الحريري: مواجهة التطرف تكون عبر إيجاد فرص عمل للشباب وتحفيز الاقتصاد

أمير قطر والرئيس السوداني عمر البشير والرئيس المالي إبراهيم بوبكر كيتا ورئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري («الشرق الأوسط»)
أمير قطر والرئيس السوداني عمر البشير والرئيس المالي إبراهيم بوبكر كيتا ورئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري («الشرق الأوسط»)
TT

الحريري: مواجهة التطرف تكون عبر إيجاد فرص عمل للشباب وتحفيز الاقتصاد

أمير قطر والرئيس السوداني عمر البشير والرئيس المالي إبراهيم بوبكر كيتا ورئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري («الشرق الأوسط»)
أمير قطر والرئيس السوداني عمر البشير والرئيس المالي إبراهيم بوبكر كيتا ورئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري («الشرق الأوسط»)

اعتبر رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري أن أبرز ما تحتاجه المنطقة العربية اليوم هو الاستقرار، وأكد أن مواجهة التطرف تكون عبر إيجاد فرص عمل للشباب وذلك عبر تحفيز النمو الاقتصادي. وفي حين أعلن أن لبنان يواجه عائقا أساسيا أمام ورشة النمو الاقتصادي، يتمثل بوجود مليون ونصف مليون نازح سوري أضيفوا إلى نصف مليون لاجئ فلسطيني، على أراضيه، شدّد على أن التعويل الأهم لحل هذه القضية هو في المساندة الدولية والعربية لتمويل برنامج الاستثمار في البنى التحتية والخدمات العامة.
وفي كلمة له خلال مشاركته في «منتدى الدوحة» أمس، قال الحريري «ما تحتاجه منطقتنا العربية اليوم هو الاستقرار وهذا يجب أن يكون الهدف الأساسي الذي نعمل على تحقيقه سويا وبأسرع وقت. خاصة أن الجماعات المتطرفة تعي هذا الأمر جيدا وتحاول ضرب الاستقرار في كل أنحاء العالم، حتى باتت تشكل خطرا يتطلب مواجهته بالتعاون بين كل الدول وكل المجتمعات وكل الأديان والثقافات».
وأضاف: «دولنا العربية اليوم تواجه تحديات كثيرة، منها ما هو مشترك، ومنها ما هو خاص بكل دولة على حدة. ولكل دولة ومجتمع مقاربته الخاصة لمواجهة هذه التحديات، إلا أن الهدف، برأيي، من كل المعالجات، هو واحد، وهو إيجاد فرص العمل، وللشباب بشكل خاص. وهذا هدف لا يمكن بلوغه، إلا بتحفيز النمو الاقتصادي، بالشراكة الكاملة بين القطاعين العام والخاص. ونحن في لبنان نضع في أولويات حكومتنا إنجاز قانون الشراكة بين العام والخاص، ليكون إطارا لرعاية هذه الشراكة وتفعيلها».
وفيما يتعلّق بلبنان قال: «بلدنا عانى من شلل سياسي انعكس اقتصاديا طوال قرابة ثلاثة أعوام. أما اليوم، وبعد انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة (استعادة الثقة) فإن المؤشرات عادت للتحسن وإن ببطء، وشرعنا بإطلاق ورشة من الإصلاحات للنهوض باقتصادنا بكل قطاعاته»، وتقدم بالشكر «للصناديق العربية التي كانت دائما محركا وداعما للمشاريع الإنمائية في كل المناطق اللبنانية».
وأشار إلى أن «لبنان يواجه صعوبة خاصة وعائقا أساسيا أمام ورشة النمو الاقتصادي، يتمثل بوجود مليون ونصف مليون نازح من إخواننا السوريين، أضيفوا إلى قرابة نصف مليون لاجئ فلسطيني، على أراضيه. لقد قام اللبنانيون، دولة ومجتمعا مدنيا، بكامل واجباتهم والتزاماتهم حيال هذه الأزمة الإنسانية، وما زالوا، وهذا ليس فيه منة أو جميل لأحد. لكن لبنان لن يتمكن من الاستمرار بمواجهة تداعيات هذه الأزمة منفردا. فأعداد النازحين واللاجئين في بلدنا، تلامس نصف عدد المواطنين، ما رفع نسبة الفقر إلى 30 في المائة، وضاعف معدلات البطالة إلى 20 في المائة، وأكثر من 30 في المائة بين الشباب، وأرهق الخدمات العامة والبنى التحتية، وزاد من عجز المالية العامة، في وقت تراجع النمو الاقتصادي من 8 في المائة سنويا قبل الأزمة، إلى ما يقارب الواحد في المائة حاليا».
وأوضح «إن حكومتنا قررت مواجهة هذه الأزمة، وهي وضعت رؤية موحدة بهذا الهدف، قائمة على رفع مستوى البنى التحتية والخدمات العامة لإعادة تأهيلها بعد الضغط الذي تعرضت له وتمكينها من الاستمرار باستيعابه. ونحن نطلق هذه الخطة الطموحة لأن واجبنا هو النهوض باقتصادنا وحماية بلدنا وتوفير فرص العمل لشبابنا. إلا أننا نعول على المساندة الدولية والعربية في تمويل برنامج الاستثمار في البنى التحتية والخدمات العامة، ونعلم أن إخواننا العرب الذين كانوا دائما إلى جانب لبنان في السراء والضراء، سيكونون في طليعة المشجعين وفي قيادة المجتمع الدولي إلى المساهمة معهم في ضمان استقرار بلدنا ومناعته وقدرته على الصمود في وجه الأعاصير التي تلف المنطقة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.