إسرائيل ترفع السرية عن أرشيف حرب 1967

كشفت عن تحذير وزراء من خطورة الاحتلال في أيامه الأولى

دبابات مشاركة في القتال خلال حرب 1967 («غيتي»)
دبابات مشاركة في القتال خلال حرب 1967 («غيتي»)
TT

إسرائيل ترفع السرية عن أرشيف حرب 1967

دبابات مشاركة في القتال خلال حرب 1967 («غيتي»)
دبابات مشاركة في القتال خلال حرب 1967 («غيتي»)

بمناسبة الذكرى الـ50 لحرب الأيام الستة، سمحت الحكومة الإسرائيلية أخيرا بنشر بروتوكولات سرية للجنة الأمنية، بينت أن كثيرا من الوزراء المدنيين في الحكومة آنذاك اعترضوا على الحرب أصلا، لكن عندما احتلت إسرائيل مساحات واسعة من الأرض المصرية والسورية والأردنية (الضفة الغربية في حينه)، حذروا بشدة من الاحتلال وخطورته على مصالح إسرائيل. لكن الوزراء من ذوي التكوين العسكري أسكتوهم وحسموا الأمر، وبنوا نموذجا للاحتلال الطويل الأمد.
وخلال النقاش قبيل الحرب ساد خلاف بين تيارين: أحدهما يمثله رئيس الوزراء ليفي إشكول، يرى أن الحرب غير ضرورية، ويعتقد أن مصر لم تقصد الحرب عندما أغلقت مضيق تيران، بل أرادت تهديد إسرائيل وأنه من الممكن التفاهم معها عبر طرف ثالث. والتيار الثاني هو تيار الجنرالات الذي اعتبرها بالمقابل فرصة لتوجيه ضربة قاصمة للجيوش العربية.
ومما كشف النقاب عنه أمس، خطاب كان قد ألقاه رئيس الحكومة الأسبق أرئيل شارون، وكان يومها قائدا لكتيبة المدرعات في جيش الاحتياط، لكي يقنع الحكومة بإعلان الحرب. قال فيه إن «قوات الجيش مستعدة بشكل غير مسبوق، وتستطيع تدمير وصد الهجوم المصري. هدفنا لا يقل عن التدمير الشامل للقوات المصرية. وبسبب التردد والمماطلة في الوقت فقد قدنا عامل الردع الأساسي الذي امتلكناه، وكان هذا هو ما يخيف الدول العربية منا».
وتابع شارون موضحا «فهمت من أسئلة الوزراء أنه يسود الخوف من عدد الخسائر. ألا يمكن إبادة الجيش المصري ومواجهة الأردنيين والسوريين. ويوجد مبرر أخلاقي للقيادة التي تقرر الخروج إلى حملة ترتبط بعدد أكبر من الخسائر. ومنذ حرب 1948 لم نواجه مثل هذا الوضع الخطير، ولذلك فإن هذه الحملة تنطوي على عدد أكبر من الخسائر، ويجب أن نخوضها لأنه لا مفر من ذلك. أنا أيضا أجلس منذ أسبوعين مع القوات، والشعب الذي يقف من خلفنا هو شعب رائع. لم أشهد مثل هذا التجاوب الذي يصل من جهة الشعب الآن. الجيش مستعد أكثر من أي وقت للحرب... وكل محاولة للتأثير على تأجيل موعد الهجوم، على أمل أن نتلقى مائة دبابة أخرى، ستكون بمثابة خطأ من الدرجة الأولى».
وفي اليوم الثالث لحرب الأيام الستة، اتضح لإسرائيل حجم انتصارها، لكنه اتضح لها أيضا بأنها تواجه مشكلة في السيطرة على السكان العرب في الضفة الغربية وقطاع غزة. وبعد انتهاء المعارك في 15 يونيو (حزيران) 1967، عقدت جلسة للمجلس الوزاري، تم التكتم على مضمونها واعتبارها «بالغة السرية». وتخبط رئيس الحكومة والوزراء خلالها فيما يجب عمله. وقد تقرر بالإجماع ضم القدس إلى تخوم إسرائيل، وأعلن رئيس الحكومة ليفي إشكول بأن المناطق «المحررة» ستخضع للحكم العسكري. وتمحورت الأسئلة التي تم طرحها حول سكان الضفة الغربية والمثلث. ومن بين المقترحات التي طرحت كان الإعلان عن المثلث كمنطقة حكم ذاتي، إلا أن مناحيم بيغن، الذي دخل كوزير في حكومة الوحدة القومية، عارض ذلك. وقال رئيس الحكومة ليفي إشكول حول المقترحات المختلفة «مهما كان شكل النظام في الضفة، فإنه يمنع منح المواطنة الإسرائيلية لسكانها، أي أنه لا يتم منحهم بأي شكل من الأشكال حق التصويت للكنيست. لقد أصابنا الذعر جراء إضافة 1.2 مليون عربي، سيتزايدون ويتكاثرون (عدد سكان إسرائيل في حينه كان 3 ملايين نسمة)».
