مصير سلاح حزب الله «في مهب الريح» بعد انتهاء ولاية سليمان

مقربون من الحزب وعون لا يستبعدون تسوية تربط تبني ترشح الأخير بالاستراتيجية الدفاعية اللبنانية

مصير سلاح حزب الله «في مهب الريح» بعد انتهاء ولاية سليمان
TT

مصير سلاح حزب الله «في مهب الريح» بعد انتهاء ولاية سليمان

مصير سلاح حزب الله «في مهب الريح» بعد انتهاء ولاية سليمان

يبدو أن انتهاء ولاية الرئيس اللبناني الحالي ميشال سليمان في 25 مايو (أيار) الحالي لن يؤدي إلى دخول البلاد في مرحلة شغور رئاسي، بسبب تعذر التوافق وانتخاب رئيس جديد فحسب، بل سيضع مصير سلاح حزب الله في مهب الريح مع إمكانية عدم انعقاد جلسات جديدة للحوار في عهد الرئيس المقبل إذا رفض الحزب النقاش مجددا بمصير سلاحه.
ويهدد فشل جلسات الحوار، وآخرها مطلع الأسبوع الحالي، في إقرار استراتيجية دفاعية للبلاد، إضافة إلى التصريحات الإيرانية الأخيرة القائلة إن خط دفاع إيران أصبح في جنوب لبنان، بتحويل ملف سلاح حزب الله إلى موضوع خارج إطار البحث بعدما ربط رئيس المجلس السياسي لحزب الله إبراهيم أمين السيد أخيرا بين قتال الحزب في سوريا و«حماية فلسطين».
وتحدثت معلومات صحافية في وقت سابق عن إمكانية تبني الولايات المتحدة الأميركية ترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية، شرط أن يدخل في حوار جدي مع حليفه حزب الله لتحديد مصير سلاحه. لكن القيادي في التيار الوطني الحر الذي يرأسه النائب ميشال عون، لم يستبعد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» احتمال تبني ترشحه «اقتناعا منها بأنّه قادر على تحقيق الاستقرار الداخلي، الذي لن يتأمن بوجود رئيس تصادمي في وجه المقاومة على غرار مرشح قوى 14 آذار، رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع».
وكان عون وحزب الله وقّعا عام 2006 ورقة تفاهم أسست لتحالفهما، لحظت وجوب التعاطي مع سلاح الحزب على أساس مبررات وجوده، وأبرزها «احتلال مزارع شبعا، ووجود أسرى لبنانيين في السجون الإسرائيلية، واستمرار أخطار وتهديدات العدو». ويوضح عون أن «التعاطي مع سلاح الحزب في حال انتخب عون رئيسا سيجري على أنه ضرورة ريثما يزول الاحتلال الإسرائيلي وتتوقف التعديات البرية والبحرية والجوية للسيادة اللبنانية». ويقول إن «العماد عون يعمل على تقوية الدولة ومؤسساتها، وبالتالي متى تأمّن ذلك انتفت الحاجة لحزب الله وسلاحه»، مشددا على أنّه «وقبل تحقيق الهدف المرجو لن نجازف بالتضحية بهذا السلاح خاصة أن هناك أسلحة بأيدي فئات أخرى بعضها متطرف كجبهة النصرة و(داعش)، عدا السلاح الفلسطيني المنتشر في المخيمات وخارجها».
ولم تصدر عن السفارة الأميركية في بيروت أو عن الخارجية الأميركية أي مواقف رسمية داعمة لمرشح رئاسي محدد، وكان السفير الأميركي ديفيد هيل اعتبر أن لبنان أمام فرصة انتخاب رئيس للجمهورية دون تدخل أجنبي. وقال في تصريح سابق «عليه أن يغتنم هذه الفرصة، وينتخب رئيسا جديدا من خلال الالتزام بالإجراءات والمهلة الدستورية، من دون السماح لأي دولة أخرى بأن تملي عليه النتائج، والولايات المتحدة تدعم هذه العملية».
ويشير أمين حطيط، الخبير العسكري والاستراتيجي المقرب من حزب الله، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الظروف والمعطيات الحالية تفيد باتجاه الولايات المتحدة الأميركية لتبني ترشيح عون خلال مدة أقصاها 3 أشهر لتُسقط هواجسها من سلاح حزب الله دون أن يتأثر دور هذا السلاح بمواجهة إسرائيل».
ويوضح حطيط أن أميركا بذلك تنتهج سياسة «الربح في الوسط أي تقاسم الأرباح (50 في المائة - 50 في المائة)، لأن انتخاب عون يشكل لها نصف الطريق بين الخسارة التامة والربح غير المتيسر». ويعتبر حطيط أن «مؤسسة الحوار مؤسسة فاشلة، وُجدت لتمرير الوقت، وهي تمس هيبة الدولة ومؤسساتها كونها تأتي لتأخذ دورها»، مشددا على وجوب أن «يبحث العهد الجديد بصيغة تنقل الحوار من طاولة القصر الجمهوري في بعبدا إلى المجلس النيابي أو غيره من مؤسسات الدولة».
وكان الرئيس سليمان قدّم في سبتمبر (أيلول) 2012 تصوره حول الاستراتيجية الوطنية للدفاع عن لبنان، ونص على وجوب «التوافق على الأطر والآليات المناسبة لاستعمال سلاح المقاومة ولتحقيق إمرته ولإقرار وضعه بتصرف الجيش، المولج حصرا باستعمال عناصر القوة، وذلك لدعمه في تنفيذ خططه العسكرية، مع التأكيد على أن عمل المقاومة لا يبدأ إلا بعد الاحتلال». وناقش أقطاب الحوار هذه الاستراتيجية من دون التوصل إلى نتيجة.
ويشدّد نائب رئيس تيار المستقبل أنطوان أندراوس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، على وجوب أن «يبدأ أي رئيس جديد للجمهورية في التعاطي مع حزب الله من النقطة التي وصل إليها سليمان»، معتبرا أن «هناك الكثير من الشخصيات المؤهلة للحوار مع الحزب وتحقيق مكاسب وطنية في هذا الإطار، والمؤكد أن عون ليس إحدى هذه الشخصيات باعتباره من وفر الدعم المسيحي لحزب الله منذ عام 2005 وبقي تحت رحمته غير قادر على الحوار معه حول سلاحه». ونبّه أندراوس إلى تعاظم «قوة إيران الوهمية في المنطقة وكأنّها الوحيدة اليوم في منطقة الشرق الأوسط، خاصة أن مصير سلاح حزب الله بيدها وحدها».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».