«الاتحاد الوطني» و«التغيير» يتنافسان للسيطرة على معقل مدينة طالباني

السليمانية في انتظار عودة الرئيس العراقي خلال شهر

جلال طالباني
جلال طالباني
TT

«الاتحاد الوطني» و«التغيير» يتنافسان للسيطرة على معقل مدينة طالباني

جلال طالباني
جلال طالباني

صورة كبيرة وسط مركز المدينة للرئيس العراقي جلال طالباني وما تبقى من أعلام حركة «التغيير» في الحملة الانتخابية، هما المظهران السياسيان الوحيدان المعلنان في مدينة السليمانية والتي لا تزال معقل الاتحاد الوطني الكردستاني حسب تأكيد أحد كوادر الحزب الذي يتزعمه طالباني، على العكس مما يصر عليه كوادر وأنصار حركة «التغيير» (كوران) بزعامة نشيروان مصطفى، من أن «السليمانية اليوم معقلنا وغدا ستكون كل مدن كردستان العراق معاقلنا».
المدينة التي تنتظر منذ أشهر عودة راعيها طالباني من رحلة العلاج التي طالت في ألمانيا تعيش حياتين، على مسارين، السياسي المحتقن للغاية بسبب تفوق حركة «التغيير» في الانتخابات البرلمانية الكردستانية التي جرت قبل أكثر من ستة أشهر، وما يقال عن تقدمهم أيضا في انتخابات برلمان العراق التي جرت نهاية الشهر الماضي، وبسبب الأنباء المتضاربة عن صحة زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني وعدم وضوح الرؤية بصدد قيادة هذا الحزب الذي بقي يشكل القوة الكردية الموازية أو الثانية للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني.
وحسب مقرب من الرئيس طالباني فإنه سيعود خلال شهر من الآن، مضيفا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يجب أن يعود منذ عدة أشهر مضت حسب رغبته، وقد تم تهيئة مستلزمات عودته ولكننا نعتقد بأن موضوع العلاج، وربما موضوع سياسي غير معلن أجل هذه العودة»، مشيرا إلى أن أخبار الرئيس طالباني شحيحة ولا يصلنا منها سوى ما يتسرب عن طبيبه الخاص نجم الدين كريم، القيادي في الاتحاد ومحافظ كركوك والمصرح له بالحديث عن أنباء صحة الرئيس، وهو غالبا ما يؤكد عن تقدم العلاج وأن الرئيس طالباني سيعود قريبا.
لكن آزاد، أحد الكوادر المتقدمة في حزب طالباني قال لـ«الشرق الأوسط» إن «على الاتحاد أن يفكر ويعمل ويرسم استراتيجياته لمرحلة ما بعد طالباني، وأعتقد أن الإعلان عن هذه المرحلة سيتم بعد عودته من ألمانيا»، هذا الكلام يعد جرأة من أحد كوادر الاتحاد، إذ إن قياديي الحزب وكوادره غالبا ما يؤكدون أن صحة زعيمهم جيدة، وأنه القائد للاتحاد وليس هناك من يصرح بغير هذه التوجهات التي قد تنطلق من تعليمات حزبية مشددة أو من تفاؤل حقيقي بعودة طالباني سالما لقيادة الحزب.
يضيف آزاد، الذي رفض نشر اسمه كاملا، قائلا إن «موضوع قيادة الاتحاد يجب أن تحسم وإلا فقدنا المزيد من رصيدنا وسط صراع قوي بيننا وبين حركة التغيير التي انشقت عنا وصارت تنمو بسرعة على الرغم من أن الاتحاد واعتمادا على تاريخه النضالي ودوره المشهود له بالقتال خلال الثورة الكردية إلى جانب الحزب الديمقراطي الكردستاني، فلا يزال هو القوة الكردية الثانية بعد الديمقراطي وتأتي حركة التغيير ثالثة رغم تقدمها في الانتخابات.
ويوضح آزاد أسباب ما يعتقده من التقدم الذي أحرزه الاتحاد في الانتخابات البرلمانية العراقية في كركوك والسليمانية وأربيل، بأنها تعود إلى إبعاد القيادة الحالية عن الواجهة، وعدم الموافقة على المشاركة في حكومة الإقليم منفردين بالإصرار على مشاركة المعارضة في هذه الحكومة، معتبرا «دخول حركة التغيير منفردة إلى الحكومة وليست كجبهة معارضة اضعف موقفها».
وأشار هذا الكادر المتقدم في الاتحاد الوطني الكردستاني إلى أنه «كان على حركة التغيير أن تتفاهم مع الاتحاد والدخول معا لمفاوضات الحكومة».
من جهته أكد دانا، وهو كادر متقدم في حركة التغيير لـ«الشرق الأوسط» أنه ليس من مصلحتنا أو مصلحة كردستان إضعاف الاتحاد الوطني الذي هو الحزب الأم لحركتنا، لكننا حريصون على كشف مواقع الخلل والفساد في الاتحاد أو عند الديمقراطي والحكومة من أجل مصلحة شعبنا الكردي، مشيرا إلى أن موقعنا اليوم كقوة ثانية وفاعلة في إقليم كردستان تمكننا من لعب دور مؤثر لتصحيح مسارات الحكومة التي سنشارك بها بفاعلية وإحداث التغيير الذي هو عنوان حركتنا.
وأضاف دانا: «لقد حققنا تقدما واضحا في مدينة السليمانية التي هي اليوم معقل حركتنا ولم تعد معقل الاتحاد، كما حققنا تقدما ملموسا في معاقل الديمقراطي خاصة في أربيل ومناطق أخرى لم يكن أحد يتصور أن نحرز فيها أي تقدم»، موضحا أن مشكلة الأحزاب السياسية العراقية وضمنها الكردية بأنها تعطي الوعود فقط ولا تنفذ، أما استراتيجية حركتنا فهي التنفيذ الفعلي لبرامجنا وهذا ما أكسبنا قاعدة جماهيرية واسعة وعلينا أن نحقق لجماهيرنا التي منحتنا ثقتها وأصواتها ما وعدناها به من إنجازات تصب في صالح تقدم حياتهم الاقتصادية وخصوصا محاربة البطالة والفساد.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.