الحوثيون يحاصرون صالح إعلامياً والتوتر يصل إلى «السياسي»

تصاعد حدة الخلافات بين طرفي الانقلاب في صنعاء

الحوثيون يحاصرون صالح إعلامياً والتوتر يصل إلى «السياسي»
TT

الحوثيون يحاصرون صالح إعلامياً والتوتر يصل إلى «السياسي»

الحوثيون يحاصرون صالح إعلامياً والتوتر يصل إلى «السياسي»

تتصاعد حدة الخلافات بين طرفي الانقلاب في صنعاء، مع تفاقم الأوضاع الإنسانية، مع إقصاء سياسي تابع لصالح، بالإضافة إلى عمليات قالت مصادر إنها تمثلت في «نهب منظم تقوم به ميليشيات الحوثي لمؤسسات الدولة ومواردها»، وخاصة جراء الإقصاء المتواصل للقيادات المحسوبة على الرئيس السابق علي عبد الله صالح، في وقت تراجعت فيه القدرات القتالية للميليشيات في معظم الجبهات، وبخاصة إثر سيطرة الانقلابيين على القدرات الصاروخية.
وبحسب مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، فإن معظم الخيارات المتعلقة بالصواريخ، التي نهبتها جماعة الحوثي وأرسلتها إلى صعدة، المعقل الرئيسي لزعيم المتمردين الحوثيين، باتت خارج سيطرة الضباط الموالين لصالح، وبإشراف إيراني مباشر.
وذكرت المصادر أن الصراعات انتقلت إلى داخل الحركة الحوثية، بعد اتهامات لبعض القيادات بالتعامل الإيجابي مع صالح، وتشير المعلومات إلى أن جناح عبد الملك الحوثي أطاح بأحد أبرز قيادات الحركة وهو يوسف الفيشي من عضوية ما يسمى «المجلس السياسي الأعلى»، وهو جهة تضم تحالف الانقلاب (الحوثي - صالح).
وكانت الخلافات بين طرفي الانقلاب وصلت، مؤخرا، إلى ذروتها بتبادل مسؤولين من الطرفين للصفعات على الوجه في الوزارات التي يحتلها الانقلابيون.
وقبل أيام قلائل، منعت جماعة الحوثي، حديثا، طباعة صحيفة «الميثاق» لسان حال حزب المؤتمر الذي يتزعمه شريكهم في الانقلاب على صالح، في وقت تصاعدت فيه حدة الخلافات والتراشق الإعلامي بين الطرفين. واعتبر مراقبون ومحللون سياسيون أن هذه التطورات ومجريات الأحداث ستزيد من تعقيدات الوضع الراهن، خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين.
ويرى السياسي والباحث اليمني، نبيل البكيري، أن الصراع بين جماعة الحوثي وصالح طبيعي في إطار صراع المصالح وزيادة مراكمة المكاسب لدى جماعة الحوثي والتهام مصالح المؤتمرين. وقال البكيري لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الصراع يبقى في دائرة التحكم وعدم الذهاب إلى اقتتال ومواجهة بين الطرفين لأن تحالفهم تحالف الضرورة وكل طرف يستفيد من الآخر، غير أن هذه التداعيات لا شك أنها ستزيد من تعقيدات المشهد اليمني فوق ما هو متصور، وكلما طالت المواجهات دون حسم، تعقد المشهد وزادت تحدياته، وتابع: «من خلال التطورات الأخيرة ومؤشرات سيطرة جماعة الحوثي على كثير من مقاليد الأمور، فأعتقد أنهم في صنعاء أكثر قوة من صالح، بينما صالح خارج صنعاء ربما ما زال لديه بعض القوى المشيخية تسانده».
وكان رئيس تحرير صحيفة «الميثاق»، محمد أنعم، اتهم وزيري الدفاع والإعلام في حكومة الانقلاب، بوقوفهما وراء منع طباعة الصحيفة، قائلا، على مواقع التواصل الاجتماعي، إن صحافيي الميثاق يتعرضون لأسوأ أساليب الترهيب والملاحقة بدعاوى كيدية، حتى وصل الأمر مؤخرا إلى «منع طباعة الميثاق، تحت مبررات كاذبة وابتزازية»، حسب تعبيره.
من جانبه، قال المحلل السياسي وضاح الجليل لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الأمر ليس تطوراً في العلاقة بين قطبي الانقلاب، بل هو جزء من الخلافات المتصاعدة والتربص بينهما، لكن الحوثيين حاولوا بهذا الإجراء الرد على تهديد صالح بفضحهم إعلامياً وشيطنتهم من خلال الإعلام بأن بإمكانهم إيقاف ومنع وسائل الإعلام التابعة له من الصدور أو البث، ما سيفقده القدرة على تنفيذ تهديده أو نياته، وفقا لتعبير الجليل، الذي أضاف: «هذه الخلافات بين الطرفين تتطور يومياً، لكنها لن تصل إلى مرحلة الصدام المباشر بينهما في المدى المنظور، وذلك لأن التحالف بينهما حيوي جداً بقدر ما هو حساس، فهو حيوي لأن كل طرف يحتاج للآخر في مواجهة المقاومة التي أبداها الشعب اليمني لمشروع الانقلاب، والمعركة المباشرة مع الشرعية، وتدخل دول التحالف، وبالتالي فإنهما لن يفرطا بهذا التحالف بينهما في المرحلة الحالية، وهو حساس لأن كل طرف يبيت نيات سيئة للآخر في حال توقُّف الحرب دون القضاء على الانقلاب، أو اضطرار خصومهما إلى الدخول معهما أو أحدهما في تسوية سياسية، وهو ما قد يتطلب من أحدهما التخلص من الآخر، أو إقصاءه والحصول على مراكز نفوذه وقوته، والترتيب لمرحلة ما بعد الحرب التي من المؤكد أن بقاء أحد الطرفين أو كليهما فيها، سيعني استمرار مشروع الانقلاب بأشكال جديدة».



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.