قصة منطقتي «كناري وارف» و«دوكلاندز» بلندن

قصة منطقتي «كناري وارف» و«دوكلاندز» بلندن
TT

قصة منطقتي «كناري وارف» و«دوكلاندز» بلندن

قصة منطقتي «كناري وارف» و«دوكلاندز» بلندن

غالبا ما تتجه أنظار زوار جسر «تاور بريدج» في لندن شرقا لمشاهدة الأبراج الشاهقة على بعد ثلاثة أميال على امتداد نهر التيمس بمنطقة المال والأعمال الشهيرة «كناري وارف» بحي «أيسل أوف دوغز» بالعاصمة البريطانية. وكانت تلك الأبراج حتى وقت قريب الأعلى في العاصمة البريطانية.
منذ عهد الرومان، ظلت لندن الميناء الأهم الذي يخدم جنوب شرقي إنجلترا، وبفضل النهر وأهميته التي تخطت وسط لندن، فقد استمرت السفن في السير تجاه أعلى النهر حتى وإن لم تكن الرياح كافية لتسييرها، وذلك بالسير في اتجاه المد. وشهد القرن التاسع عشر ظهور السفن التي تعمل بالبخار وانتشار أحواض السفن والمستودعات القريبة من النهر. وحتى الستينات من القرن الماضي، كانت لندن تمثل الميناء الأكبر في إنجلترا نظرا لوجود أحواض السفن بطول سبعة أميال، بدءا من وسط لندن إلى نيوهام شرقا. كانت «كناري وارف» في الأساس جزءا من أحواض سفن لندن حيث كان يجري استقبال البضائع المستوردة من «كناري أيسلاندز». ونتيجة لذلك، نشأت مجتمعات كاملة واستمرت لأجيال كثيرة، فكان هناك من يعمل في تحميل السفن ومن يعمل في إمداد السفن وفي إصلاح المراكب.
وأدى ظهور مهنة النقل بالحاويات إلى تغيير كامل في أسلوب عمل الشحن البحري الدولي، فقد كان من غير الممكن تعديل المرافق بأحواض السفن بميناء لندن ليتوافق مع المتطلبات الجديدة للسفن التي تحمل الحاويات. ولذلك فقد جرى نقل أحواض السفن إلى «تيلبيري» على امتداد النهر وإلى غيرها من المناطق مثل «فليسكتو» على الساحل الشرقي وساوثهامبتون على الساحل الجنوبي.
في البداية، كانت المنطقة الواقعة شرق جسر «تاور بريدج» المعلق مهجورة بعد أن خلت من أي نشاط، وكان هذا هو الوصف الدقيق للمنطقة التي اختيرت لتصوير مشاهد من فيلم العصابات الشهير «لونغ غود فرايداي» (الذي قام ببطولته بوب هوسكنز وهيلين ميرين) الذي أنتج في نهاية السبعينات. وكان قرب الموقع من وسط لندن من الأسباب التي سهلت من عمليات إعادة تطوير الميناء، ولذلك لم يستمر مهجورا لفترة طويلة، ولذلك أصبحت منطقة «وابنغ» أغلبها، المنطقة الأقرب إلى جسر «تاور بريدج»، سكنية وإلى جوارها يقع عدد من المستودعات التي تحولت إلى نشاطات أخرى، لكن المنطقة كانت تخلو من قطارات الأنفاق أو السكك الحديدية. كانت النظرة المبدئية للمنطقة هي بناء مستودعات ومكاتب إدارية وشقق سكنية على نطاق محدود وكلفة منخفضة. وجرى بناء خط «للسكك الحديدية الخفيفة» يسير عليه قطاران تبدأ رحلتهما من محطة «تاور هيل» وتنتهي عند محطة «أيلاند غاردنز» المواجهة لمحطة غرينويتش. غير أنه عند منطقة «تاور هيل»، لم يكن هناك اتصال مباشر مع محطة قطار الأنفاق. وفي نهاية فترة السبعينات، كان أكبر مشروع في المنطقة سوق «باينلغوسغيت» للأسماك، الذي انتقل خارج مدينة لندن نظرا لحاجته إلى التوسع وبسبب رخص أسعار الأرض خارجها آنذاك.
غير أن الوضع تغير دراماتيكيا في مرحلة الثمانينات، حيث أدى إعادة صياغة قوانين الخدمات المالية إلى تسارع نمو القطاع المالي في لندن وإلى الحاجة إلى وجود مكاتب إدارية عالية المستوى وإلى مساحات واسعة عالية الأسقف لاستيعاب جميع خدمات الكومبيوتر والجو المكيف بتلك المكاتب. ولذلك، فقد انتقل القطاع المالي إلى حي السيتي (لندن)، حول «بنك أوف إنغلند».
وفي الثمانينات، منحت الحوافز لتشجيع الإنشاءات الجديدة بمنطقة «أيل أوف دوغز»، وبالفعل أنشئ هناك عدد من البنوك منها «إتش إس بي سي»، و«باركليز»، و«كريدي سويس»، حيث افتتحت جميعها فروعا في لندن حول منطقة «كناري وارف» في أبراج جديدة اعتبرت الأكثر ارتفاعا في لندن. والآن تضم هذه المنطقة مكاتب إدارية تغطي مساحة تبلغ نحو 1.5 مليون متر مربع، يعمل بها نحو مائة ألف عامل وموظف في مجال تجارة التجزئة.
في البداية، كانت «قطارات دوكلاندز الخفيفة» تسير بقطارين قصيرين لخدمة 15 محطة، غير أن عدد المحطات ارتفع الآن ليبلغ 45 محطة وستة قطارات تحمل 70 مليون راكب سنويا. وبني هناك مطار جديد حمل اسم «سيتي إيربورت» على بعد ثلاثة أميال فقط شرق منطقة «كناري وارف»، ويقوم بتسيير رحلات طيران من لندن إلى مختلف مدن أوروبا من دون الحاجة إلى القيام برحلة طويلة إلى مطار هثيرو الشهير. وباتت المنطقة الآن مرغوبة للسكن، وأصبح يقتنها كبار نجوم التلفزيون مثل السير أيان ماكلين، وحتى هيلين ماريان، نجمة فيلم «ذا لونغ غود فرايداي» التي ذكرت في بداية المقال، انتقلت هي الأخرى للعيش في المنطقة وتعيش حاليا بمنزل رائع بني على الطراز الجورجي على بعد 20 دقيقة سيرا على الأقدام من جسر «تاور بريدج». في الحقيقة، استغرق تحول المنطقة من خرقة بالية إلى ثروة حقيقية مدة جيلين كاملين.



