مطالبات في تشيلي بتغيير «دستور بينوشيه»

وثيقة من حقبة «الديكتاتورية» تحكم البلد الأكثر ديمقراطية في أميركا اللاتينية

الرئيس الأسبق لتشيلي سيباستيان بنييرا مستقبلا ابنة أحد المعارضين الكوبيين البارزين في سانتياغو (رويترز)
الرئيس الأسبق لتشيلي سيباستيان بنييرا مستقبلا ابنة أحد المعارضين الكوبيين البارزين في سانتياغو (رويترز)
TT

مطالبات في تشيلي بتغيير «دستور بينوشيه»

الرئيس الأسبق لتشيلي سيباستيان بنييرا مستقبلا ابنة أحد المعارضين الكوبيين البارزين في سانتياغو (رويترز)
الرئيس الأسبق لتشيلي سيباستيان بنييرا مستقبلا ابنة أحد المعارضين الكوبيين البارزين في سانتياغو (رويترز)

مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والتشريعية في تشيلي ازدادت الأصوات المطالبة بإلغاء دستور ما وصف بفترة الديكتاتورية في تشيلي، وهو الدستور الذي وضعه الجنرال أوغوستو بينوشيه، منذ الثمانينات، وذلك بعد الإطاحة بالرئيس اليساري سلفادور اييندي أول رئيس يساري في أميركا اللاتينية يصل للحكم عبر الانتخابات، لدستور وصف بأن مواده ما زالت تحكم البلد الأكثر ديمقراطية في أميركا اللاتينية.
الانتخابات الرئاسية التشيلية ستجري هذا العام في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) القادم تليها انتخابات تشريعية سينبثق عنها برلمان جديد ستكون مهمته القادمة حسبما تطالب الأوساط السياسية في البلاد تغيير الدستور الذي أثار الجدل في الآونة الأخيرة، وذلك ليتسلم الرئيس الجديد البلاد لفترة رئاسية ستكون من عام 2018 وحتى 2022.
وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة أن تيار اليمين في البلاد قد يفوز في الانتخابات القادمة، وخاصة بعد أن قرر الرئيس الأسبق سيباستيان بنييرا خوض سباق الرئاسة القادم بتحالف قوي وهو «تشيلي باموس»، التحالف الذي عرف عنه الثبات والاتزان دون التحالفات الأخرى ليرفع بذلك أسهم رجل الأعمال بنييرا إلى أعلى المستويات. إلا أن عددا من الباحثين في الشأن التشيلي يرون أن خريطة الانتخابات الرئاسية القادمة مليئة بعدد كبير من المرشحين أغلبهم يفتقرون للخبرة السياسية وغير معروفين بشكل كبير مما يرفع حظوظ المرشح اليمني بنييرا في الفوز.
على جانب آخر، ازدادت الأصوات المطالبة داخل تشيلي بتغيير الدستور الجديد ليدخل تعديلات كبيرة تشمل دمج التحالفات وتقليل الأحزاب السياسية لكي تكون أكثر فعالية، إضافة إلى أنه في حالة فوز الرئيس الأسبق بنييرا في البلاد ستكون بذلك شهدت البلاد نحو 16 عاما من حكم رئيسين فقط، وهما بنييرا والرئيسة الحالية ميشيل باتشليت، حيث إن الرئيسة باتشليت حكمت البلاد في الفترة (2006 - 2010) ثم جاء الرئيس بنييرا في الفترة (2010 - 2014) ثم جاءت مجددا باتشليت (2014 - 2018)، وفي حالة فوز بنييرا في الانتخابات القادمة ستكون من الفترة (2018 - 2022) مما سيتسبب في خلق حالة من انغلاق الأفق السياسي في بلد وصف بأنه الأكثر ديمقراطية في أميركا اللاتينية بعد أن قضى حقبة لا بأس بها تحت حكم وصف بالديكتاتوري في عهد الجنرال أوغوستو بينوشيه، الذي حوكم جنائيا على عدد من القضايا السياسية ليغلق بذلك حقبة سياسية في تاريخ تشيلي، وصفت بالأشد قسوة وتعلمت منها أجيال حول انتقال السلطة وتطورها إلى النظام الديمقراطي.
الوضع في تشيلي لم يخف على الرئيس الفنزويلي الحالي نيكولاس مادورو، الذي قال إن على الفنزويليين أن يغتنموا فرصة تغيير دستورهم حتى لا يكونوا مثل تشيلي التي يحكمها دستور ديكتاتوري حسب وصفه، في إشارة إلى الوضع السياسي المتأزم في فنزويلا، في إطار دعوة مادورو لتغير الدستور الذي وضعه الرئيس الراحل هوغو تشافيز، الذي تطالب المعارضة ببقائه وعدم تغييره، مما يثير الاستغراب والجدل حول التمسك بدساتير وضعها العسكريون وتطالب المعارضات السياسية ببقائها وعدم تغيير تلك الدساتير. إلا أن مراقبين سياسيين يرون أن الفرق كبير بين البلدين وتصريحات الرئيس الفنزويلي جاءت كرد على وزير خارجية تشيلي، الذي انتقد الأوضاع السياسية في فنزويلا.
من جهتها نقلت وسائل إعلام تشيلية أن الرئيس الأسبق بنييرا والأوفر حظا في الفوز بالرئاسة لا يفضل تغيير دستور بينوشيه، مما يترك حالة من الجدل في تشيلي، وهي الدولة التي حققت تقدما غير مسبوق في ملف الديمقراطية واستقرارا اقتصاديا مقارنة بجيرانها، حسبما تشير الإحصاءات ويفرض مسألة تغير الدستور على أجندة الحملات الرئاسية القادمة للمرشحين بلا شك.



