ترمب وإردوغان... لقاء على وقع الخلاف في سوريا

وصل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي أغضبه قرار أميركي بتسليح قوة كردية في سوريا، إلى واشنطن، اليوم (الثلاثاء)، لإجراء محادثات مع الرئيس دونالد ترمب، ساعياً إما لتغيير رأيه في هذا الصدد أو أن «نتولى بأنفسنا تسوية الأمور»، على حد قوله.
وكان الإعلان عن موافقة ترمب على خطط لتزويد وحدات حماية الشعب الكردية بالسلاح في تقدمها صوب معقل تنظيم داعش في الرقة، وذلك قبل أيام من أول لقاء يجمعه بإردوغان، قد ألقى بظلاله على المحادثات التي تجري بين الرئيسين اليوم.
وترى أنقرة الشريك الأساسي في الائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة في الحرب على «داعش» أن وحدات حماية الشعب امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي يشن حركة تمرد في جنوب شرقي تركيا، حيث يغلب الأكراد على السكان، منذ 3 عقود.
وتصنف تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حزب العمال الكردستاني ضمن الجماعات الإرهابية. لكن واشنطن ترى أن وحدات حماية الشعب كيان مختلف عن حزب العمال وشريك ثمين في الحرب على «داعش».
ونقلت صحيفة «صباح» المؤيدة للحكومة عن إردوغان قوله للصحافيين يوم الأحد الماضي خلال زيارة للصين: «إذا كنا حلفاء استراتيجيين فعلينا أن نأخذ القرارات كتحالف، وإذا تم حجب التحالف فعلينا أن نتولى بأنفسنا تسوية الأمور».
وكانت تركيا تأمل أن يفتح تنصيب ترمب فصلاً جديداً في العلاقات مع واشنطن بعد التوترات التي شابت العلاقات مع إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما حول السياسة في سوريا ومطالبة أنقرة بتسليم رجل الدين فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة.
ويحمل إردوغان أنصار غولن مسؤولية الانقلاب الفاشل الذي وقع في يوليو (تموز) الماضي، وقد شن حملة قمع واسعة النطاق عليهم، الأمر الذي أثار انتقادات من واشنطن. ولا يزال غولن، الذي نفى تورطه في الانقلاب، في الولايات المتحدة.
ورحب إردوغان بفوز ترمب في الانتخابات في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقال إنه يأمل أن يؤدي إلى «خطوات مفيدة» في الشرق الأوسط. وعندما فاز إردوغان بأغلبية بسيطة بسلطات جديدة في استفتاء نظمته تركيا في أبريل (نيسان) الماضي اتصل به ترمب لتهنئته، على النقيض من الساسة الأوروبيين الذين أبدوا تحفظهم على الاستفتاء.
غير أن الآمال في تحسن العلاقات أصيبت بانتكاسة الأسبوع الماضي، عندما قال مسؤول تركي كبير لـ«رويترز» إن قرار تسليح وحدات حماية الشعب «يرقى إلى وضع ديناميت تحت العلاقات التركية - الأميركية». وأضاف: «في الوقت الذي يقال فيه إن العلاقات، التي لحق بها ضرر جسيم، بدأت تتحسن، فإن ابتعاد تركيا عن واحد من أكبر حلفائها سيكون علامة في غاية السوء».
ويصور إردوغان الدعم الأميركي لوحدات حماية الشعب الكردية بدلاً من المعارضة السورية على أنه استمرار لسياسة إدارة أوباما التي قال إنها اتهمت تركيا زوراً بعدم بذل جهد يذكر في الحرب على تنظيم داعش.
وقال المسؤول التركي إن إردوغان سيبلغ ترمب بأن دعم القوة الكردية لاستعادة أرض عربية يسيطر عليها تنظيم داعش سيزرع بذور أزمات مستقبلية، وإن قوى أخرى في المنطقة منها قادة أكراد العراق تعارض وحدات حماية الشعب.
وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم بعد محادثات في لندن الأسبوع الماضي مع وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، إن اجتماع ترمب مع إردوغان سيكون فرصة «لتصحيح خطأ» دعم وحدات حماية الشعب.
ولا ترى الولايات المتحدة بدائل تذكر لدعم وحدات حماية الشعب التي تشمل جزءاً رئيسياً من قوات سوريا الديمقراطية الزاحفة على الرقة من أجل تحقيق هدف سحق «داعش» في سوريا.
ولم يذكر إردوغان ما قد تأخذه تركيا من خطوات إذا واصلت واشنطن المضي في خطتها. وقد أشار مسؤولون إلى أن تركيا قد تصعد غاراتها الجوية على قواعد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق أو تستهدف وحدات حماية الشعب في سوريا. كما يمكنها فرض قيود على استخدام قاعدة إنجرليك الجوية مطاراً تنطلق منه طائرات الحملة الجوية على «داعش» في سوريا والعراق.
لكن ذلك سيعرقل عمليات تستهدف «داعش» الذي يمثل أيضاً خطراً على تركيا وسبق أن أعلن مسؤوليته عن هجمات من بينها تفجير بمطار إسطنبول في يونيو (حزيران) الماضي.