التحالف الوطني منقسم على نفسه ويبحث عن مخرج لـ «مشكلة المالكي»

ائتلاف دولة القانون.. هل سيعود إلى الصدارة مجددا؟

موظفون في مفوضية الانتخابات العراقية يواصلون عد وفرز الأصوات في كركوك أمس (رويترز)
موظفون في مفوضية الانتخابات العراقية يواصلون عد وفرز الأصوات في كركوك أمس (رويترز)
TT

التحالف الوطني منقسم على نفسه ويبحث عن مخرج لـ «مشكلة المالكي»

موظفون في مفوضية الانتخابات العراقية يواصلون عد وفرز الأصوات في كركوك أمس (رويترز)
موظفون في مفوضية الانتخابات العراقية يواصلون عد وفرز الأصوات في كركوك أمس (رويترز)

طبقا للتوقعات بشأن مسار العد والفرز في الانتخابات البرلمانية العراقية، التي جرت في الـ30 من شهر أبريل (نيسان) الماضي, فإن ائتلاف دولة القانون (وهو الكتلة الأكبر ضمن التحالف الوطني الشيعي) سوف يعود إلى الصدارة مجددا.
وطبقا للتوقعات، فإن زعيم الائتلاف ورئيس الوزراء نوري المالكي سوف يكون في الصدارة، على صعيد الحصول على أكبر عدد من الأصوات. المالكي كان قد حصل خلال انتخابات عام 2010 على نحو 600 ألف صوت في بغداد, يليه زعيم العراقية إياد علاوي، الذي حصل على نحو 400 ألف صوت. لكن الأمور قد تختلف الآن.
فطبقا لتسريبات مقصودة، فإن إحدى وكالات الأنباء قالت إن المالكي حصل حتى الآن على نحو مليون صوت, وهو ما يعني تقريبا ضعف ما حصل عليه خلال عام 2010.
فيما أبلغ مصدر رفيع المستوى «الشرق الأوسط» (شريطة عدم كشف اسمه) أن «هناك تعليمات داخلية صدرت من قبل حزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي, وكذلك لأنصار دولة القانون بأن يجري التصويت حصرا في بغداد إلى المالكي الذي يحمل التسلسل رقم واحد في قائمته الانتخابية».
وأضاف المصدر أنه «في مقابل ذلك، فقد جرى تسريب أنباء مقصودة أيضا بعدم حصول بعض القيادات البارزة في حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون إلا على أصوات قليلة لا تتناسب مع (حجومهم) القيادية، من أمثال حسن السنيد، رئيس لجنة الأمن والدفاع, وصلاح عبد الرزاق محافظ بغداد السابق, وحيدر العبادي رئيس اللجنة المالية، وهو ما يعني أن هناك توجها لتكريس زعامة المالكي ومنحه الرمزية القيادية التي تجعله المرشح الأوحد لدولة القانون، حتى لو حاولت أطراف أخرى منح منصب رئاسة الوزراء لشخصية أخرى غير المالكي من دولة القانون, حيث إنه لا ينبغي في هذه الحالة النظر إلى من يحصل على 300 صوت أو 150 مع من يحصل على مليون صوت».
وهذه القضية تبدو الآن في غاية الإحراج لأطراف التحالف الوطني، ولا سيما قوتيه الرئيستين بعد دولة القانون، وهما المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم, والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر. فبينما منحوا أصواتهم عام 2010 للمالكي بوصفه مرشح الكتلة البرلمانية الأكبر, آنذاك، لكي يتولى دورة ثانية في رئاسة الحكومة, فإنهما اليوم يصران على عدم التجديد له حتى إنهما أبلغا إيران ذلك علنا وبكل وضوح. ولم يبق إذن من رهان سوى الانتخابات وصناديق الاقتراع.
وفي الوقت الذي يصعب فيه على أي طرف تشكيل الحكومة دون تحالفات، فإن القوى الشيعية لا تريد خسارة ما تسميه «البيت الشيعي» عبر اسمه الرسمي «التحالف الوطني»، الذي بات مهددا الآن بسبب مشكلة اسمها «نوري المالكي».