جماهير حاشدة تستقبل الوفد الفلسطيني للألعاب الأولمبية في باريس (فيديو)

TT

جماهير حاشدة تستقبل الوفد الفلسطيني للألعاب الأولمبية في باريس (فيديو)

الرياضيون الأولمبيون الفلسطينيون وأعضاء الوفد يقفون مع أنصارهم لدى وصولهم إلى مطار شارل ديغول في باريس (أ.ف.ب)
الرياضيون الأولمبيون الفلسطينيون وأعضاء الوفد يقفون مع أنصارهم لدى وصولهم إلى مطار شارل ديغول في باريس (أ.ف.ب)

تم الترحيب بالرياضيين الأولمبيين الفلسطينيين بهتاف جماهيري «تحيا فلسطين»، وهدايا من الطعام والورود عند وصولهم إلى باريس، الخميس، لتمثيل غزة التي مزقتها الحرب وبقية المناطق الفلسطينية على المسرح العالمي.

وبينما كان الرياضيون المبتهجون يسيرون عبر بحر من الأعلام الفلسطينية في مطار باريس الرئيسي، قالوا إنهم يأملون أن يكون وجودهم بمثابة رمز وسط الحرب بين إسرائيل و«حماس»، حسبما أفادت وكالة «أسوشييتد برس».

وحث الرياضيون والمؤيدون الفرنسيون والسياسيون الحاضرون الأمةَ الأوروبية على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بينما أعرب آخرون عن غضبهم من الوجود الإسرائيلي في الألعاب.

وقال يزن البواب، وهو سباح فلسطيني يبلغ من العمر 24 عاماً وُلد في السعودية: «فرنسا لا تعترف بفلسطين دولةً، لذلك أنا هنا لرفع العلم الفلسطيني». وأضاف: «لا نعامل بوصفنا بشراً، لذلك عندما نلعب الرياضة يدرك الناس أننا متساوون معهم». وتابع: «نحن 50 مليون شخص بلا دولة».

وقام البواب، وهو واحد من ثمانية رياضيين في الفريق الفلسطيني، بالتوقيع للمشجعين، وتناول التمر من طبق قدمه طفل بين الحشد.

الرياضيون الأولمبيون الفلسطينيون وأعضاء الوفد يقفون مع أنصارهم لدى وصولهم إلى مطار شارل ديغول في باريس (أ.ف.ب)

وتُظهِر هتافات «فلسطين الحرة» التي يتردد صداها في مطار شارل ديغول في باريس كيف يؤثر الصراع والتوتر السياسي في الشرق الأوسط على الألعاب الأولمبية.

