اليونيسيف: 29 مليون طفل يعانون الفقر والحرمان في الشرق الأوسط

واحد من كل أربعة أطفال محرمون من المتطلبات الأساسية للحياة

أطفال نازحون يلعبون في ملعب شرق مدينة الغوطة في سوريا (إ.ب.أ)
أطفال نازحون يلعبون في ملعب شرق مدينة الغوطة في سوريا (إ.ب.أ)
TT

اليونيسيف: 29 مليون طفل يعانون الفقر والحرمان في الشرق الأوسط

أطفال نازحون يلعبون في ملعب شرق مدينة الغوطة في سوريا (إ.ب.أ)
أطفال نازحون يلعبون في ملعب شرق مدينة الغوطة في سوريا (إ.ب.أ)

أشارت منظمة اليونيسيف في تقرير صادر لها أمس الاثنين إلى وجود 29 مليون طفل على الأقل في منطقة الشرق الأوسط يعانون الفقر والحرمان من الحد الأدنى من المتطلبات الضرورية للحياة مثل التعليم والسكن اللائق والغذاء الصحي والرعاية الصحية الجيدة والمياه النقية والمرافق الصحية وإمكانية الحصول على المعلومات، وهو ما يعني أن طفلا من كل أربعة أطفال في المنطقة يعانون الحرمان من هذه المتطلبات الأساسية.
وقالت منظمة اليونيسيف إنه وفقا لدراسة قامت بها في 11 بلدا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إن فقر الأطفال هو أمر أوسع بكثير من موضوع مستوى دخل الأسرة، ويشمل حصول الأطفال على التعليم الملائم، والرعاية الصحية، والسكن، والمياه النظيفة.
وأشارت نتائج الدراسة إلى أن الحرمان من التعليم هو أحد العوامل الرئيسية وراء عدم المساواة والفقر بالنسبة للأطفال. إن الأطفال الذين يعيشون في بيت يرأسه فرد غير متعلم من أفراد العائلة، هو عرضة لخطر مضاعف من العيش في حالة الفقر. وبينت أن ربع الأطفال ما بين عمر 5 إلى 17 عاماً لم يلتحقوا بالمدارس أو تأخروا عن فصولهم عامين كاملين.
وأظهرت الدراسة أن نصف الأطفال تقريباً يعيشون في مساكن غير ملائمة، مكتظة بساكنيها، وأرضياتها سيئة، وأن نصف الأطفال تقريباً، لم يحصلوا على التحصينات والتطعيمات الواقية من الأمراض، أو ولدوا لأمهات لم يحصلن على ما يكفي من الرعاية في فترة الحمل أو المساعدة عند الإنجاب. ويضطر واحد من كل خمسة أطفال تقريباً للسير على الأقدام مدة تزيد على نصف ساعة لإحضار الماء، أو يستعمل مياه غير نظيفة. وأن أكثر من ثلث الأطفال يعيشون في بيوت تفتقر إلى ماء الصنبور.
واشتكت منظمة اليونيسيف من التحديات الرئيسية التي تعرقل عملية قياس أثر الفقر على الأطفال، واتخاذ إجراءات جماعية نحو التخفيف من الفقر. وأشارت المنظمة الدولية إلى أن بلدان المنطقة لا تجمع البيانات حول الفقر، مع صعوبة جمع البيانات في البلدان التي تشهد نزاعات وحروب أهلية مما يضاعف من حالات العنف والتشرد. إضافة إلى أن غياب الاستيعاب الكامل لواقع الأطفال، بما فيهم الأكثر تهميشا، قد تتسبب في خطر عدم فاعلية السياسات والقرارات المتعلقة بفقر الأطفال.
ويقول خيرت كابالاري، المدير الإقليمي لليونيسيف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «حين يحرم الأطفال من الأساسيات، يصبحون عرضة لخطر الوقوع في حلقة وحشية». وأوضح كابالاري في كلمته أمام مؤتمر إقليمي بالعاصمة المغربية الرباط حول فقر الأطفال أنها المرة الأولى التي يتم بها جمع المعلومات حول فقر الأطفال على المستوى الوطني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وقال: «بينما تم إحراز تقدم مهم في معظم الدول للحد من مستوى الفقر، إلا أن عدد الأطفال الذين يعيشون في حالة الفقر لا يزال مرتفعاً». وتشهد الدول التي تخوض نزاعات على أرضها تراجعاً حاداً لما تم تحقيقه من مكاسب في العقود السابقة.
ويضيف كابالاري أن «الاستثمار في الأطفال الأكثر ضعفاً الآن، سيكون له عوائد تتمثل في السلام والوفرة التي ستعيشها المنطقة». وأضاف: «يتطلب الأمر مزيجاً من القيادة الحقيقية، والجمهور الشجاع، والاستثمار الخاص من قبل الحكومات والمجتمع المدني والأفراد والمجتمع الدولي».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.