الأمم المتحدة: «جنيف 6» سيكون «قصيراً ومركزاً»

مسؤول أممي استبعد عقد لقاء مباشر بين النظام والمعارضة

الأمم المتحدة: «جنيف 6» سيكون «قصيراً ومركزاً»
TT

الأمم المتحدة: «جنيف 6» سيكون «قصيراً ومركزاً»

الأمم المتحدة: «جنيف 6» سيكون «قصيراً ومركزاً»

قال رمزي عز الدين رمزي، نائب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، إن المنظمة تتطلع لمساهمة إيجابية من حكومة النظام السوري في محادثات جنيف المقبلة، لافتا إلى أن الاجتماع سيكون هذه المرة «قصيرا ومركزا». واستبعد رمزي، الذي وصل إلى دمشق يوم أمس السبت، واجتمع مع نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، لبحث التحضيرات للمحادثات المقبلة، أن تكون هناك محادثات مباشرة بين وفدي النظام السوري والمعارضة خلال اجتماعات «جنيف6». وقال رمزي في مؤتمر صحافي عقده في دمشق: «بالمختصر المفيد سيكون المؤتمر مختصرا ومركزا، وهذا ما نريد تحقيقه، ونتطلع إلى المساهمة الإيجابية والبناءة من قبل الحكومة السورية لإنجاح هذا الاجتماع الذي نعتبره اجتماعا مهما».
من جهة ثانية، ستذهب المعارضة السورية إلى الجولة السادسة من مفاوضات جنيف الأسبوع المقبل، وهي مدركة تماما أن أفق التوصل إلى حلّ حول الانتقال السياسي شبه معدوم في ضوء مستجدات كثيرة، كان آخرها «اتفاق آستانة» الذي وصفته بـ«الغامض»، وفق وصفها، إضافة إلى سياسة المصالحات القسرية التي يعتمدها النظام السوري في عدد كبير من المناطق. وهو ما أشار إليه أيضا المبعوث الخاص إلى سوريا مايكل كونتيت، داعيا إلى «عدم تعليق كثير من الآمال على جولة جنيف المقبلة». كذلك اعتبر وزير خارجية النظام وليد المعلم مؤخرا أن محادثات جنيف لا تحرز تقدما، والبديل هو «المصالحات الوطنية»، في إشارة إلى عمليات التهجير والتغيير الديموغرافي التي تنفذها قوات النظام تحت إشراف روسيا، لا سيما، في أحياء شرقي دمشق، ومدن المعضمية وداريا وقدسيا بمحافظة ريف دمشق وحي الوعر الحمصي.
السفير رمزي وصف لقاءه مع نائب المقداد بأنه كان «مفيدا وإيجابيا»، وأضاف: «ما سمعته اليوم من نائب وزير الخارجية يعطيني أملا بأن الموقف السوري سوف يكون بنّاء خلال الاجتماع القادم، كما تم بحث التطورات المرتبطة بالأزمة في سوريا». وتطرق رمزي إلى اتفاق «تخفيف التصعيد» الذي تم التوصل إليه في العاصمة الكازاخستانية آستانة، فقال: «إننا نضع أهمية كبيرة لتخفيف التوتر وخفض التصعيد، ولدينا أمل كبير في أن يؤدي اتفاق آستانة إلى ذلك، وهذا من شأنه تهيئة المناخ المناسب لمسار جنيف، خصوصا أن تثبيت وقف إطلاق النار شيء مهم وأساسي لخلق المناخ المناسب لمحادثات جادة».
كذلك شدد رمزي على أن «وقف إطلاق النار في نفس الوقت لا يمكن أن يكون له استمرارية دون أفق سياسي، وهذا أمر مهم جدا»، مبينا عدم تغيير في جدول «أعمال المؤتمر، فهو واضح وليس فيه تغيير وهناك أربع سلال سيتم التعامل معها بالتوازي، ولكن سبق أن أكدنا للأطراف أن هناك مع الالتزام بالتحرك بالتوازي إمكانية لتسريع إيقاع بحث إحدى هذه السلال».
وحول إمكانية عقد جلسة اجتماع مباشرة بين وفد الحكومة السورية والمعارضة قال نائب مبعوث الأمم المتحدة: «موقف الأمم المتحدة يتمثل بالتحرك نحو المفاوضات المباشرة في أقرب فرصة»، معربا عن اعتقاده في الوقت ذاته أن «هذا الأمر لم يتحقق بعد». ورأى أن «مسار جنيف مهم، لأنه يعكس الشرعية الدولية ممثلة بقرارات الأمم المتحدة التي تتحدث عن مبادئ أساسية، أعتقد أن السوريين بغض النظر عن موقعهم السياسي ملتزمون بها، ويؤكدون ضرورة احترامها وهي وحدة وسلامة أراضي سوريا واحترام سيادتها وطبيعة سوريا المستقبلية، وكل هذه أمور مهمة جدا، وهناك تحرك نحو القبول بأمور كثيرة وسوف نرى خلال الأيام المقبلة».
هذا، وكان ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، قد صرح بأن جولة جديدة من محادثات «التقارب» بين موفدي الحكومة السورية والمعارضة ستجري في جنيف في الفترة بين 16 و19 مايو (أيار) لاستغلال التطورات الإيجابية بعد اتفاق آستانة الشهر الجاري. وإحدى الاتفاقات التي تضمنتها مذكرة آستانة تبادل الأسرى بين الجانبين، وقال دي ميستورا إن هذه النقطة تم الانتهاء منها تقريبا.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.