«ديناميكية جديدة» لمنطقة اليورو... مهمة شاقة تتحملها ألمانيا وفرنسا

محاولات جادة لدائني اليونان للتوصل لاتفاق

جانب من اجتماع لوزراء مال أوروبيين في بروكسل (أ.ف.ب)
جانب من اجتماع لوزراء مال أوروبيين في بروكسل (أ.ف.ب)
TT

«ديناميكية جديدة» لمنطقة اليورو... مهمة شاقة تتحملها ألمانيا وفرنسا

جانب من اجتماع لوزراء مال أوروبيين في بروكسل (أ.ف.ب)
جانب من اجتماع لوزراء مال أوروبيين في بروكسل (أ.ف.ب)

أكد مسؤولون ألمان وفرنسيون عزم بلديهما الإسراع من وتيرة استقرار منطقة اليورو من خلال مقترحات ملموسة، تسفر عن «ديناميكية جديدة» في منطقة العملة الموحدة، وذلك في وقت تأمل فيه الجهات الدائنة لليونان في التفاهم على تخفيف ديون هذا البلد، وتحريك دفعات جديدة من القروض، بعدما تبنت أثينا سلسلة جديدة من الإجراءات التقشفية.
وهذا الاتفاق المنتظر منذ أشهر، يبعد شبح خروج لليونان من الاتحاد الأوروبي الذي طرح مجدداً، وسيشكل بذلك مصدر ارتياح لمنطقة اليورو. وقال مصدر أوروبي لوكالة الصحافة الفرنسية أمس: «هذه المرة سيفعلون ما بوسعهم لتحقيق ذلك»، مؤكداً أنه يتوقع أن تستمر النقاشات التي طالت حتى وقت متأخر أمس، ربما حتى اليوم الثلاثاء.
وقبل ساعات من الاجتماع، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لرئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس أنه يرغب في «التوصل إلى اتفاق قريباً لتخفيف عبء ومدة الدين اليوناني»، وأضاف أن ذلك «يشكل خارطة طريق وزير الاقتصاد برونو لومير».
وهذا الاجتماع لمجموعة اليورو هو الأول لوزير الاقتصاد الفرنسي الجديد، والذي التقي وزير المال الألماني فولفغانغ شويبله صباح الاثنين في برلين. وألمانيا وفرنسا هما البلدان الدائنان الرئيسيان لليونان. كما أن الاجتماع يأتي في وقت تسعى فيه كلتا الدولتين إلى تحقيق «ديناميكية جديدة» في منطقة اليورو، بحسب تأكيدات مسؤولي البلدين.
ويحضر اللقاء وزراء الدول 19 الأعضاء في منطقة اليورو المجتمعين في إطار مجموعة اليورو، وصندوق النقد الدولي، وهم المشاركون في خطة المساعدة الثالثة البالغة 86 مليار يورو، التي منحت لأثينا في يوليو (تموز) 2015.
لكن هذه الخطة تراوح مكانها منذ أشهر، إذ إن الجهات الدائنة لم تتمكن من التوصل إلى اتفاق حول قدرة البلاد على مواجهة دينها العام الهائل الذي يشكل 179 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي.
ويرفض صندوق النقد الدولي، الذي يشعر بقلق عميق، المساهمة في خطة الإنقاذ إذا لم يقدم الأوروبيون إجراءات تسهل تسديد الأموال. وهذه الإمكانية استبعدتها ألمانيا قبل أشهر من انتخابات تشريعية حاسمة... لكنها اعتبرت في الوقت نفسه أن صندوق النقد لدولي لا غنى عنه لمواصلة البرنامج.
ورأى مسؤول أوروبي كبير أن احتمال التوصل إلى اتفاق يرضي المؤسسة المالية الدولية حول هذه القضية الشائكة هو خمسين في المائة. لكن على الجانب الآخر، أكد المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية بيار موسكوفيسي لإذاعة «رفانس إنتر» الأحد: «أعتقد أننا قريبون جداً في الواقع من اتفاق شامل».
