الجزائر: بن فليس يتهم السلطات بتزوير استحقاق البرلمان

في حين تدعو أحزاب «الموالاة» المعارضة إلى تقديم أدلة تؤكد حدوث تجاوزات

الجزائر: بن فليس يتهم السلطات بتزوير استحقاق البرلمان
TT

الجزائر: بن فليس يتهم السلطات بتزوير استحقاق البرلمان

الجزائر: بن فليس يتهم السلطات بتزوير استحقاق البرلمان

قال علي بن فليس، رئيس الوزراء الجزائري السابق: إن نسبة عزوف الناخبين عن الاستحقاق التشريعي الذي جرى في 4 من مايو (أيار) الماضي «أفقد النظام السياسي القائم وكل الذين تحدثوا باسمه رصانتهم وتوازنهم»، بعد أن غاب عن الموعد أكثر من 15 مليون ناخب، في حين تضم اللائحة الانتخابية 23 مليون ناخب.
وذكر بن فليس، وهو رئيس الحزب المعارض: «طلائع الحريات» أمس في مؤتمر صحافي بالعاصمة، أن «ثلاثة أرباع الناخبين تقريبا لم يدلوا بأصواتهم، يضاف إليهم عدد الأصوات اللاغية (نحو مليونين)، وقد كان لهم مفعول الصاعقة في سماء الجزائر، المثقل بالسحب الجَشاء؛ فماذا بقي للنظام السياسي أن يقوله اليوم؟ هل له من الجرأة ما يكفي لمواجهة هذه الأغلبية الساحقة من الشعب الجزائري، ومواصلة إلصاق التهم بها واعتبارها أنها مكونة من عملاء للخارج؟»، في إشارة إلى تصريحات مسؤولين حكوميين، مفادها أن المعارضة التي دعت إلى العزوف عن الانتخابات «تحركها أياد أجنبية».
وقال بن فليس: إن «النظام السياسي كان يريد شبه منافسة انتخابية، وكان له ذلك؛ وأراد اقتراعا محرفا، وكان له ذلك أيضا؛ وأراد انتخابات على المقاس وكان له ذلك أخيرا». وأفرز الاستحقاق أغلبية متكونة من حزبين مواليين للرئيس بوتفليقة أكبرهما «جبهة التحرير الوطني»، التي كان بن فليس أمينها العام قبل أن يتم إبعاده منها عام 2003 بسبب ترشحه للرئاسة ضد منافسه آنذاك بوتفليقة.
وبحسب بن فليس، فإن النظام «لم يفلح في دفع الشعب الجزائري ليكون شريكا في التزوير، أو أن يضم يده إلى يده لوضع أختام الشرعية والمشروعية على مسرحية انتخابية، يصعب على أي كان أن يشتم فيها رائحة المنافسة السياسية الشريفة والاقتراع النزيه والطاهر والنقي؛ لقد كتب النظام السياسي القائم سيناريو انتخابيا لتمجيد ذاته. كتبه وحده من فاتحته إلى خاتمته، غير أن الشعب الجزائري رفض رفضا باتا أن يكون له فيه حظ الممثل الصامت، كما أبى أن يكون عنصرا من عناصر الديكور في تمثيلية تدنى الذوق وضعف الإلهام فيها».
وأضاف بن فليس، موضحا، إن «قرابة ثلاثة أرباع الكتلة الناخبة لم تعتبر نفسها معنية لا من قريب ولا من بعيد باقتراع سيترك لا محالة بصمات عار في التاريخ السياسي الوطني؛ فمن سيضفي يا ترى الشرعية ولو مشبوهة ومطعونة، ولو مبتورة على الهيئة التشريعية الجديدة؟ وعلى أي أساس يمكنها التباهي بالطابع التمثيلي؟ ومن أي منبع ستستمد المصداقية التي من المفروض أن تتوفر فيها؟».
يشار إلى أن الولاية البرلمانية المنقضية، (2012 - 2012) جرت معها خلال خمس سنوات كاملة، وصف «البرلمان غير الشرعي»، بسبب نسبة التصويت المتدنية (38 في المائة). وسيتكرر الشيء نفسه مع البرلمان الجديد، بحسب مراقبين؛ لأن نسبة التصويت لم تتعد 35 في المائة.
وعلى عكس بن فليس الذي قاطع الانتخابات، لا ترى الأحزاب التي تصدرت نتائجها، وجود أي شبهة تزوير، وقال قادتها إنهم يتحدون المعارضة تقديم الأدلة المادية على وجود تلاعب بالأصوات.
ولاحظ بن فليس، أن عدد الأصوات اللاغية «يشكل وحده حزبا، ولو كان بإمكان حزب الأصوات اللاغية انتداب ممثلين عنه في الهيئة التشريعية الجديدة لوصل عددهم إلى مائتي نائب، ولحقّ له الطموح في قيادة الحكومة»، مشيرا إلى أن وزارة الداخلية أحصت أكثر من مليونين ومائة ألف صوت لاغٍ؛ وأن المحكمة الدستورية اعتبرت أن أكثر من 350 ألف صوت، من هذا العدد صالح، محددة بذلك عدد الأصوات اللاغية بأكثر من مليون و57 ألف صوت.
وأضاف بن فليس: «هنا تطرح بعض الأسئلة المحيرة؛ لأن خطأ بحجم أكثر من 350 ألف صوت ليس بالأمر الهين وغير اللافت؛ فكيف غابت هذه الأعداد عن يقظة وزارة الداخلية؟ وما الذي فعلته بها المحكمة الدستورية المتفطنة واليقظة؟ وبأي طريقة أعجوبية تم تقويم هذه الأعداد دون أن تتأثر بها نتائج الاستحقاق الانتخابي بأي صفة من الصفات، أو بأي رقم من الأرقام الأخرى؟ وهل من المعقول أن يعاد الاعتبار لهذا العدد الكبير من الأصوات، دون أن يكون له أدنى تأثير على توزيع المقاعد في الهيئة التشريعية الجديدة؟».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.