إضراب شامل غداً لمساندة الأسرى الفلسطينيين

اجتماعات مكثفة... وآمال باتفاق قبل زيارة ترمب

جانب من الاحتجاجات التي عرفتها مدينة خان يونس تضامناً مع الأسرى المضربين عن الطعام (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات التي عرفتها مدينة خان يونس تضامناً مع الأسرى المضربين عن الطعام (أ.ف.ب)
TT

إضراب شامل غداً لمساندة الأسرى الفلسطينيين

جانب من الاحتجاجات التي عرفتها مدينة خان يونس تضامناً مع الأسرى المضربين عن الطعام (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات التي عرفتها مدينة خان يونس تضامناً مع الأسرى المضربين عن الطعام (أ.ف.ب)

أعلنت اللجنة الوطنية لإسناد إضراب الأسرى في فلسطين، ولجنة المتابعة العربية العليا في إسرائيل، إضراباً شاملاً مشتركاً غداً الاثنين؛ مساندة للأسرى المضربين عن الطعام، الذين دخلوا أمس يومهم الـ34 في الإضراب، مع تكثيف المحاولات للوصول إلى اتفاق، ينهي الإضراب خلال اليومين المقبلين، قبل وصول الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى القدس وبيت لحم.
وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع في اليوم الـ34 لإضراب الكرامة إن «أكثر من 12 اجتماعاً مكثفاً عقد مع الجانب الإسرائيلي من قبل قيادات فلسطينية، وعلى مستوى عالٍ وبتعليمات من الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، بهدف حماية الأسرى المضربين، ومنع إسرائيل من ارتكاب جريمة بحقهم، والدفع باتجاه الحوار مع قادة الإضراب والاستجابة لمطالب الأسرى العادلة»، مشدداً على أن «جهود القيادة الفلسطينية ما زالت متواصلة».
وأكد قراقع أنه لا مناص أمام حكومة الاحتلال سوى الحوار مع قادة الإضراب، وعلى رأسهم مروان البرغوثي حول المطالب الإنسانية المطروحة، مؤكداً أن الأسرى هم فقط أصحاب القرار. وجاء حديث قراقع ليؤكد ما نشرته «الشرق الأوسط» حول جهود كبيرة للوصول إلى اتفاق قبل وصول ترمب.
وقالت اللجنة الإعلامية لإضراب الحرية والكرامة إن حكومة الاحتلال «نزلت عن الشجرة» بعدما كلفت رئيس «الشاباك» وإدارة مصلحة السّجون بضرورة إنهاء الإضراب قبل زيارة الرئيس الأميركي ترمب للمنطقة، واعتبرت ذلك «رضوخاً واضحاً أمام قيادة الإضراب».
ويحاول الفلسطينيون والإسرائيليون إنهاء إضراب الأسرى قبل وصول ترمب لنزع فتيل التوتر، وعدم تأثير الإضراب على مجريات الزيارة. وبهذا الخصوص قال قراقع إنه «إذا استمر الإضراب حتى زيارة الرئيس ترمب إلى فلسطين، فستكون هذه الزيارة محاطة بوضع غير طبيعي يعيشه الشعب الفلسطيني بسبب القلق الشديد على حياة الأسرى المضربين، وكذلك الغضب الجماهيري نتيجة عدم تجاوب إسرائيل مع مطالبهم».
وطالب قراقع الرئيس الأميركي بالتدخل والضغط «لإيجاد حل عادل لقضية الإضراب على أساس تحقيق مطالب الأسرى واحترام كرامتهم وحقوقهم الإنسانية، لا سيما أن الرئيس الأميركي سيزور كنيسة المهد، وهناك تنتصب خيمة تضامن مع الأسرى في ساحة الكنيسة، حيث قرر أهالي الأسرى توجيه رسالة له للقيام بمسؤولياته في الضغط على الجانب الإسرائيلي بوقف انتهاكاته بحق الأسرى».
وبهذا الخصوص قال قراقع: «أتمنى أن يزورنا الرئيس الأميركي في وضع يسوده الاستقرار، والسلام القائم على تمكين الشعب الفلسطيني من حق تقرير مصيره بالدولة والحرية والاستقلال، وليس في وضع يسوده عنف الاحتلال والمستوطنين، والإعدامات، والقتل العمد، والاعتقالات الواسعة».
