أبرز التحديات التي تواجه روحاني على الصعيد الداخلي والخارجي

الرئيس المنتخب حسن روحاني قبل إلقاء خطاب عبر قناة «خبر» الإيرانية بعد تأكيد فوزه في الانتخابات الرئاسية أمس (أ.ف.ب)
الرئيس المنتخب حسن روحاني قبل إلقاء خطاب عبر قناة «خبر» الإيرانية بعد تأكيد فوزه في الانتخابات الرئاسية أمس (أ.ف.ب)
TT

أبرز التحديات التي تواجه روحاني على الصعيد الداخلي والخارجي

الرئيس المنتخب حسن روحاني قبل إلقاء خطاب عبر قناة «خبر» الإيرانية بعد تأكيد فوزه في الانتخابات الرئاسية أمس (أ.ف.ب)
الرئيس المنتخب حسن روحاني قبل إلقاء خطاب عبر قناة «خبر» الإيرانية بعد تأكيد فوزه في الانتخابات الرئاسية أمس (أ.ف.ب)

استطاع الرئيس المنتخب حسن روحاني «تكرار» الفوز في الانتخابات الرئاسية بحصد أكثر من 57 في المائة من مجموع الأصوات إلا أنه يدخل فترة رئاسة ثانية ستكون أصعب على إدارته نظرا لانقسام داخلي بلغ ذروته في أيام الحملات الرئاسية.
وأطلق روحاني شعارات متنوعة خلال الحملات الانتخابية في مشوار الفوز بفترة رئاسية ثانية في حين كان عرضة لسهام منتقديه بسبب الأزمات المتعددة في الداخل الإيراني أبرزها الأوضاع المعيشية وأزمة البطالة.
وتواجه روحاني تحديات أبرزها ملف الحريات الاجتماعية والشعارات التي رددها في الأيام الأخيرة من الحملات الانتخابية حول الانفتاح ورفع القيود وتحسين أوضاع المرأة ومواجهة التمييز وحقوق القوميات غير الفارسية ومواجهة أزمة البطالة والانفتاح على الاستثمار الأجنبي والداخلي فضلا عن مواصلة العمل على مواجهة الأزمة البيئية.
وراهن روحاني في الأيام الأخيرة على تقديم وعود كبيرة لتعزيز الحريات المدنية والاجتماعية تحت شعار «الحرية والأمن والهدوء والتقدم» وذلك ضد هجوم المحافظين تحت عنوان «العجز الإداري والاقتصادي».
أبرز وعود روحاني على صعيد الحريات كان حول حرية الإنترنت ووسائل الإعلام والصحف فضلا عن تعزيز أوضاع حقوق الإنسان. تلك الوعود لاقت ترحيبا من نشطاء المجتمع المدني وهو ما ترجمه ارتفاع نسبة أصوات روحاني مقابل تقليص نسبة الأصوات الرمادية وكان مركز استطلاع «ايبو» أشار إلى نسبة 46 في المائة من الأصوات الرمادية بين الناخبين الإيرانيين قبل أسبوع من موعد الاقتراع.
في نفس السياق، فإن الملف الأكثر حساسية الذي يتعين على روحاني حسمه هو قضية الإقامة الجبرية المفروضة على الزعيمين الإصلاحيين مير حسين موسوي ومهدي كروبي منذ فبراير (شباط) 2011.
وكان أبرز شعارات روحاني المعطلة في انتخابات 2013 إنهاء الحصار على زعماء الحركة الإصلاحية وكانت حملة روحاني في الانتخابات الأخيرة تحولت إلى كرنفال لأنصار الحركة الخضراء وهي ما ضمنت فوز روحاني إلى حد بعيد. وبعد تصويت موسوي وكروبي لصالح روحاني في الانتخابات الحالية فإن عليه إيجاد الحلول لإقناع المرشد الإيراني الذي يرفض أي حوار حول القضية حتى الآن.
