وفاة منسق «حركة التغيير» في كردستان العراق

نوشيروان مصطفى عُرف بتواضعه ومحاربته للفساد

TT

وفاة منسق «حركة التغيير» في كردستان العراق

توفي، أمس، القيادي الكردي نوشيروان مصطفى، منسق حركة التغيير في كردستان العراق، بعد صراع طويل مع المرض، حسبما قال المتحدث باسم الحركة شورش حاجي.
وكان نوشيروان مصطفى، في رحلة علاجه الثانية إلى بريطانيا، وبقي فيها حوالي 8 أشهر، قبل أن يرجع إلى السليمانية في كردستان العراق في الـ13 من الشهر الحالي، ليودع أهله ومحبيه الوداع الأخير، صباح أمس.
وأضاف المتحدث باسم حركة التغيير أن جثمان الراحل نوشيروان مصطفى سيُوَارى الثرى اليوم في هضبة «زركتة» بالسليمانية، حيث يوجد المقر السياسي والإعلامي لحركته، وذلك حسب وصيته قبل وفاته. وسيقام مجلس العزاء على روحه، اليوم، هناك أيضاً، وفي جامع الصواف بمدينة أربيل غداً.
وبدأ مصطفى، المولود في عام 1944 بمحلة سَرشقام في مدينة السليمانية، حياته السياسية في بداية الستينات من خلال الانضمام إلى اتحاد طلبة كردستان، ومن ثم أصبح عضواً في أمانة الاتحاد في عامي 1963 و1964، وبعد ذلك عضواً في فرع السليمانية للحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مصطفى بارزاني عام 1967.
وكان نوشيروان، المتخرج في كلية العلوم السياسية بجامعة بغداد عام 1967، معروفاً بحبه لشعبه وتفانيه في النضال في سبيل الحقوق الكردية المشروعة؛ فبعد أن حصل على شهادة الماجستير في القانون الدولي في النمسا، وكان بصدد كتابة أطروحته للدكتوراه، دعاه زميله في النضال السياسي، الرئيس العراقي السابق، جلال طالباني إلى العمل معا لإعادة الحياة لحركة التحرر الكردية عام 1975، بعد أن تسببت اتفاقية الجزائر بنكسة كبيرة للنضال الكردي ضد النظام البعثي الحاكم في العراق، فلم يتردد مصطفى في تلبية الدعوة، تاركاً دراسة الدكتوراه، وتوجه إلى العاصمة السورية دمشق، حيث بدأ مع طالباني وآخرين التحضيرات وإعلان الاتحاد الوطني الكردستاني.
والقيادي الكردي الراحل، بالإضافة إلى بروزه وحنكته في عالم السياسة، كان له باع طويل في عالم الصحافة والثقافة والفكر والأدب، وكان يتقن، مع لغته الأم الكردية، اللغات العربية والفارسية والألمانية والإنجليزية، وكان صاحب امتياز مجلة «رزكاري» عام 1969، في حين لم يكن قد تجاوز الـ25 من عمره. وله كتب كثيرة في مجالات السياسة والتاريخ والأدب، أشهرها سيرته السياسية وشهادته لمراحل النضال في حركة التحرر الكردية منذ تأسيس الاتحاد الوطني الكردستاني حتى قبل أعوام قليلة خَلَت، والتي تقع في حوالي أربعة أجزاء.
وشغل مصطفى منصب نائب الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني حتى عام 2006، إذ ترك العمل السياسي داخل هذا الحزب ليؤسس في عام 2007 مجموعة «ووشه - الكلمة» الإعلامية. وقبل الانتخابات التشريعية عام 2009 أسس حركة التغيير ليدخل المعترك الانتخابي بقائمة مستقلة تحت اسم حركة «التغيير»، التي كان المؤسس والمنسق العام لها منذ تأسيسها وحتى وفاته. وكان معروفاً عن مصطفى حب الناس واحترامهم له، كونه لم تتلطخ أياديه بالفساد وسرقة أموال الشعب، وقد جمع في حركته جمعاً من الشباب والمثقفين الذين ينتمون بفكرهم إلى توجهات سياسية مختلفة من اليمين واليسار، ومن خلفيات قومية وشيوعية وإسلامية معتدلة.
وكان بعض محبيه يلقبونه لشدة تواضعه بـ«غاندي» أو بـ«مانديلا» الكرد، وغَيَّر الآلاف من مؤيديه صورهم التعريفية على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، مثل «فيسبوك»، بصور نوشيروان مصطفى، وقدموا التعازي لبعضهم بعضاً.
يُذكَر أيضاً أن مصطفى، فارق الحياة بينما لم تمرّ على وفاة شريكة حياته وأم أولاده (نما وجيا وجرا)، شعلة علي، في السليمانية، سوى شهرين.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.