وفي حال حدث العكس، يمكن أن تتم الدعوة إلى اجتماع جديد لمجموعة اليورو بسرعة لأن الوقت يضيق، إذ إن أثينا التي يتوجب عليها أن تسدد في يوليو المقبل سبعة مليارات يورو من الديون السابقة، تحتاج إلى أموال. وبلا اتفاق حول الدين، لا يمكن الإفراج عن أي شريحة من المساعدة.
ولإرضاء دائنيها، قدمت حكومة ألكسيس تسيبراس اليسارية إلى البرلمان إجراءات تقشفية جديدة أقرت في 18 مايو (أيار) الحالي، على الرغم من الإضرابات والمظاهرات. ويبلغ مجموع قيمة هذه الإجراءات 4.9 مليار يورو من التوفير عبر اقتطاعات في رواتب التقاعد وزيادة في الضرائب.
وهذه الإجراءات الصارمة لن تطبق في الخطة الحالية التي تنتهي في عام 2018، بل في السنوات الثلاث التالية بين 2019 و2021. ويعترف رئيس الحكومة اليونانية بأن هذه الإجراءات تشكل «تناولات صعبة»، لكنه يؤكد أنها ستساهم في «استقرار البلاد والانتعاش الاقتصادي».
وقال وزير المالية اليوناني اقليدس تساكالاتوس الأحد: «لا أعذار بعد الآن للتردد بشأن مسألة تخفيف الدين»، معتبراً أن بلده «نفذت التزاماتها بالكامل وفي الوقت المحدد». وصرح موسكوفيسي أن الاتفاق يمكن أن يشمل إجراءات لتمديد مهلة الدين أو خفض معدلات فائدته، لكنه أكد أنه «لن يكون هناك حسم أو تخل عن الدين»، لأن «الدول الأعضاء ليست مستعدة لذلك».
وتواجه اليونان التي تعيش تحت إجراءات تقشفية صارمة منذ بدء أزمة الدين في 2010، صعوبة في الخروج من الانكماش. فقد تراجع إجمالي الناتج الداخلي 0.5 في المائة على مدى عام في الربع الأول، بعد نمو معدوم في 2016. وفي حال تم التوصل إلى اتفاق، ينبغي أن يوافق عليه مجلس حكام صندوق النقد الدولي في يونيو (حزيران) على الأرجح. والهدف بعد انتهاء خطة المساعدة الحالية هو عودة اليونان إلى أسواق القروض للحصول على تمويل.
وفي مؤتمر صحافي في برلين، قال وزير المال الألماني بعد محادثات مع نظيره الفرنسي إن «ما قررته الحكومة والبرلمان اليونانيان مهم ويسير في الاتجاه الصحيح». وأضاف أن «الإصلاحات البنيوية حاسمة لتحسين النمو اليوناني».
من جهته، قال لومير إن هدف الرئيس ماكرون هو أن «تبقى اليونان في منطقة اليورو».. إلا أنه أكد أن «كل أعضاء منطقة اليورو يجب أن تمتلك قدرة تنافسية»، لأن الأمر «لا يتعلق بإبقاء بلد في منطقة اليورو لمجرد بقائه» في هذه المنطقة.
وعلى هامش لقاء شويبلة ولومير أيضاً، وأعلن الوزيران أنه من المقرر أن تقدم مجموعة عمل مشتركة مقترحات ملموسة إلى أن ينعقد مجلس الوزراء الألماني - الفرنسي المشترك في شهر يوليو القادم.
ومن جانبه، أشار لومير إلى أن كلتا الدولتين قررتا السعي لتحقيق «ديناميكية جديدة» في منطقة اليورو، وقال: «لا يسير الأمر حتى الآن بالسرعة الكافية ولا في اتجاه مباشر بما يكفي»، مشيراً إلى أن هناك كثيراً من الأمور لا بد من القيام بها، وقال: «وسوف ننجزها سوياً».
وبحسب شويبله، فإن ألمانيا وفرنسا تتحملان «مسؤولية قيادية خاصة» في تعزيز منطقة اليورو. وتعتزم كلتا الدولتين، وهما من أكبر دول الاتحاد الأوروبي، اتخاذ مسار جديد بالنسبة لهيكلة الضرائب على الشركات في أوروبا.
وأشار وزير المالية الفرنسي إلى أنه يتم التحدث عن ذلك منذ أعوام، وقال: «سوف نمضي بذلك الآن بشكل مباشر تماماً إلى الأمام كي يكون هناك أوجه تقدم ملموسة». ووصف وزير المالية الألماني المبادرة الألمانية - الفرنسية المشتركة بأنها «مشروع طموح».



الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة، في وقت متأخر، يوم الخميس، إن الاقتصاد العالمي قاوم الضربات التي تعرَّض لها بسبب الصراعات والتضخم، العام الماضي، وإنه من المتوقع أن ينمو بنسبة ضعيفة تبلغ 2.8 في المائة في 2025.

وفي تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه (2025)»، كتب خبراء اقتصاد الأمم المتحدة أن توقعاتهم الإيجابية كانت مدفوعة بتوقعات النمو القوية، وإن كانت بطيئة للصين والولايات المتحدة، والأداء القوي المتوقع للهند وإندونيسيا. ومن المتوقَّع أن يشهد الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة انتعاشاً متواضعاً، كما يقول التقرير.

وقال شانتانو موخيرجي، رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: «نحن في فترة من النمو المستقر والضعيف. قد يبدو هذا أشبه بما كنا نقوله، العام الماضي، ولكن إذا دققنا النظر في الأمور، فستجد أن الأمور تسير على ما يرام».

ويقول التقرير إن الاقتصاد الأميركي تفوق على التوقعات، العام الماضي، بفضل إنفاق المستهلكين والقطاع العام، لكن من المتوقَّع أن يتباطأ النمو من 2.8 في المائة إلى 1.9 في المائة هذا العام.

ويشير التقرير إلى أن الصين تتوقع تباطؤ نموها القوي قليلاً من 4.9 في المائة في عام 2024 إلى 4.8 في المائة في عام 2025، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك وضعف قطاع العقارات الذي فشل في تعويض الاستثمار العام وقوة الصادرات. وهذا يجبر الحكومة على سن سياسات لدعم أسواق العقارات ومكافحة ديون الحكومات المحلية وتعزيز الطلب. ويشير التقرير إلى أن «تقلص عدد سكان الصين وارتفاع التوترات التجارية والتكنولوجية، إذا لم تتم معالجته، قد يقوض آفاق النمو في الأمد المتوسط».

وتوقعت الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.4 في المائة في عام 2024. وقالت، يوم الخميس، إن المعدل كان من المقدَّر أن يصبح أعلى، عند 2.8 في المائة، ويظل كلا الرقمين أقل من معدل 3 في المائة الذي شهده العالم قبل بدء جائحة «كوفيد - 19»، في عام 2020.

ومن المرتقب أن ينتعش النمو الأوروبي هذا العام تدريجياً، بعد أداء أضعف من المتوقع في عام 2024. ومن المتوقَّع أن تنتعش اليابان من فترات الركود والركود شبه الكامل. ومن المتوقَّع أن تقود الهند توقعات قوية لجنوب آسيا، مع توقع نمو إقليمي بنسبة 5.7 في المائة في عام 2025، و6 في المائة في عام 2026. ويشير التقرير إلى أن توقعات النمو في الهند بنسبة 6.6 في المائة لعام 2025، مدعومة بنمو قوي في الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ويقول التقرير: «كان الحدّ من الفقر العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مدفوعاً بالأداء الاقتصادي القوي. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في آسيا؛ حيث سمح النمو الاقتصادي السريع والتحول الهيكلي لدول، مثل الصين والهند وإندونيسيا، بتحقيق تخفيف للفقر غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق».

وقال لي جون هوا، مدير قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «لقد تجنَّب الاقتصاد العالمي إلى حد كبير الانكماش واسع النطاق، على الرغم من الصدمات غير المسبوقة في السنوات القليلة الماضية، وأطول فترة من التشديد النقدي في التاريخ». ومع ذلك، حذر من أن «التعافي لا يزال مدفوعاً في المقام الأول بعدد قليل من الاقتصادات الكبيرة».