«جيش الإسلام» يرفض المشاركة بـ«جنيف 2».. ويسعى لتأسيس هيئة سياسية تمثله

يتبع منهجية عسكرية مؤسساتية ويضم 60 تشكيلا مقاتلا

«جيش الإسلام» يرفض المشاركة بـ«جنيف 2».. ويسعى لتأسيس هيئة سياسية تمثله
TT

«جيش الإسلام» يرفض المشاركة بـ«جنيف 2».. ويسعى لتأسيس هيئة سياسية تمثله

«جيش الإسلام» يرفض المشاركة بـ«جنيف 2».. ويسعى لتأسيس هيئة سياسية تمثله

يبدي «جيش الإسلام»، الذي يضم 60 تشكيلا عسكريا يقاتلون نظام الرئيس السوري بشار الأسد، اعتراضه على مشاركة المعارضة في مؤتمر «جنيف 2» لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية. وتجري الكتائب المقاتلة مباحثات في الوقت الراهن لتشكيل هيئة سياسية تعبر عن توجهات المقاتلين على الأرض، حسبما أكده المسؤول السياسي في «جيش الإسلام» محمد علوش لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن «الائتلاف الوطني المعارض منح كثيرا من الفرص من دون أن يحقق شيئا للثورة السورية، مما استدعى سحب الاعتراف به».
واعتبر علوش، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «أي حل سياسي يجب أن يُفرض من الميدان وليس من الجهات الخارجية»، لافتا إلى أن مؤتمر «جنيف 2» غير واضح، بخصوص تحقيق أهداف الثورة بإسقاط النظام السوري ومحاكمة رموزه، مما يجعلنا غير معنيين به».
وكان «جيش الإسلام» أبصر الإعلان عنه النور في سبتمبر (أيلول) الماضي بقيادة زهران علوش، قائد فصيل «لواء الإسلام» في ريف دمشق. وضم هذا التشكيل آنذاك 43 لواء وكتيبة وفصيلا من القوات المقاتلة ضد النظام السوري، جرى توحيدها بعد اجتماع حضره عدد كبير من القيادات العسكرية المنضوية تحت الألوية والكتائب المقاتلة، بحسب صور نشرها ناشطون.
لكن كتائب جديدة انضمت إلى «جيش الإسلام» بعد تأسيسه ليصبح عدد تشكيلاته نحو 60 كتيبة تتوزع على اختصاصات عسكرية مختلفة. وأكد علوش أن «أكثر من 175 طلب انتساب من قبل مجموعات مقاتلة، وصلت إلى قيادة (الجيش)، ويجري دراستها حاليا»، معتبرا أن «أهم شروط الانضمام امتلاك سيرة أخلاقية جيدة، والالتزام بالآداب العامة للإسلام، والقبول بهيكلية الجيش وآلية اتخاذ القرارات فيه».
وتخرج القرارات العسكرية المتعلقة بعمليات «جيش الإسلام» بالتشاور بين مجلس الشورى، الذي يضم مختصين بالشريعة، وقياديين عسكريين وغرفة العمليات التي يرأسها زهران علوش (أبو عبد الله) قائد «لواء الإسلام» سابقا. ويتحدر علوش من مدينة دوما في الغوطة الشرقية بريف دمشق، ووالده الشيخ عبد الله علوش من مشايخ دوما المعروفين.
ودرس زهران في كلية الشريعة بجامعة دمشق، وتابع دراسته في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة في كلية الحديث الشريف والدراسات الإسلامية، ثم درس الماجستير في كلية الشريعة بجامعة دمشق. وكان قبل الثورة يعمل في مجال المقاولات، بعد أن أسس شركة للخدمات المساندة للإعمار. وعرّضه نشاطه الدعوي منذ عام 1987 لملاحقة من قبل الأجهزة الأمنية إلى مطلع عام 2009 في فروع المخابرات، ثم أودع سجن صيدنايا العسكري الأول.
وبعد انطلاق الحراك الشعبي، أطلق النظام السوري سراحه بموجب عفو عام صدر في يونيو (حزيران) 2011. وفور خروجه من السجن، أسس قوة عسكرية لمحاربة النظام حملت تسمية «سرية الإسلام»، ثم تطورت إلى أن صارت «لواء الإسلام»، قبل أن تصبح فصيلا في «جيش الإسلام».
ويمتلك هذا الجيش، وغالبية عناصره من المقاتلين السوريين، كميات كبيرة من الأسلحة الثقيلة، مثل المدرعات والمدافع، إضافة إلى كتيبة للصواريخ، حسبما يؤكد المسؤول السياسي محمد علوش في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، موضحا في الوقت نفسه أن «هذه الأسلحة هي غنائم من القوات النظامية». ونفى أن تكون «أي جهة خارجية تدعم جيش الإسلام»، مشيرا إلى «بعض التبرعات التي تصل من داعمي الثورة السورية والمتحمسين لها محليا وخارجيا».
ويتبع «جيش الإسلام» منهجية مؤسساتية في اتخاذ القرار العسكري تضمن لمقاتليه تحقيق التقدم الميداني في مختلف المناطق السورية. وعلى خلاف بقية كتائب المعارضة، فإن تشكيلات هذا الجيش لم تتجه إلى السيطرة على المدن والبلدات المأهولة بالسكان، وإنما سعت لاقتحام القطع العسكرية النظامية، معلنة الاستيلاء على أكثر من 42 كتيبة نظامية في منطقة الغوطة الشرقية.
وعلى الرغم من أن «جيش الإسلام» يؤهل مقاتليه وفق العقيدة الإسلامية، فإنه يعتمد منهجا معتدلا، بخلاف بقية التنظيمات المتشددة، مثل الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وجبهة النصرة، المرتبطين بتنظيم القاعدة.
وفي هذا السياق، نفى علوش وجود أي صلة بين «جيش الإسلام» وهذه التنظيمات، مؤكدا في الوقت عينه «عدم وجود خلافات معها». وأوضح علوش أنه «إذا ما نشأت أي خلافات بيننا وبينهم، فإننا سنحتكم إلى الهيئات الشرعية ولجان الصلح».
وإلى جانب عمله العسكري، يضم «جيش الإسلام» 27 مكتبا إداريا لا علاقة مباشرة لها بالعمل العسكري. ومن أبرز هذه المكاتب مكتب «تأمين المنشقين»، الذي يهتم بالتواصل مع الجنود النظاميين وتأمين انشقاقهم، إضافة إلى مكاتب للخدمات والتصنيع السلاحي والنقل والإعلام. وفي حين يتركز وجود مقاتلي «جيش الإسلام» في ريف دمشق، فإن الكثير من الكتائب التابعة له تنتشر في ريف حمص وريف حماه وحلب والرقة ودير الزور وإدلب ومناطق الساحل.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.