إطلاق مشروع «السياحة الثقافية الدينية» في لبنان

بعد إعداد قاعدة بيانات لـ250 موقعاً

الحريري خلال إعلان المشروع أمس (دالاتي ونهرا)
الحريري خلال إعلان المشروع أمس (دالاتي ونهرا)
TT

إطلاق مشروع «السياحة الثقافية الدينية» في لبنان

الحريري خلال إعلان المشروع أمس (دالاتي ونهرا)
الحريري خلال إعلان المشروع أمس (دالاتي ونهرا)

أطلق رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري أمس المرحلة الأولى من مشروع «السياحة الثقافية الدينية»، وذلك خلال حفل أقيم في السراي الحكومي ببيروت تحت عنوان «احتفاء بتنوعنا». وشدد الحريري في كلمة له على «أهمية هذا النوع من السياحة؛ كونه يساهم في السياحة المستدامة وعلى مدار السنة، فلا ينتظر لا الثلج ولا البحر ولا الفرص ولا الأعياد، بل يستقطب سياحاً من كل العالم على مدار العام».
واعتبر الحريري أن هذا المشروع «هو أكثر من اقتصادي، وقد تصح تسميته وطني وإنساني، لبناني وعابر للحدود». ولفت إلى أن «السائح العادي ينتقل أفقياً على مساحة الجغرافيا من موقع لموقع، من معلم لمعلم، من بلدة لمدينة. أما السائح الديني، فيقوم بالأمر نفسه، ولكن أيضا هو يبحث عن رحلة عمودية، من الأرض نحو السماء، نحو الخالق، نحو القيم السامية.
وهذا المشروع، يضع لبنان على خريطة السياحة الدينية في العالم، من دون شك».
وقال الحريري إن «هذا المشروع يلفت نظر العالم، إلى أنه وفي وقت تعمل البلدان على إطلاق الحوار بين الأديان، فإن لبنان تخطى هذا الموضوع وبات مكان العيش الواحد بين الأديان، والتقاء الأديان». وأضاف: «وفي وقت قد يبدو أن الموضة في العالم وبعض المنطقة هي التركيز على الصراع المزعوم بين المسلمين والمسيحيين، والصدام الموهوم بين المسيحية والإسلام. هذا المشروع يقول بكل اختصار، للبنانيين وللعالم، إن لبنان هو الدليل على أنه ليس هناك من صراع ولا صدام، وإننا جميعا بشر ومؤمنون، وإننا جميعا متمسكون بإنسانيتنا وبإرثنا وتراثنا وببلدنا، أرضا للقداسة وللأخوة والإنسانية الواحدة».
من جهة أخرى، أعلنت منسقة المشروع، رلى العجوز صيداني، عن إعداد قاعدة بيانات حول 250 موقعا دينيا أثريا من أصل أكثر من ألفي موقع أثري تتوزع على مختلف الأراضي اللبنانية. وأشار وزير السياحة أواديس كيدانيان، إلى أن عدد المعالم الدينية والتراثية في لبنان يفوق الثلاثة آلاف، لافتاً إلى أن وزارته «وضعت استراتيجية لتطوير البنى التحتية للمواقع الدينية في لبنان، وتأهيل مسارات عدة تضم عدداً من المعالم الدينية من مختلف المناطق والطوائف، على أن يكبر المشروع ويشمل كل المعالم الدينية المنتشرة في لبنان».
كذلك تحدث السفير الإيطالي ماسيمو ماروتي، في المناسبة، فقال إن المشروع عبارة عن «عمل مشترك آخر بين لبنان وإيطاليا شاركت فيه مجموعة خبراء من البلدين، عملوا على إطلاق فكرة جديدة وهي السياحة الثقافية الدينية في لبنان». وتابع: «هذا العمل هو رسالة تقول إن هذا البلد هو معلم سياحي لا بد أن يتم التعرف إليه وزيارته، وقد تمكن من تحويل السياحة الثقافية الدينية فيه إلى مصدر للمعارف ودولة غنية بالتراث الثقافي، وهو بحاجة إلى استكشافه والتعرف إليه وزيارته». واعتبر السفير الإيطالي أن «هذا المشروع رسالة وشعار ويمثل أيضاً الصداقة العريقة بين الإيطاليين ولبنان واللبنانيين الذين يعملون بجهد كبير جدا لإرساء الاستقرار يوماً بعد يوم، وآمل أن يصلوا إلى النجاح الذي يستحقونه».
تجدر الإشارة إلى أنه في عام 2009، أدرج بند في البيان الوزاري لحكومة الحريري، يتضمن دعم السياحة الدينية في لبنان. وعليه، تشكلت «وحدة السياحة الثقافية الدينية» في رئاسة مجلس الوزراء بهدف تنفيذ الخطة العامة للمشروع بإشراف وزارة السياحة والتعاون معها، ووضع لبنان على الخريطة العالمية للسياحة الدينية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.