق الدخول إلى الشارع الرئيسي في بيت لحم، الواصل بين الجدار وقصر الرئيس الفلسطيني، طيلة وجود ترمب في المدينة. أما الشارع المؤدي إلى كنيسة المهد، فسيفتح وسيغلق بحسب المواكب، في إشارة إلى زيارة مقررة لزوجة ترمب وابنته إلى كنيسة المهد.
وكان يفترض أن يزور ترمب الكنيسة أيضا، لكن أثيرت شكوك كبيرة لاحقا، بسبب خيمة الأسرى المنصوبة في ساحة باب الدير المقابلة للكنيسة، التي رفض أهالي الأسرى إزالتها، وتنادوا إلى تجمع كبير فيها لإيصال رسالة إلى ترمب.
ولم تحاول السلطة إزالة الخيمة لتتجنب إحراجا كبيرا واتهامات أكبر، كما يبدو أن الأميركيين فضلوا إلغاء زيارة ترمب للكنيسة، على الدخول في مواجهة مع الناس هناك، وأبقوا على زيارة الزوجة والبنت.
ويعني إغلاق الطريق الرئيسي بشكل كامل في مدينة صغيرة، وإغلاق طريق ثان مهم معظم فترات اليوم، خلق أزمة كبيرة هناك.
وفضل الكثير من أصحاب المصالح تجنب الإرهاق ببقائهم في البيوت، وكذلك قرر آخرون ألا يرسلوا أبناءهم إلى المدارس.
وقال تجار لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا طائل من فتح محالهم في شوارع لن تكون مفتوحة للناس، ناهيك بالتضييق الأمني.
وأعلنت مدارس خاصة سلفا، إغلاق أبوابها اليوم، وإن لم تعلن عن سبب ذلك.
ونشرت الشرطة تعليمات بهذا الشأن لسكان بيت لحم، وما هي خريطة الطرق التي يمكن أن يسلكوها كبديل لهم.
وطبعا أعيد ترقيع كل شارع سيمر منه ترمب وأزيلت كل العقبات، ودهنت الأرصفة مجددا، وجرى زرعها بالأشجار، حتى إن بعض سكان المدينة تندروا، على «فيسبوك»، قائلين، إن 3 زيارات أخرى لترمب ستحول المنطقة إلى «دبي» جديدة.
ولا يتوقع أن تطول زيارة ترمب إلى بيت لحم التي سيغادرها عائدا إلى القدس فورا. وبخلاف رؤساء دول أخرى زاروا بيت لحم، سيصل ترمب بسيارته الخاصة، وسط حراسة أميركية، وسيخضع كل شيء يقدم لترمب لفحص أميركي خاص. وفي مرات سابقة، اتضح أن الأمن الأميركي حدد بدقة من هم عناصر الأمن الفلسطينيين الذي سيبقون في المقر الذي يزوره ترمب، كما وضع شروطا لأولئك الذين سيؤمنون الشوارع البعيدة، وحذر من تجمعات قريبة أو أي وجود لمدنيين على نوافذ مطلة على موكب ترمب، وهدد بإطلاق النار.
ومن المتوقع أن تكون بيت لحم اليوم أشبه بمنطقة فرض عليها منع التجول.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».