ويجتمع العالم في باريس في لحظة تشهد اضطرابات سياسية عالمية، وحروباً متعددة، وهجرة تاريخية، وأزمة مناخية متفاقمة، وكلها قضايا صعدت إلى صدارة المحادثات في الألعاب الأولمبية.

في مايو (أيار)، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه مستعد للاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية، لكن الخطوة يجب أن «تأتي في لحظة مفيدة» عندما لا تكون المشاعر على هذا النحو (أي متوترة).

وأدى موقف ماكرون بعدم اعتراف مباشر بدولة فلسطينية، إلى إثارة غضب البعض، مثل إبراهيم بشروري البالغ من العمر 34 عاماً، وهو من سكان باريس، والذي كان من بين عشرات المؤيدين الذين كانوا ينتظرون لاستقبال الرياضيين الفلسطينيين في المطار. وقال بشروري: «أنا هنا لأظهر لهم أنهم ليسوا وحدهم. إنهم مدعومون».

وأضاف أن وجودهم هنا «يظهر أن الشعب الفلسطيني سيستمر في الوجود، وأنه لن يتم محوه. ويعني أيضاً أنه على الرغم من ذلك، في ظل الوضع المزري، فإنهم يظلون صامدين، وما زالوا جزءاً من العالم وهم هنا ليبقوا».

ودعت السفيرة الفلسطينية لدى فرنسا إلى الاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية، ومقاطعة الوفد الأولمبي الإسرائيلي. وكانت قد قالت في وقت سابق إنها فقدت 60 من أقاربها في الحرب في غزة. وقالت: «إنه أمر مرحب به، وهذا ليس مفاجئاً للشعب الفرنسي، الذي يدعم العدالة، ويدعم الشعب الفلسطيني، ويدعم حقه في تقرير المصير».

وتأتي هذه الدعوة للاعتراف بعد يوم واحد فقط من إلقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطاباً لاذعاً أمام الكونغرس خلال زيارة لواشنطن، والتي قوبلت بالاحتجاجات. وأعلن أنه سيحقق «النصر الكامل» ضد «حماس»، ووصف أولئك الذين يحتجون في الجامعات وفي أماكن أخرى في الولايات المتحدة، على الحرب، بأنهم «أغبياء مفيدون» لإيران.

ورددت سفارة إسرائيل في باريس موقف اللجنة الأولمبية الدولية في «قرار فصل السياسة عن الألعاب». وكتبت السفارة في بيان لوكالة «أسوشييتد برس»: «نرحب بالألعاب الأولمبية وبوفدنا الرائع إلى فرنسا. كما نرحب بمشاركة جميع الوفود الأجنبية... رياضيونا موجودون هنا ليمثلوا بلادهم بكل فخر، والأمة بأكملها تقف خلفهم لدعمهم».

مؤيدون يتجمعون للترحيب بالرياضيين الفلسطينيين في مطار شارل ديغول قبل دورة الألعاب الأولمبية في باريس (رويترز)

وفق «أسوشييتد برس»، حتى في ظل أفضل الظروف، من الصعب الحفاظ على برنامج تدريبي حيوي للألعاب الأولمبية في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. أصبح هذا الأمر أقرب إلى المستحيل خلال تسعة أشهر من الحرب بين إسرائيل و«حماس»، حيث تم تدمير جزء كبير من البنية التحتية الرياضية في البلاد.

ومن بين الجالية الفلسطينية الكبيرة في الشتات في جميع أنحاء العالم، وُلد العديد من الرياضيين في الفريق أو يعيشون في أماكن أخرى، ومع ذلك فإنهم يهتمون بشدة بالسياسة في وطن آبائهم وأجدادهم.

وكان من بينهم السباحة الأميركية الفلسطينية فاليري ترزي، التي وزعت الكوفية التقليدية على أنصارها المحيطين بها، الخميس. وقالت: «يمكنك إما أن تنهار تحت الضغط وإما أن تستخدمه كطاقة». وأضافت: «لقد اخترت استخدامه كطاقة».