أبعاد مهمة ومواضيع استراتيجية في زيارة ترمب

تفاوتت الآراء السياسية الأميركية حول زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى السعودية غدا السبت، والتي اعتبرها البعض من خلال مقالاتهم في وسائل الإعلام التقليدية أو الحديثة أنها فرصة لمعرفة توجه الرئيس ترمب حول شركائه الخليجيين، ورؤساء العالم الإسلامي والعربي، إضافة إلى تعزيز الشراكات والتحالفات مع أكثر من 55 رئيس دولة إسلامية حول العالم.
واعتبر البعض منهم أن اختياره السعودية المحطة الأولى لزيارته الخارجية قبل لقائه قادة الحلف الأطلسي تعد خطوة ذكية، إذ يحمل في حقيبته المتجهة إلى الشرق الأوسط كثيرا من الملفات الاقتصادية، السياسية، والأمنية، مشيرين إلى أن خطابه الذي سيلقيه في العاصمة الرياض سيكون بمثابة خريطة طريق في تعامله السياسي مع العالم الإسلامي، ومواجهة الإرهاب والتطرف.
يؤكد الدبلوماسي الأميركي ريتشارد هاس الرئيس السابق لمركز السياسات والتخطيط في وزارة الخارجية الأميركية، أن زيارة الرئيس ترمب إلى السعودية هي بمثابة تطمينات يبعثها الرئيس لحلفائه في المنطقة، الذين يتطلعون إلى تعاون أميركي للوقوف ضد إيران والانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، إضافة إلى دعم قوى التحالف بقيادة السعودية في اليمن لدعم الشرعية، دون المشاركة الأميركية في الحرب.
ولفت إلى أن إسرائيل، أيضا، تبحث عن طمأنة، ومن المحتمل أن يضغط القادة هناك على الرئيس للإيفاء بوعده ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وهي خطوة يمكن أن تثير العنف وتحد من الفرص الصغيرة للمصالحة الإسرائيلية الفلسطينية، معتبراً أنه في «بعض الأحيان يتصرف الناس بشكل عفوي بأعمال يتندمون عليها لاحقاً ليست من صالح البلد أو سمعتهم، إلا أنهم يتراجعون ويأخذون في الحسبان أمورا أخرى وهو ما يقوم به ترمب في كثير من الأحيان».
بدوره، قال جون ألترمان نائب رئيس مركز الأبحاث الاستراتيجية والدراسات العالمية، إن قادة دول مجلس التعاون الخليجي يعتقدون على المستوى الاستراتيجي أن الرئيس ترمب لديه أولوياته المشتركة معهم مثل عداء إيران.
وأشار ألترمان في مقالة له على موقع مركز الأبحاث الاستراتيجية والدراسات العالمية، إلى أن قادة الخليج يريدون الشعور بالحب الأميركي، والمشاركة معهم في الهم المشترك في ملفات القضاء على الإرهاب، ومحاربة التنظيمات الإرهابية، والتعاون الاقتصادي والعسكري، مبيناً أن المحبة الأميركية ليست الدور الأبرز أو الأهم وإنما أيضاً المشاركة الفعلية في قضايا المنطقة، والقيادة على عدة مستويات.
من جهته، أوضح سيمون هيندرسون مدير برنامج الخليج والطاقة في معهد واشنطن للدراسات والأبحاث، أن الجولة الأولى للرئيس ترمب الخارجية، تحمل طموحا كبيرا من حيث الجغرافيا (الرياض والقدس وبيت لحم وروما وبروكسل وصقلية) وسياسة (الإرهاب وإيران والشرق الأوسط السلام، الناتو، والاقتصاد العالمي)، إذ من المقرر أن يلقي خطابا عن الإسلام: «وهذا حقل ألغام محتمل لأن كثيرا من المسؤولين في الحضور سيعترفون بلا شك بأن الإسلام دين سلام ولا علاقة له بالإرهاب إلا أن خطاب ترمب في 28 من فبراير (شباط) أمام الكونغرس ينص على حماية الشعب الأميركي من الإرهاب الذي اعتبره».
ونوّه هيندرسون إلى أنه لا تزال هناك خلافات حول كيفية خلط السياسات المناهضة لـ«داعش» مع مستقبل سوريا، والتهديد المستمر لـ«لقاعدة» في المناطق التي لا قانون لها مثل اليمن، التي يدّعي بعض كبار المسؤولين السعوديين بشكل لا يدع مجالا للشك أن تنظيم داعش و«القاعدة» يسيطر عليهما إيران الذي سيشهد انتخابات رئاسية عشية زيارة ترمب إلى السعودية.
وفي الرياض يرى الدكتور زهير الحارثي، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى السعودي، أن زيارة ترمب للسعودية جاءت نتيجة عمل دبلوماسي سعودي تراكمي أثمر ليس فقط قيام الرئيس الأميركي، لأول مرة في التاريخ بزيارة دولة عربية أو إسلامية في أول زيارة خارجية له، بل أيضا إعادة الحيوية للعلاقة التاريخية والاستراتيجية ما بين البلدين والتناغم حول قضايا المنطقة.
وأشار الحارثي خلال حديثه مع «الشرق الأوسط» للجهد الكبير الذي بذله الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد السعودي، منذ زيارته لواشنطن مارس (آذار) الماضي، ما عكس فاعلية الدبلوماسية السعودية وحضورها على المسرح الدولي في الآونة الأخيرة.
واعتبر أن الرسالة الأهم في القمة العربية الإسلامية الأميركية، ستعزز التأكيد على أنه لا علاقة للأديان بالإرهاب، وأن جميع الأديان تتبرأ من هذه الأفعال الشيطانية للجماعات الإرهابية، وسيؤكد دعمه في هذا الإطار للتحالف الإسلامي العسكري، ودعم جهود المملكة في مواجهة الإرهاب.