وجاء حديث قراقع في وقت تدهورت فيه صحة مزيد من المضربين إثر توقفهم عن شرب الماء. وقالت لجنة الإضراب إن إدارة السجون نقلت مجموعة من الأسرى المضربين عن الطعام إلى مستشفى «برزلاي» بعد شروع عدد منهم بالتوقف عن شرب الماء تدريجياً، ووصولهم لمرحلة صحية صعبة.
كما حذر قراقع من «سقوط شهداء في صفوف الأسرى المضربين الذين تدهورت أوضاعهم الصحية بشكل خطير جداً، وأصبح بعضهم يصارع الموت في ظل الاستهتار الإسرائيلي بصحتهم وحياتهم، والمماطلة الطويلة والمقصودة في الاستجابة لمطالبهم، حيث بدأت تفوح رائحة جريمة قد تقع في أي لحظة بحق المضربين».
وحمّل رئيس هيئة شؤون الأسرى «المسؤولية لحكومة الاحتلال من سقوط أي شهيد بين المضربين، حيث ستكون تداعيات ذلك كبيرة داخل وخارج السجون»، معتبراً أن إجراءات القمع والإذلال، وسياسة إنهاك المعتقلين التي مورست بحقهم منذ بدء الإضراب أدت إلى وصول الأسرى إلى وضع صحي خطير جدا، وأن الزمن أصبح سيفاً مصلتاً على حياة الأسرى، مما يتطلب تحركاً عاجلاً من مجلس الأمن، والجمعية العامة للأمم المتحدة، لوقف مأساة وجريمة قد تقع في أي لحظة.
ويوجد الآن نحو 1300 أسير فلسطيني مضربين عن الطعام منذ الـ17 من أبريل (نيسان) الماضي، ويطالبون بتحسين شروط اعتقالهم.
وعندما بدأ الإضراب التحق به 1500 أسير، لكن 200 تراجعوا لأسباب مختلفة، فيما تقول إسرائيل إن عدد المضربين يصل لنحو 890.
ويريد الأسرى «إنهاء سياسة العزل، وسياسة الاعتقال الإداري، إضافة إلى المطالبة بتركيب هاتف عمومي للأسرى الفلسطينيين للتواصل مع ذويهم، ومجموعة من المطالب التي تتعلق في زيارات ذويهم، وإنهاء سياسة الإهمال الطبي، والسماح بإدخال الكتب والصحف والقنوات الفضائية، إضافة إلى مطالب حياتية أخرى».
ورفض وزير الأمن الداخلي غلعاد أردان، التفاوض مع الأسرى، وقال إنه لن يتفاوض مع «إرهابيين». لكن الأسرى يقولون إنهم مستمرون إلى ما لا نهاية.
ونشرت اللجنة الإعلامية لإضراب الحرية والكرامة أمس، رسالة من الأسير المضرب ناصر أبو حميد جاء فيها: «34 يوماً وما زلنا نتنفّس الحرّية والكبرياء، نسير إلى الموت مبتسمين، ونتربّع على بطانية سوداء هي كل ما تركوه لنا حول كأس ماء وقليل من الملح، نغنّي للوطن، ولربيع الانتصار القادم، عن أجسادنا لا تسألوا فلقد خانتنا وتهاوت منذ أيام، أما أرواحنا وإرادتنا فنطمئنكم أنها بخير، صامدون كما الصّخر في عيبال والجليل، أقسمنا اليمين على أن نواصل حتى النّصر أو الشهادة، وعاهدنا أرواح الشهداء أن لا تكون هذه المعركة إلا شمعة انتصار نضيئها بأرواحنا وأجسادنا على درب الحرية والاستقلال».
وقررت لجنة الإضراب في الأراضي الفلسطينية إعلان اليوم الأحد إضراباً جزئياً، وغداً الاثنين شاملاً في المدن والمخيمات والقرى الفلسطينية كنوع من الإسناد للمضربين، وانضم فلسطينيو الداخل للإضراب، حيث أعلنت لجنة المتابعة العليا، في الداخل غدا الاثنين إضراباً شاملاً في المدن والقرى العربية في إسرائيل، تضماناً وإسناداً للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال. كما تقرر إعلان غد الاثنين كذلك يوماً للغضب الشعبي ضد إسرائيل.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.