وخلال الحملات الانتخابية هاجم روحاني بشكل واسع الحرس الثوري والقضاء وهيئة الإذاعة والتلفزيون ومؤسسة «استان قدس رضوي» أكبر مؤسسة وقفية في البلاد يرأسها منافسه المحافظ إبراهيم رئيسي وهي جميعها أجهزة تعتبر من أهم أذرع المرشد الإيراني علي خامنئي.
وستكون مواجهة روحاني مع القضاء حساسة نظرا لارتفاع وتيرة التوتر بين الجانبين خلال الأسبوعين الماضيين. وكان القضاء للمرة الأولى يتعرض لهجوم واسع من المسؤول الثاني في البلاد واتهم روحاني الجهاز صراحة بالفساد والإهمال في مواجهة الفساد الاقتصادي. تلك التصريحات اكتفى كبار المسؤولين في القضاء بالرد عليها في الوقت المناسب تجنبا «لتشنج الأوضاع في الانتخابات». وكان روحاني قال إن الإيرانيين لا يريدون المتورطين في الإعدامات والسجون على مدى 38 عاما.
وخلال فترته الرئاسية الأولى شهدت علاقاته بخامنئي فترات من التوتر كان آخرها الأسبوع الماضي حول وثيقة اليونيسكو التعليمية للتنمية المستدامة 2030 التي أعلن خامنئي انزعاجه من تطبيقها الصامت بينما أعلن روحاني أنه ماض في تطبيق الخطة وفق المعايير الإيرانية.
وجاءت المواجهة في سياق الخلاف حول العلوم الإنسانية التي يطالب خامنئي بإقصاء المناهج الغربية واستبدال مناهج «ثورية» بها.
وبعد الاتفاق النووي اصطدمت تطلعات روحاني لتشجيع الاستثمار الأجنبي بحائط «سياسة الاقتصاد» المقاوم التي تعبر عن وجهة نظر خامنئي في التعويل على الاقتصاد المحلي.
كذلك اختلف الرجلان حول الاستثمار الأجنبي والداخلي في إيران ويشدد الرجل الأول في النظام على ضرورة تطبيق الشعارات «الثورية» معتبرا الاتفاق النووي محاولة لـ«التغلغل» في البلاد على خلاف ذلك كان يردد روحاني شعارات «التنمية».
وفي الأيام القليلة الماضية قال خامنئي من دون التطرق لاسم روحاني إن «المرشحين تطرقوا لقضايا لا تليق بالنظام».
فيما يتعلق بالحرس الثوري، فإن العلاقة بين إدارة روحاني وتطلعات الحرس الثوري على صعيد التدخلات الإقليمية والمناورات الصاروخية والنشاط الاقتصادي المتمثل بذراعه الاقتصادية مجموعة «خاتم الأنبياء» لم تكن على ما يرام.
وتعتبر علاقة الحكومة بالحرس الثوري والقضاء مقياسا للوقوف على مدى الانقسامات الداخلية خلال التجارب الماضية بين الحكومات والحرس الثوري منذ صعوده إلى المشهد السياسي الإيراني. انتهى شهر العسل بين روحاني والجهاز العسكري بعد أشهر قليلة من توليه الرئاسة في 2013 بعدما احتج روحاني على سيطرة الحرس الثوري على «الرصاص والإعلام والمال».
وإن لم تعلن حكومة روحاني موقفا صريحا يعارض التدخلات الإيرانية في سوريا والعراق إلا أن نسبة كبيرة من المصوتين في انتخابات هذا العام يصنفون ضمن جماعات ترفض استراتيجية قائد فيلق «القدس» قاسم سليماني ومغامراته في المنطقة.
كما أن دور فيلق «القدس» قد يشكل صخرة عثرة أمام تطبيق روح الاتفاق النووي الذي تطالب به الإدارة الأميركية دونالد ترمب أكثر من أي وقت مضى.



الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
TT

الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)

لم تعلق فرنسا رسمياً على المعلومات الواردة من إسرائيل والتي تفيد بأن الطرف الإسرائيلي نقل إلى المبعوث الأميركي آموس هوكستين رفضه مشاركة فرنسا في اللجنة الدولية المطروح تشكيلها، بمشاركة الولايات المتحدة وفرنسا، للإشراف على تنفيذ القرار الدولي رقم 1701 الذي يعد حجر الأساس لوقف الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حزب الله»، كما رفضها الربط بين وقف النار وإيجاد حلول للمشاكل الحدودية بينها وبين لبنان، إن بالنسبة للنقاط الخلافية المتبقية على «الخط الأزرق» أو بالنسبة لمزارع شبعا وكفرشوبا وقرية الغجر.

 

ماذا يريد نتنياهو؟

 

وجاء رفض تل أبيب بحجة أن باريس تنهج «سياسة عدائية» تجاهها، في الإشارة إلى التوتر الذي قام بين الطرفين منذ سبتمبر (أيلول) الماضي وكانت قمته دعوة الرئيس ماكرون إلى وقف تزويد إسرائيل بالسلاح، لكونه «الوسيلة الوحيدة لوقف الحرب»، ما عدّه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو «عاراً» على فرنسا، كما حال اعتبار ماكرون أن ما تقوم به إسرائيل في غزة «مجازر». وجاء قرار الحكومة الفرنسية، مرتين، بمنع شركات دفاعية إسرائيلية من المشاركة بمعداتها في معرضين دفاعيين ثانيهما الشهر الماضي، ليزيد من التوتر الذي تفاقم مع التصرف «الاستفزازي» لعناصر أمن إسرائيليين بمناسبة زيارة وزير الخارجية جان نويل بارو لإسرائيل الأخيرة، وما تبعه من استدعاء السفير الإسرائيلي في باريس للاحتجاج رسمياً على ما حصل.

بيد أن ماكرون سعى لترطيب الأجواء مع نتنياهو من خلال إرسال إشارات إيجابية؛ منها الإعراب عن «تضامنه» مع إسرائيل بسبب ما تعرض له فريقها الرياضي في أمستردام، وحرصه لاحقاً على حضور مباراة كرة القدم بين فريقهما. كذلك لم توقف باريس تصدير مكونات عسكرية لإسرائيل بوصفها «دفاعية»، وتستخدم في إنشاء وتشغيل «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ. كذلك، سمحت مديرية الشرطة، الأسبوع الماضي، بقيام مظاهرة أو تجمع في باريس بدعوة من مجموعات يهودية متطرفة منها. وبالتوازي مع المظاهرة، حصل احتفال ضم شخصيات يهودية من كثير من البلدان تحت عنوان «إسرائيل إلى الأبد»، وذلك رغم المطالبات بمنعها.

بيد أن ذلك كله لم يكن كافياً بنظر نتنياهو. وقال سفير فرنسي سابق لـ«الشرق الأوسط»، إن نتنياهو «وجد فرصة فريدة لإحراج فرنسا، لا بل الحط من قيمتها ومن دورها، وذلك برفض حضورها في اللجنة». ويضيف المصدر المذكور أن باريس «تتمتع بالشرعية الأهم والأقوى» لتكون طرفاً فاعلاً في اللجنة، باعتبار أن جنودها موجودون في لبنان منذ عام 1978، وأنها صاحبة فكرة إنشاء «اللجنة الرباعية» في عام 1996، التي أنهت آنذاك الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، حيث لعب وزير الخارجية الأسبق هيرفيه دو شاريت الدور الأكبر في وقفها. ويذكر المصدر أخيراً أن باريس قدمت مشروعاً لوقف الحرب، منذ بداية العام الحالي بالتوازي مع الجهود التي بذلها هوكستين، وما زال، وأن التنسيق بين الطرفين «متواصل». وأعاد المصدر إلى الأذهان أن ماكرون والرئيس بايدن أطلقا، منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وعلى هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، مبادرة مشتركة لوقف إطلاق النار والخوض في مباحثات لاحقة لتسوية الخلافات القائمة بين لبنان وإسرائيل والعودة إلى العمل جدياً بالقرار الدولي رقم 1701. ولاكتمال الصورة، تتعين الإشارة إلى أن «حزب الله» رفض مشاركة ألمانيا وبريطانيا، علماً بأن الأولى موجودة داخل «اليونيفيل»، لا بل إنها تشرف على قوتها البحرية، ما قد يدفع إلى اعتبار أن نتنياهو رفع «البطاقة الحمراء» بوجه فرنسا، ليبين من جهة حنقه، ومن جهة ثانية قدرته التعطيلية.

