الحساء الطبق الأول على موائد العالم

جولة على أشهر أنواعه... و«المينستروني» في الطليعة

حساء «ميزو» الياباني يساعد على عملية الهضم  -  حساء «مينستروني» الايطالي الشهير بـ«طبق الفقراء»  -  حساء «بوبابيز» الفرنسي المرتكز على مرق السمك
حساء «ميزو» الياباني يساعد على عملية الهضم - حساء «مينستروني» الايطالي الشهير بـ«طبق الفقراء» - حساء «بوبابيز» الفرنسي المرتكز على مرق السمك
TT

الحساء الطبق الأول على موائد العالم

حساء «ميزو» الياباني يساعد على عملية الهضم  -  حساء «مينستروني» الايطالي الشهير بـ«طبق الفقراء»  -  حساء «بوبابيز» الفرنسي المرتكز على مرق السمك
حساء «ميزو» الياباني يساعد على عملية الهضم - حساء «مينستروني» الايطالي الشهير بـ«طبق الفقراء» - حساء «بوبابيز» الفرنسي المرتكز على مرق السمك

طبق لطالما رفضنا تناوله ونحن أطفال لكونه يذكّرنا مباشرة بحالتنا الصحيّة المتردّية حينها، عندما كان يشكّل الطبق الرئيسي الذي تحضّره لنا والدتنا للتخلّص من أمراض الرشح والمعدة. فالحساء يعدّ من أشهر وأقدم الأطباق عبر الزمن إذ كان يشكّل الغذاء اليومي للفقراء والأغنياء معا، وذلك تبعا لمكوّناته التي كانت تقتصر على الخضار البرّي للفئة الأولى، فيما تحتوي على مرق الدجاج واللحم إضافة إلى قطع منها بالنسبة للفئة الثانية.
ورغم طبيعة مكوّناته الخفيفة على المعدة في غالبية الوقت، فإن قرارنا في تناوله عادة ما يكون حاسما ويدور في فلك كلمتين فقط «نعم» أو «لا»، إذ يعدّ من الأطباق التي لا تحتمل المسايرة في تذوّقها فإما نحبّها أو العكس.
البعض يرى في هذا الطبق أهمية صحيّة توازي تلك التي نجدها في أطباق السلطة عامة، وعادة ما يكثر تناوله أيام فصل الشتاء إذ يزوّدنا بالدفء لكونه يقدّم ساخنا. وهناك من يعتبره طبقا رئيسيا حتى في أيام الصيف حيث يتصدّر المائدة كعنصر أرستقراطي في حال كانوا يقيمون دعوة عشاء أو غداء لأصدقائهم.
وفي جميع الأحوال فإن الحساء يعدّ من أشهر الأطباق التي تقدّم في المطاعم وعلى اختلاف مطابخها.
وبهذه المناسبة اخترنا لكم 6 من أشهر تلك الأطباق المعروفة في الدول العربية والغربية معا، التي يعدّ الإيطالي والفرنسي منها الأهم والأكثر انتشارا.
حساء «المينستروني» الإيطالي
من قال إنه لا يمكننا الاستفادة من بقايا الطعام في ثلّاجاتنا؟
حساء «المنيستروني» الإيطالي قد يقلب هذه المعادلة لديك في حال قررت تحضيرها في المنزل. يعرف هذا الحساء بـ«طبق الفقراء» إلا أن شهرته التي طالت مختلف بقاع الأرض جعلت منه طبقا تتناوله جميع الشرائح الاجتماعية في العالم. فهو يتألّف عادة من ورق الملفوف المفروم والبطاطا والجزر والكرفس المقطّعة إلى أجزاء صغيرة، إضافة إلى حبّات البازلاء أو الفاصوليا المحضّرة مع البصل والثوم والبندورة وكمشة من الأرز أو المكرونة. يندرج هذا الطبق الذي ينكّه بالحبق ويغمر برشة من الجبن الإيطالي (بارميزان) تحت قائمة أطباق حساء الخضار المشهورة في العالم.
حساء «بويابيز» الفرنسي