مصر تعوّل على «سوق السفر العالمي» لتنشيط السياحة

الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر تعوّل على «سوق السفر العالمي» لتنشيط السياحة

الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)

تُعوّل مصر على اجتذاب مزيد من السائحين، عبر مشاركتها في فعاليات سياحية دولية، أحدثها «سوق السفر العالمي» (WTM)، التي افتتح خلالها وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، جناح بلاده المُشارك في الدورة الـ43 من المعرض السياحي الدولي، الذي تستمر فعالياته حتى 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بالعاصمة البريطانية لندن.

ووفق فتحي، فإن وزارته تركّز خلال مشاركتها بالمعرض هذا العام على إبراز الأنماط والمنتجات السياحية المتعدّدة الموجودة في مصر، واستعراض المستجدات التي تشهدها صناعة السياحة في مصر.

هدايا تذكارية بالجناح المصري (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ووفق بيان وزارة السياحة والآثار، فإن «الجناح المصري المشارك شهد خلال اليوم الأول إقبالاً من الزوار الذين استمتعوا بالأنشطة التفاعلية الموجودة به، والأفلام التي تُبرز المقومات المختلفة والمتنوعة للمقصد السياحي المصري، كما شهد اليوم الأول عقد لقاءات مهنية مع ممثّلي شركات السياحة والمنشآت الفندقية المصرية».

