برلين تختار المواجهة مع أنقرة بدلاً من الدبلوماسية

تبحث عن بديل لقاعدة إنجرليك ووزيرة الدفاع الألمانية ستزور «موفق السلطي» الأردنية

صورة وزعتها القوات المسلحة الألمانية تظهر مقاتلة من طراز «تورنيدو» في قاعدة إنجرليك حيث منعت من القيام بطلعات جوية (إ.ب.أ)
صورة وزعتها القوات المسلحة الألمانية تظهر مقاتلة من طراز «تورنيدو» في قاعدة إنجرليك حيث منعت من القيام بطلعات جوية (إ.ب.أ)
TT

برلين تختار المواجهة مع أنقرة بدلاً من الدبلوماسية

صورة وزعتها القوات المسلحة الألمانية تظهر مقاتلة من طراز «تورنيدو» في قاعدة إنجرليك حيث منعت من القيام بطلعات جوية (إ.ب.أ)
صورة وزعتها القوات المسلحة الألمانية تظهر مقاتلة من طراز «تورنيدو» في قاعدة إنجرليك حيث منعت من القيام بطلعات جوية (إ.ب.أ)

منذ أن منحت ألمانيا حق اللجوء السياسي للعسكريين الأتراك، المتهمين بالمشاركة في الانقلاب، تكون برلين قد تخلَّت عن الدبلوماسية في التعامل مع أنقرة. ومَهَّدت حكومة أنجيلا ميركل لهذا التحول السياسي بأن رفضت علناً، وعلى لسان رئيسة الحكومة، السماح بإجراء استفتاء بين الأتراك المقيمين في ألمانيا حول العودة إلى حكم الإعدام في القانون التركي.
وواضح أن عصر الجليد في العلاقات التركية الألمانية قد بدأ منذ إقرار البرلمان الألماني قراراً يدين العثمانيين في المجازر ضد الأرمن. واختارت المستشارة ميركل سياسة «الصدر الرحب» مع تركيا، تمسكاً منها باتفاقية اللاجئين مع تركيا، رغم شعورها بالتعرض للابتزاز طوال الفترة الماضية.
وكما في الأشهر الماضية، اختار الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بدوره المواجه مع حكومة برلين في تصعيد لم يسبق له في العلاقات المتوترة بين البلدين. وبعد الاتهامات التي ساقها إردوغان لألمانيا بـ«النازية»، قرر للمرة الثالثة منع البرلمانيين الألمان من زيارة قاعدة إنجرليك التركية حيث يتمركز سرب طائرات «تورنادو» الألماني الذي يشارك في التحالف الدولي ضد الإرهاب. وهذا بدوره، دفع وزارة الدفاع الألمانية للبحث عن بديل لقاعدة إنجرليك في الأردن. وهذا رغم عضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي، ورغم أن ألمانيا مكلفة من الحلف بتسليح الجيش التركي.
وكانت تركيا قد منعت وفود البرلمان الألماني من تفقد الوحدة الألمانية في إنجرليك بعد قرار البرلمان إدانة جرائم الدولة العثمانية ضد الأمن باعتباره «إبادة». إلا أن حكومة إردوغان سمحت فقط لوزيرة الدفاع أورسولا فون دير لاين بزيارة الوحدة المشرفة على حركة طائرات تورنادو الاستطلاعية فوق العراق وسوريا والمؤلفة من 200 عسكري. وينتظر أ يشكل البرلمان الألماني وفداً من مختلف الكتل البرلمانية لزيارة قاعدة إجرليك في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، إلا أن حكومة أنقرة رفضت ذلك منذ الآن.
وعلى هذا الأساس قررت وزيرة الدفاع أورسولا فون دير لاين الاضطلاع بدور المواجهة تاركة لوزير الخارجية زيغمار غابرييل مواصلة خطه الدبلوماسي، إذ قررت فون دير لاين زيارة الأردن بحثاً عن بديل لقاعدة إنجرليك في نهاية الأسبوع المقبل، في وقت يجري فيه غابرييل مباحثات في الولايات المتحدة، مع إدارة الرئيس دونالد ترمب، حول التوسط في الخلاف بين برلين وأنقرة.
ويفترض أن تزور الوزيرة قاعدة موفق السلطي في مهمة تفتيشية لاختبار مدى صلاحيتها كقاعدة لسرب طائرات تورنادو والعسكر المشرفين عليه. وستجري الوزيرة فون دير لاين مفاوضات مع الحكومة الأردنية حول موضوع القاعدة في العاصمة عمان. وذكرت مجلة «دير شبيغل» أن فون دير لاين ستنتهز فرصة حضورها «المنبر الاقتصادي العالمي» على البحر الميت للحوار مع الجانب الأردني.
وقالت فون دير لاين للقناة الثانية في التلفزيون الألماني (زدف) مساء الأربعاء الماضي إنها تبحث عن بدائل لقاعدة إنجرليك التركية. وأضافت أنها ستتحدث مع العاهل الأردني الملك عبد الله حول الموضوع في نهاية الأسبوع. وأردفت أنه يجب أن يكون البرلمان قادراً على زيارة المجندات والمجندين الألمان في أي قاعدة يحلون فيها.
وعن موقف الحكومة الألمانية من الوفد البرلماني، أكدت الوزيرة أن الجانب التركي أوضح بأن الوحدة الألمانية هي «جيش برلماني». وأشارت إلى أنها ستطرح تقريرها حول آخر التطورات مع تركيا في الاجتماع الاعتيادي للبرلمان الألماني بعد أسبوعين من الآن.
على الجانب الدبلوماسي طالب وزير الخارجية الألماني زيغمار غابريل دعم الحكومة الأميركية في موقفها تجاه تركيا. وفي حديثه مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون، قال غابرييل إنه ينتظر أن تستخدم واشنطن «إمكانياتها» للحدث مع الجانب التركي حول خلافه مع الجانب الألماني في الموقف من قاعدة إنجرليك. وأكد زيغمار غابريل، مساء الأربعاء، أن حكومته تنظر في إمكانية نقل الوحدة الألمانية من إنجرليك إلى الأردن بسبب رفض أنقرة السماح للوفد البرلماني الألماني بتفقد عسكرييها هناك.
وطالب حزبا الخضر واليسار في البرلمان الحكومة الألمانية بسحب القوات الألمانية من قاعدة إنجرليك في الحال. وقال أندريه هونك، من حزب اليسار، إن الحكومة التركية منعت زيارات البرلمان الألماني لوحدة أواكس الألمانية العاملة في مطار كونيا أيضاً.
وأضاف أن الوزيرة فون دير لاين تبحث فقط عن بديل لقاعدة إنجرليك، وتنسى أواكس في كونيا، وهذا يلقي بظلال من الشك على جدية الحكومة الألمانية في التعامل مع القضية.
ولا يبدو أن حلف شمال الأطلسي يود التدخل في النزاع بين عضوي الحلف تركيا وألمانيا في قضية قاعدة إنجرليك. ونقلت صحيفة «راينشه بوست» الواسعة الانتشار عن ضابط في حلف الناتو قوله إن «قضية إنجرليك تتعلق بالعلاقات الثنائية المتبادلة بين الطرفين، ونأمل أن يجري حلها بالحوار». وأضاف المتحدث أن جميع أعضاء حلف الناتو مهتمون بالمشاركة في الحرب ضد «داعش».