تعود أصول هذا الطبق إلى المدينة الفرنسية الشرق أوسطية (مارسيليا). وهو يتألّف من مرق السمك مع البطاطا في الأصل، الذي تطوّر فيما بعد ليحتوي على أنواع أخرى من ثمار البحر كالربيان. عادة ما يتم تناوله مع الخبز العادي أو يتم توزيع بعض القطع المقرمشة منه والمغمّسة بالثوم (croutons) على سطحه.
ومع أن الفرنسيين استقدموه من مواطنيهم الذين عاشوا لفترة في اليونان، فإنه بقي يحمل الهوية الفرنسية حتى اليوم ويعدّ طبقا لذيذا ومغذّيا معا.
حساء «ميزو» الياباني
عادة ما يرافق هذا الطبق موائد اليابانيين على اختلافها وفي جميع الأوقات. وتتألّف مكوّناتها الأساسية من «ميزو» الذي يعدّ نوعا من المكرونة اليابانية المصنوعة من زيت الصويا التي يمكن أن تكون منكّهة أو عادية. إضافة إلى مرق يعرف بـ«داشي» وهو خلاصة غليان نبتة من نوع الطحالب (كونبو) يضاف إليها قطع من سمك التونة أو السردين التي يمكن إيجادها على شكل مكعبات في التعاونيات.
كما تحتوي على مكوّنات أخرى تتراوح ما بين طحالب (وأكامي) وقطع الـ«توفو» (نوع من الجبن الياباني) والفطر الأسود مع شرائح البصل وقطع من لحم البقر.
ينصح عادة بتناول حساء «ميزو» قبل الشروع في التهام أطباق السوشي اليابانية إذ تساعد على عملية الهضم كما يقول خبراء التغذية في اليابان.
حساء «غاسباشو» الإسباني
هو طبق حساء مشهور في جنوب إسبانيا يتم تناوله باردا ويرتكز على خلطة من الخضار تتصدّرها البندورة. يحضّر هذا الطبق في ماكينة الخلّاط بحيث توضع فيه قطع البندورة مع شرائح من الخيار والفلفل الأخضر والبصل، ويضاف إليها قطع من الخبز (pain de mie) مع تتبيلة من الثوم وزيت الزيتون والخل الأبيض.
يمكن تناولها في صحون مجوّفة أو في أكواب زجاجية شفافة لإظهار ألوان الخضار الجميلة والمخلوطة معا خلال عملية تحضيرها. كما يمكن إضافة مكعبات من الخضار الطازجة عند تقديمها لتضفي الحيوية عليها.
حساء «الشوربة» المغربي
يشبه هذا الطبق في مكوّناته وطعمه أطباق الحساء المعروفة في العالم العربي تحت اسم «حساء الخضار». يتألّف هذا الطبق من مجموعة من الخضار (جزر وبطاطا وكوسى وبندورة) مضافة إلى مرق لحم البقر والشعرية أو الأرز.
غالبا ما يتم تناول هذا الحساء في مواسم شهر رمضان لكونه يعدّ طبقا كامل التغذية لما يتضمن من بروتينات وألياف.
حساء «العدس بالحامض» اللبناني
يعدّ من ألذّ وأطيب أطباق الحساء في العالم العربي، لا سيما أنه يحتوي على مكوّنات مغذّية، تتألّف من العدس وقطع البطاطا والخضار المفرومة. ويضاف إلى هذا الخليط الكزبرة مع الثوم والحامض حسب الرغبة. وإضافة إلى الملح والبهار يستخدم البعض رشّة من الكمون فيضفي إلى طعمه نكهة شرقية بامتياز، الذي يقي المعدة في الوقت نفسه من الانتفاخ بسبب تناولنا الحبوب.
حساء «العدس بالحامض» تناقله الجيل الجديد من اللبنانيين بعدما ورثوه من أجدادهم. فهو طبق لبناني أصيل نابع من القرية اللبنانية ويدخل في قائمة الأكلات التراثية.



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».