وتم تقديم ثلاثة اقتراحات: منحهم مكانة سكان، وبعد سبع سنوات مناقشة مسألة مواطنتهم، أو فرض حكم عسكري من دون منح مكانة للسكان، بل تقديم الخدمات المطلوبة لهم فقط، أو منح مكانة لسكان المثلث، تنبع من الحكم الذاتي وضم بقية السكان إلى إسرائيل. وأوضح بيغن من جهته أن «أرض إسرائيل الغربية لنا كلها. فلماذا تخافون من قول ذلك. نحن من تعرض للهجوم... يحظر علينا تسليم شبر من أرض إسرائيل لسلطة أجنبية، وكل ذكر لاقتراح بإقامة دولة فلسطينية بهذه الطريقة أو تلك سينزل علينا كارثة».
وواصل بيغن قائلا: «لن نسلم القدس! سنحتفظ بمدينة الآباء لنا. وكذلك ببيت لحم مع قبر راحيل. يتضح أننا على استعداد لتسليم المثلث. فمن هذه التلال قصفوا تل أبيب، ويمكن تخريب نتانيا وتقسيم أرض إسرائيل إلى قسمين. لذلك من العبث الموافقة على ذلك أو التلميح لذلك. أنا أقترح التفكير بنظام كهذا: لا يمكن لهم جميعا الحصول على المواطنة. سنمنحهم مكانة سكان. وهكذا تكون لهم كل الحقوق. هناك من سيحصلون على المواطنة بعد سبع سنوات. فماذا سنفعل خلال هذه السنوات السبع؟ يجب عدم الفزع من حقيقة أنه لن تكون لدينا غالبية يهودية. يجب الاهتمام بأن لا يتحولوا إلى أغلبية، ويجب الإكثار من جلب المهاجرين، وإحضار مهاجرين من روسيا، وتشجيع الولادة».
وفي وثائق أخرى جاء أنه في اليوم الثاني لحرب الأيام الستة، عقدت في مقر قيادة الجيش في تل أبيب جلسة للجنة الوزارية للشؤون الأمنية. وكانت التقارير التي وصلت من الجبهة غير مستوعبة. «فقد تم تدمير سلاح الجو المصري بشكل شبه كامل، والجيش الإسرائيلي تقدم في سيناء من دون أي إزعاج تقريبا، والبلدة القديمة في القدس خضعت للحصار. وقال رئيس الحكومة ليفي إشكول في بداية الجلسة إن هذه الأيام تاريخية بكل ما يعنيه ذلك لشعب إسرائيل وللشعب اليهودي».
لكن البروتوكولات السرية لمناقشات اللجنة الوزارية في فترة الحرب، والتي يجري كشفها لأول مرة اليوم، تدل على أن هذا الشعور لم يكن سائدا لدى كل وزراء الحكومة. ففي تلك الجلسة حذر وزير التعليم والثقافة زلمان أران، المشاركين في الجلسة من الأبعاد المستقبلية للانتصار الضخم. وقال: «يا سادتي، من جهة يأتي رئيس الحكومة ويطرح فكرة أنه ربما نتيجة لهذه الحرب سيتم تحديد علاقات سلام مع العالم العربي، ومن جهة أخرى، يتحدثون عن الضفة الغربية وقطاع غزة. عقلي لا يستوعب ذلك. الضفة الغربية وقطاع غزة تعني أكثر من مليون عربي. في إسرائيل مع نسبة الهجرة كما تبدو اليوم، سيصبح العرب غالبية في الدولة. وحتى من ناحية مادية لا نستطيع التعامل مع ذلك. يمكن لهذا أن يتحول إلى سبب لخلافات خطيرة لم نشهد مثلها في الدولة، من دون أي فائدة إزاء الخارج، ومن دون أي فائدة لصراعنا السياسي الذي سيحدث مع العالم، ربما يسبب هذا الضرر فقط».
وعقدت اللجنة الوزارية للشؤون الأمنية 36 جلسة منذ بداية 1967 وحتى نهاية الحرب، وتم توثيقها في نحو 1000 صفحة بروتوكول، تم وضعها كلها تحت السرية التامة. ومع كشفها بعد 50 سنة، يتضح أن نصوص البروتوكولات تصف الانتقال الحاد من الخوف الوجودي إلى نشوة الانتصار. وأنه في حينه، شعر وزراء في الحكومة بأنه يتم اتخاذ قرارات من وراء ظهورهم؛ وأن وزراء يفتقدون إلى أي خبرة عسكرية أظهروا حكمة ورؤية بعيدة المدى كانت أفضل من رؤية الجنرالات المتقاعدين. ولفتوا النظر إلى أن الانتصار الكبير أسفر أيضا عن مقتل 779 جنديا وضابطا إسرائيليا.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.