لكن عضو البرلمان العراقي والناطق الرسمي لكتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري جواد الجبوري يقول في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «التحالف الوطني كمؤسسة أكبر من الأشخاص, وبالتالي فإن العمل الآن جارٍ من أجل ترسيخ التحالف الوطني, كمؤسسة وطنية لا حزبية ولا شخصية، وهذه رغبة كل مكونات التحالف الوطني ربما باستثناء دولة القانون التي لم نعرف توجهها الحقيقي بعد، على الرغم من أن لدينا شعور بأن هناك من بين قيادات التحالف الوطني من ترى ضرورة أن تجري إعادة هيكلة التحالف الوطني بما يتناسب مع المرحلة المقبلة».
ويضيف الجبوري قائلا إن «الحوارات الجارية الآن بين مكونات التحالف الوطني، التي سوف تتبلور من خلال اجتماع قريب, لهيئته السياسية الأسبوع المقبل, تستند على ترسيخ كل ما هو إيجابي والابتعاد عن كل ما هو سلبي خلال المرحلة الماضية, مع الأخذ بعين الاعتبار ترسيخ المؤسساتية وعدم صناعة رمزية معينة لهذا الشخص أو ذلك».
وردا على سؤال بشأن إصرار ائتلاف دولة القانون على اعتبار المالكي المرشح الأوحد، وكيف يمكن لقوى التحالف الوطني تخطي هذه الإشكالية، قال الجبوري إن «المالكي ليس هو المشكلة الأكبر داخل التحالف الوطني، بل أستطيع القول إنه جزئية يمكن عبورها لأننا ولا حتى الإخوان في دولة القانون يؤمنون بصناعة الرمز الذي تخطته الأحداث والوقائع، وبالتالي فإن ما نريده هو طرح مرشح التحالف الوطني وفق أسس معنية، وانطلاقا من حواراتنا مع الأطراف الأخرى، وبالتالي فإن أي صوت داخل التحالف الوطني يصر على قناعة معينة، ويسعى لتخطي هذا الإجماع، فإنه سيكون صوتا نشازا بكل تأكيد».
وبشأن ما إذا كانت حواراتهم مع الأطراف الأخرى, مثل «متحدون» و«التحالف الكردستاني» و«الوطنية» سوف تكون مصدر قوة لهم في مواجهة إصرار دولة القانون على المالكي, قال الجبوري: «بلا شك أن كل تلك القوى أعلنت (الفيتو) ضد التجديد المالكي, وهي مسائل لا يمكن تخطيها، والأهم أننا لا يمكن أن نقف عند مسائل شخصية», وعدّ أن «إصرار دولة القانون سوف يعقد المشهد السياسي ويعرقل مهمة إقالة الحكومة في وقت سريع مثلما يتمنى الشعب».
من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون صادق اللبان في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط» أن «دولة القانون تعول كثيرا على التحالف الوطني بالدرجة الأولى, وهناك نقاشات وحوارات جارية بهذا الاتجاه، غير أن طموحنا يتمثل في تشكيل حكومة أغلبية سياسية، وهو ما نتحاور من أجله مع كتل سياسية مختلفة تؤمن بما تعمل عليه دولة القانون».
وبشأن إصرار مكونات التحالف الوطني على إقصاء المالكي من رئاسة الحكومة المقبلة، قال اللبان إن «صناديق الاقتراع هي الحكم, وكل المؤشرات تعطي دولة القانون أرجحية كبيرة كما تعطي المالكي أرجحية كبيرة، ونحن لا نزال نطمح في أن يكون التحالف الوطني هو من يختار رئيس الوزراء استنادا إلى نتائج الانتخابات، فإننا نتوقع أن تتشكل إرادات سياسية جديدة حتى داخل الكتل المختلفة من أجل الاتفاق على برنامج محدد لتشكيل حكومة الأغلبية التي لا تهمش أحدا».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.