مواجهات في إقليم دارفور بعد أشهر من الهدوء

الخارجية السودانية تطالب المجتمع الدولي بإدانة هجوم المتمردين

مواجهات في إقليم دارفور بعد أشهر من الهدوء
TT

مواجهات في إقليم دارفور بعد أشهر من الهدوء

مواجهات في إقليم دارفور بعد أشهر من الهدوء

اندلعت مواجهات عنيفة بين الجيش السوداني وحركات متمردة في شمال وشرق إقليم دارفور، بعد هدوء نسبي شهده الإقليم طوال الأشهر الماضية. وقالت إحدى الحركتين المشاركتين في الهجوم إنها ألحقت خسائر فادحة في القوات السودانية، فيما قال الجيش إن المعارك ما تزال مستمرة. وطلبت الخارجية السودانية من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ومجلس السلم والأمن الأفريقي والترويكا الغربية والصين وروسيا، إدانة الهجوم الذي وصفته بأنه يستهدف جر الحكومة لخرق وقف إطلاق النار المعلن من جانبها.
وأعلن الجيش السوداني أمس، أنه تصدى لهجومين منفصلين نفذتهما حركتان دارفوريتان، قدمتا من دولتي السودان وجنوب السودان عبر الحدود المشتركة بين الدول الثلاث. وقال في بيان صادر عن الناطق الرسمي باسمه العميد أحمد خليفة الشامي، حصلت عليه «الشرق الأوسط»، إن القوات المسلحة وقوات الدعم السريع نجحت في التصدي لهجوم متزامن من مجموعتين قادمتين من ليبيا ودولة جنوب السودان في شمال وشرق إقليم دارفور.
وأوضح البيان أن الاشتباكات ما تزال مستمرة حتى لحظة صدور البيان، وتابع: «الجيش السوداني نجح في صد العدوان لأن القوات المسلحة والأجهزة الأمنية الأخرى ظلت تراقب عن كثب، تحركات المجموعات المسلحة المرتزقة في دولة جنوب السودان ودولة ليبيا، وهي تعد وتستعد بهدف إجهاض ما تحقق من سلام واستقرار للمواطن في السودان عامة وفي ولايات دارفور خاصة».
وقالت حركة جيش تحرير السودان بقيادة منى أركو مناوي، وهي إحدى الحركتين اللتين قال الجيش السوداني إنهما شنتا الهجوم المتزامن، وإن الجيش السوداني خرق وقف العدائيات المعلن من جانبها، وهاجم قواتها في شمال دارفور.
وأوضحت وفقاً لبيان باسم ناطقها العسكري أحمد حسين مصطفى، أن قواتها تصدت هي الأخرى لهجوم شنته القوات الحكومية في مواقعها جنوب «خط السكة الحديدية»، على «طوف إداري» وأطلقت عليه النار، ما اضطرها للتصدي للهجوم. وأضاف مصطفى: «الحكومة هي من بادرت بإطلاق النار، ورغم التزامنا بوقف العدائيات، فإننا لن نقف مكتوفي الأيدي، وتصدينا لهم بشراسة، ولقناهم درساً لن ينسوه أبداً».
وقطع مصطفى بأن قواته ألحقت خسائر فادحة بالقوات المهاجمة في الأرواح والعتاد والآليات، وتابع: «كبدناهم خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات التي بحوزتهم، ودمرنا معظم الآليات من أسلحة وذخائر وعربات دفع رباعي». من جهته، طالب وزير الخارجية إبراهيم غندور الدول الأعضاء في مجلس الأمن، ودول مجموعة الترويكا الغربية، والصين وروسيا، بإدانة الهجوم الذي وصفه بـ«العدائي»، والذي شنته الحركة المسلحة لزعزعة الأمن والاستقرار في دارفور.
وقال غندور في بيان اطلعت عليه الصحيفة أمس، إن الهدف من الهجوم جر الحكومة لمواجهة عسكرية تجهض وقف إطلاق النار المعلن من جانبها، وتابع أن «قوات حركات التمرد الدارفورية الموجودة في كل من ليبيا ودولة جنوب السودان، التي ظلت تقاتل هناك بصفتها مرتزقة، تحركت عبر الحدود بهدف إجهاض ما تحقق من سلام واستقرار في دارفور، على النحو الذي شهد به مجلس الأمن الدولي، ومجلس السلم والأمن الأفريقي»، وتابع: «هذا التحرك يهدف إلى جر الحكومة لمواجهة عسكرية وإجهاض وقف إطلاق النار المعلن من جانب الحكومة من طرف واحد لأكثر من عام ونصف».
وطلب الوزير من سفراء هذه الدول الذين التقاهم بالخرطوم أمس «نقل ذلك بصورة فورية لحكومات دولهم»، ودعاها لإدانته، مشدداً على أن حكومته ستقوم بواجبها في التصدي للعدوان في الوقت نفسه الذي تواصل فيه مساعيها لتحقيق السلام الشامل.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.