جولة لوزير الخارجية الألماني في أميركا والمكسيك
> يقوم وزير الخارجية الألماني زيغمار غابريل حالية بجولة في الولايات المتحدة والمكسيك. محادثات غابريل في واشنطن تناولت الأزمة الأوكرانية والحرب في سوريا والنزاع في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى تحرير التجارة وحماية المناخ، وذلك في ضوء قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى المقرر عقدها الأسبوع المقبل في إيطاليا.
ودعا غابريل خلال فعالية ألمانية - أميركية إلى «أجندة جديدة لضفتي الأطلسي»، وقال في خطابه: «الولايات المتحدة أوروبا قويتان معاً، وليس بمفردهما». كما دعا غابريل إلى توزيع عادل للأعباء بين الدول، مؤكداً ضرورة أن تتولى أوروبا المزيد من مسؤولية الأمن في جوارها، موضحاً أنه لا ينبغي ترك هذا المجال للولايات المتحدة وروسيا. ومن المنتظر أن تواصل الولايات المتحدة خلال قمة الناتو في بروكسل حثها الشركاء الأوروبيون في الحلف على إنفاق المزيد من الأموال على الدفاع. ويعتبر غابريل هدف الناتو بإنفاق 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على القوات المسلحة غير واقعي. تجدر الإشارة إلى أن ألمانيا تنفق حاليا 1.2 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».