وتشارك مصر هذا العام بجناح يضم 80 مشاركاً، من بينهم 38 شركة سياحة، و38 فندقاً، بالإضافة إلى شركتَي طيران، هما: شركة «Air Cairo»، وشركة «Nesma»، إلى جانب مشاركة محافظتَي البحر الأحمر وجنوب سيناء، وجمعية «الحفاظ على السياحة الثقافية».

وصُمّم الجناح من الخارج على شكل واجهة معبد فرعوني، مع شعار على هيئة علامة «عنخ» (مفتاح الحياة)، في حين صُمّم الجناح من الداخل على شكل صالات صغيرة للاستقبال، بدلاً من المكاتب (Desks).

وتمت الاستعانة بمتخصصين داخل الجناح المصري؛ لكتابة أسماء زائري الجناح المصري باللغة الهيروغليفية على ورق البردي، وبشكل مجاني خلال أيام المعرض، بجانب عازفة للهارب تعزف المقطوعات الموسيقية ذات الطابع الفرعوني.

جانب من الإقبال على جناح مصر في «بورصة لندن» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويُعدّ «سوق السفر العالمي» معرضاً مهنياً، يحظى بحضور كبار منظّمي الرحلات، ووكلاء السياحة والسفر، وشركات الطيران، والمتخصصين في السياحة من مختلف دول العالم.

واقترح فتحي خلال لقائه بوزيرة السياحة اليونانية إمكانية «الترويج والتسويق السياحي المشترك لمنتج السياحة الثقافية في البلدين بعدد من الدول والأسواق السياحية، لا سيما أن مصر واليونان لديهما تكامل سياحي في هذا الشأن». على حد تعبيره.

واستعرض الوزير المصري المقومات السياحية المتعددة التي تتمتع بها بلاده، كما تحدث عن المتحف المصري الكبير، وما سيقدمه للزائرين من تجربة سياحية متميزة، لا سيما بعد التشغيل التجريبي لقاعات العرض الرئيسية الذي شهده المتحف مؤخراً.

فتحي خلال تفقّده للجناح المصري بـ«بورصة لندن» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وتوقّع الوزير المصري أن تشهد بلاده زيادة في أعداد السائحين حتى نهاية العام الحالي بنسبة 5 في المائة عن العام الماضي، خلال مؤتمر صحافي عقده في المعرض، وأشار إلى أهمية السوق البريطانية بالنسبة للسياحة المصرية، حيث تُعدّ أحد أهم الأسواق السياحية الرئيسية المستهدفة، لافتاً إلى ما تشهده الحركة السياحية الوافدة منها من تزايد، حيث يصل إلى مصر أسبوعياً 77 رحلة طيران من مختلف المدن بالمملكة المتحدة.

وأكّد على أن «مصر دولة كبيرة وقوية، وتدعم السلام، وتحرص على حماية حدودها، والحفاظ على زائريها، وجعْلهم آمنين، حيث تضع أمن وسلامة السائحين والمواطنين في المقام الأول، كما أنها بعيدة عن الأحداث الجيوسياسية»، لافتاً إلى أن هناك تنوعاً في جنسيات السائحين الوافدين إلى مصر من الأسواق السياحية المختلفة، حيث زارها خلال العام الحالي سائحو أكثر من 174 دولة حول العالم.

الجناح المصري في «بورصة لندن» للسياحة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأعرب فتحي عن تفاؤله بمستقبل الساحل الشمالي المصري على البحر المتوسط، وما يتمتع به من مقومات سياحية متميزة، خصوصاً مدينة العلمين الجديدة، ومشروع رأس الحكمة بصفته أحد المشروعات الاستثمارية الكبرى التي تشهدها منطقة الساحل الشمالي، لافتاً إلى أنه من المتوقع أن يجذب هذا المشروع أكثر من 150 مليار دولار استثمارات جديدة، ويساهم في إضافة ما يقرب من 130 ألف غرفة فندقية.