 

أوراق الرد الفرنسية

واضح أن رفض باريس من شأنه أن يشكل عقبة إضافية على طريق الحل، خصوصاً أن لبنان سيكون، بلا شك، متمسكاً بحضور باريس في اللجنة وهي الجهة التي يرتاح لها، ولكونها المتفهمة لمواقف الطرف اللبناني. لكن السؤال الحقيقي المطروح يتناول الهدف أو الأهداف الحقيقية لإسرائيل. وفي هذا السياق، ترى مصادر سياسية في باريس أن لنتنياهو عدة أغراض أساسية؛ أولها الإمساك بذريعة من شأنها تأخير الاتفاق وإعطائه الوقت الإضافي لمواصلة حربه على لبنان، والاقتراب أكثر فأكثر من تحقيق أهدافه وأولها مزيد من إضعاف «حزب الله»، واستمرار الضغط على السلطات اللبنانية للخضوع لمطالبه. أما الغرض الآخر فعنوانه «تدفيع ماكرون ثمناً سياسياً» لقبول بلاده في اللجنة، إذ سيكون على فرنسا أن «تستأذن» إسرائيل، وربما دفع باريس إلى تعديل بعض جوانب سياستها إزاء إسرائيل.

وبانتظار أن يرد رد فرنسي رسمي على البادرة العدائية الإسرائيلية، فإن من الواضح أن لفرنسا القدرة على اتخاذ تدابير «مزعجة» لإسرائيل في حال «توافرت الإرادة السياسية»، وفق ما يقوله مسؤول سابق. وتشمل مروحة الردود الجانبين الثنائي والجماعي الأوروبي. في الجانب الأول، يمكن لباريس أن توقف مبيعاتها العسكرية، رغم قلتها، إلى إسرائيل، أو أن تعمد إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية على غرار ما فعلته دول أوروبية أخرى، مثل إسبانيا وسلوفينيا وآيرلندا. وبمستطاع فرنسا أن تعبر عن موقف مماثل لموقف هولندا إزاء القرار الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية بالقبض على نتنياهو، وعلى وزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.

وحتى اليوم، بدت ردة فعل باريس «باهتة» و«غامضة» فهي «أخذت علماً» بقرار المحكمة، وهي تؤكد تمسكها بعملها المستقل وفق أحكام نظام روما الأساسي، فضلاً عن ذلك، بإمكان باريس أن تلجأ إلى لغة دبلوماسية أكثر حزماً في إدانة الممارسات الإسرائيلية بغزة والضفة الغربية ولبنان، بما في ذلك استهداف المواقع الأثرية. وبالتوازي، يقول المسؤول السابق إنه «لا يمكن إغفال ما تستطيعه باريس على المستوى الأوروبي» مثل الدفع لوقف الحوار السياسي مع تل أبيب، أو لاتخاذ تدابير إضافية ضد الصادرات الإسرائيلية من المستوطنات في الضفة الغربية وتركيز الأضواء، مع آخرين على حل الدولتين.