شاشة الناقد

أهداف طائشة

إليزابث بانكس وجيمس ماردسن في «مسيرة العار»
إليزابث بانكس وجيمس ماردسن في «مسيرة العار»
TT

شاشة الناقد

إليزابث بانكس وجيمس ماردسن في «مسيرة العار»
إليزابث بانكس وجيمس ماردسن في «مسيرة العار»

الفيلم: Walk of Shame ‪ ‬
‫إخراج: ستيفن بريل‬
أدوار أولى:
إليزابيث بانكس، جيمس ماردسن، جيليان جاكوبس
تقييم الناقد: (2*)

يغزل «مسيرة العار» من فكرة امرأة بيضاء البشرة، شقراء الشعر، مثيرة الملابس، تجد نفسها في الأحياء الممنوعة من لوس أنجليس، لكن المخاطر التي تقع حولها لا تهددها فعليا. مع خلو الفيلم من قيمة اجتماعية بصرف النظر عن توجهها، فإن كل شيء يبدو آيلا إلى حل جيـد وصولا لنهاية متوقـعة.
إليزابيث بانكس هي أفضل ما في هذا الفيلم، لاعبة شخصية امرأة شابـة تعيش كابوسا طويلا مع هلع مستمر في سلسلة من المواقف الكوميدية. بعض تلك المواقف جيـد، لكنها ليست الجودة التي تنطلي على الفيلم بأسره الذي كان يتطلـب سيناريو أكثر وثوقا بما يريد الوصول إليه.
إنها ميغان التي تجري اختبارا لتتولى نشرة الأخبار. يأتيها نبأ تفضيل مرشـحة أخرى وتقنعها صديقتاها دنيس (سارا رايت) وروز (جيليان جاكوبس) بالخروج معا لسهرة تنسى فيها إحباطها. للمناسبة، تعيرها إحداهما فستانها الأصفر الضيق ومنخفض الصدر (والدتها التي لا تعيش معها كانت عابت عليها أن فستانا سابقا أظهر بعض مفاتن الصدر). تخرج من الحانة مترنحة ولا تستطيع العودة. تلتقي الشاب غوردون (جيمس ماردسن) الذي يصطحبها إلى منزله الكائن قرب شرق لوس أنجليس. عندما تستيقظ ليلا تجد أن سيارتها التي أوقفتها في مكان ممنوع قد سـحبت، وبلا هاتف وبلا مال، ولا تعرف أي شقة كانت بها، وما عليها الآن إلا أن تعود إلى منزلها إذا استطاعت، علما بأن منتجها عاد فأخبرها أنه جرى قبولها، وعليها أن تكون بالاستديو في الخامسة بعد الظهر.
ستصل في الخامسة بعد ظهر اليوم التالي، لكن بعد أحداث ومخاطرات يعالجها المخرج (برهن سابقا على عدم موهبته حينما أخرج لأدام ساندلر Little Nicky ولو أن نتيجة الفيلم الجديد التنفيذية أفضل) بخفة مناسبة حينا وأقل من ذلك حينا آخر. المشكلة هي أن الفكرة تجف في منتصف الطريق غير مدعومة بأي تطوير. المفارقات بدورها مثيرة في البداية، تفتح الباب على مفارقات مقبولة قبل أن تصبح متكررة وصدفية أكثر من المحتمل. هذا علما بأن سحب السيارة من مكانها لأي سبب أمر لا يقع بعد منتصف الليل كما حدث في الفيلم.
رسالة الفيلم ستتمحور، في النهاية الهزيلة المختارة لهذا العمل، حول أن ليس كل من ترتدي ثيابا ضيـقة وكاشفة هي إنسانة ساقطة. من الغريب أنها تقريبا رسالة فيلم «حلاوة روح» أو ما حاولت هيفاء وهبي تأكيده هنا. الفارق أن بانكس لا تتغنـج مدركة أن العيون عليها. في مشاهد كثيرة، تتمنى لو أن العيون لم تكن منصبـة عليها أساسا. يكشف الفيلم عن المزيد من ضعف السياق والكتابة مع مرور الوقت، وفي النهاية يجد نفسه حشر نفسه في موقف حرج، إذ لا يستطيع تركها تسرد ما حدث لها وشاهدناه وهي تجلس أمام الكاميرا لتحكي للجمهور المفترض داخل الفيلم ما وقع لها مما يضطره إلى الاختصار، مما يقلل من أي مفاد خطط له أو أراده.



شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز