إحالة برلماني موريتاني معارض إلى السجن تثير أزمة سياسية

تعرض لحادث سير أودى بحياة شخصين فأسقط القضاء حصانته

إحالة برلماني موريتاني معارض إلى السجن تثير أزمة سياسية
TT

إحالة برلماني موريتاني معارض إلى السجن تثير أزمة سياسية

إحالة برلماني موريتاني معارض إلى السجن تثير أزمة سياسية

تشهد العلاقة بين مجلس الشيوخ الموريتاني والحكومة توتراً كبيراً، بعد توقيف أحد أعضاء المجلس قبل أسبوع، وإحالته يوم الاثنين الماضي إلى السجن في مدينة روصو، جنوب البلاد، إثر تعرض سيارته لحادث سير دهس خلاله عدة أشخاص متسبباً في مقتل شخصين وإصابة ثالث.
ومع أن الحكومة الموريتانية كثيراً ما أكدت أن هنالك فصلاً بين السلطات، وأن ما يصدر عن القضاء من أحكام لا تتدخل فيه الحكومة، فإن الشيوخ يتهمون النظام بالوقوف وراء اعتقال عضو مجلس الشيوخ محمد ولد غده وسجنه بسبب مواقفه المعارضة، وهي اتهامات قابلتها الجهات الرسمية بعدم التعليق.
إلا أن الشيوخ قرروا التصعيد بعد إحالة السيناتور المعارض إلى السجن، فقرروا تعليق جميع الأنشطة مع الحكومة، وهي أنشطة كانت مبرمجة ضمن الدورة البرلمانية العادية التي انطلقت مطلع شهر مايو (أيار) الحالي لمناقشة ميزانية الدولة، فيما تم «طرد» وزير وصل إلى مقر المجلس للاجتماع بالشيوخ. وقالت «لجنة الأزمة» التي شكلها الشيوخ، إن قيام السلطات باعتقال عضو مجلس الشيوخ وتفتيش سيارته ومصادرة هواتفه، وبعد ذلك إحالته إلى السجن، كل ذلك يدخل في إطار «انتهاك حصانته البرلمانية وخرق القانون والدستور الموريتانيين»، مطالبة بالإفراج الفوري عن السيناتور المعتقل.
ولوح الشيوخ الغاضبون باللجوء إلى المادة 50 من الدستور الموريتاني المتعلقة بالحصانة البرلمانية، التي قالوا إنها تمنحهم حق تعليق اعتقال أي عضو منهم، وتقول هذه المادة في إحدى فقراتها إنه «لا يرخص في متابعة أو توقيف عضو من أعضاء البرلمان أثناء دوراته لأسباب جنائية أو جنحية ما عدا التلبس بالجريمة، إلا بإذن من الغرفة التي ينتمي إليها».
من جهتها، أصدرت النيابة العامة بمحكمة روصو، التي أحالت السيناتور المعارض إلى السجن، بياناً، قالت فيه إنها لم تتجاوز الدستور ولا القانون في تعاملها مع الملف، مشيرة إلى أن «الحصانة البرلمانية» سقطت عن السيناتور المعارض بموجب الدستور الموريتاني، لأنه اعتقل «متلبساً بالجرم» وهو ما تشير إليه الفقرة السابقة نفسها من المادة 50 من الدستور. وأوضحت النيابة العامة أن السيناتور «طوال فترة الحراسة النظرية وأثناء مثوله أمام وكيل الجمهورية استفاد من جميع الحقوق التي يكفلها له القانون، بما في ذلك اتصاله بذويه وتمكين محاميه من مواكبة المسطرة»، وخلصت إلى القول: «النيابة العامة كما هي حريصة على تطبيق القانون على جميع المخالفين دون تمييز، فإنها كذلك حريصة على احترام الحقوق والإجراءات المنصوصة».
أما المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، أكبر ائتلاف معارض في موريتانيا، فقد أعلن أن ما تعرض له ولد غده «استهداف واضح بسبب مواقفه السياسية»، في إشارة إلى انخراطه في صفوف المنتدى المعارض، وقيادته لحملة قوية داخل مجلس الشيوخ أسفرت عن تصويت المجلس ضد تعديلات دستورية اقترحها الرئيس محمد ولد عبد العزيز، نهاية شهر مارس (آذار) الماضي.
ووجد منتدى المعارضة في اعتقال وسجن عضو مجلس الشيوخ، الفرصة للحديث عما قال إنه «أسلوب السلطة التنفيذية في استغلال العدالة للملاحقة والتضييق على خصومها السياسيين، حتى ولو كانوا يتمتعون بالحصانة»، مشيراً إلى أن «ما أقدمت عليه السلطة يؤكد فعلا أننا في بلد خارج القانون»، وفق نص بيان أصدره المنتدى أمس.
وعبر المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة عن تضامنه مع مجلس الشيوخ، الغرفة العليا في البرلمان، الذي قال إنه «يتعرض لمضايقات خارج القانون»، بسبب ما قال المنتدى إنه رفض التعديلات الدستورية التي أثارت كثيرا من الجدل في الساحة السياسية، خاصة بعد رفضها من طرف المعارضة التقليدية وتصويت الشيوخ ضدها، إلا أن الرئيس ولد عبد العزيز أصر على عرضها على استفتاء مباشر سينظم يوم 15 يوليو (تموز) المقبل.
ورغم دعوات المعارضة والشيوخ للإفراج عن عضو مجلس الشيوخ المعتقل، فإن الأخير نشر عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» بياناً مقتضباً قال فيه إنه لن يطلب الحرية المؤقتة وإنه متمسك بحصانته البرلمانية، وقال: «أنا لست مجرماً ولم أسرق المال العام ولم أستغل النفوذ، ولن أتخلى في هذا المقام عن حصانتي وشرفي وشرف الغرفة التي أنتمي إليها، ولن أطلب الحرية المؤقتة ولو مت في السجن، إما أن تعاد حصانتي وشرفي أو لا شيء».
وقال عضو مجلس الشيوخ: «لقد آلمني كثيرا موت طفل بريء بسبعة أشهر، وانفطار قلب أمه عليه، وآلمني أكثر موت امرأة شريفة حامل تكسب قوتها بعرق جبينها، وأخضع لمشيئة الله أن جعلني طرفاً من أطراف هذا الحادث الأليم»، قبل أن يضيف: «سأعوض جميع الضحايا طبقا للقانون والشرع، وأزيد التكفل بدارسة الأطفال الخمسة لعشر سنوات كما كانت ستفعل أمهم الشريفة».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.