منظمات: مشروع قانون المصالحة التونسي يهدد العدالة الانتقالية

بدء الزيارة اليهودية السنوية إلى كنيس الغريبة وسط مخاوف أمنية

متظاهرون تونسيون للمطالبة بتوفير فرص عمل يملأون مياه من صهريج متنقل (رويترز)
متظاهرون تونسيون للمطالبة بتوفير فرص عمل يملأون مياه من صهريج متنقل (رويترز)
TT

منظمات: مشروع قانون المصالحة التونسي يهدد العدالة الانتقالية

متظاهرون تونسيون للمطالبة بتوفير فرص عمل يملأون مياه من صهريج متنقل (رويترز)
متظاهرون تونسيون للمطالبة بتوفير فرص عمل يملأون مياه من صهريج متنقل (رويترز)

حذرت منظمات غير حكومية تونسية ودولية أمس من أن مشروع قانون «المصالحة الاقتصادية والمالية»، الذي اقترحه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، يمثل «تهديدا حقيقيا» لمسار العدالة الانتقالية في البلاد.
ويقضي مشروع هذا القانون بالعفو عن آلاف من موظفي الدولة ورجال الأعمال الذين نهبوا أموالا عامة في عهد زين العابدين بن علي (1987 - 2011)، شرط إرجاعها مع فوائد.
وأعلنت «لجنة متابعة العدالة الانتقالية» في تونس في مؤتمر صحافي أمس أن مشروع القانون هذا يمثل «تهديدا حقيقيا للعدالة الانتقالية».
وتضم اللجنة نحو 20 منظمة مثل «هيومن رايتس ووتش»، و«المركز الدولي للعدالة الانتقالية»، و«محامون بلا حدود»، و«الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان» الحائزة جائزة نوبل للسلام لسنة 2015. و«المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية».
وقال أنطونيو منغانلا ممثل «محامون بلا حدود» في المؤتمر الصحافي أمس إن مشروع القانون «يهدد العدالة الانتقالية لأنه يعطي عفوا لأشخاص ملطخين بجرائم اقتصادية ومالية»، مشددا على أن مشروع القانون يمثل «رسالة سلبية جدا للتونسيين وللخارج، لأنه يُمْكن أن نسرق ونرتشي في ظل إفلات من العقاب وبحماية من قانون قررته إحدى أهم مؤسسات الدولة».
ومن جهته، قال عبد الجليل البدوي المسؤول في منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية إن «مشروع القانون جائر وغير دستوري، وسيعمق حالة عدم اليقين وعدم الاستقرار في الحياة الاقتصادية ويزيد من عدم الثقة في الدولة».
من جانبها اعتبرت آمنة القلالي، ممثلة «هيومن رايتس ووتش»، أنه في حال صادق البرلمان على مشروع القانون فإنه سيرسي «ثقافة الإفلات من العقاب» ويمنع كشف حقيقة منظومة فساد نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي أطاحت به ثورة مطلع 2011.
وبموجب قانون العدالة الانتقالية، عهد بكشف تاريخي (بداية من 1955) لمختلف أنواع الجرائم والانتهاكات في تونس لهيئة أحدثت لهذا الغرض، وفي نهاية 2013 صادق البرلمان التونسي على قانون «العدالة الانتقالية» الذي تم بموجبه إحداث «هيئة الحقيقة والكرامة» المكلفة تفعيل القانون.
ومن بين مهام الهيئة محاسبة المسؤولين عن جرائم «الفساد المالي والاعتداء على المال العام» المقترفة في عهد بن علي. وفي منتصف يوليو (تموز) 2015 أحالت الرئاسة التونسية مشروع قانون «المصالحة» إلى البرلمان الذي شرع في مناقشته نهاية يونيو (حزيران) 2016. قبل أن يوقفها إثر مظاهرات نظمتها أحزاب ومنظمات رافضة للمشروع. لكن في أبريل (نيسان) 2017. عادت لجنة التشريع العام في البرلمان إلى مناقشة مشروع القانون.
ودعت منظمة الشفافية الدولية البرلمان التونسي إلى «عدم المصادقة» على مشروع القانون، محذرة من أنه «سيشجع» على الفساد و«اختلاس المال العام» في حال تمريره.
من جهة ثانية، بدأت أمس في جزيرة جربة (جنوب شرق)، ووسط إجراءات أمنية مشددة، الزيارة اليهودية السنوية إلى كنيس «الغريبة» الذي يعتبر أقدم معبد يهودي في أفريقيا.
ومنذ منتصف نهار أمس توافدت مجموعات تضم عشرات اليهود من أعمار مختلفة على كنيس الغريبة في الجزيرة السياحية التي تقع على بعد نحو 580 كلم جنوب شرقي العاصمة التونسية. وانتشرت على الطرق المؤدية إلى الكنيس أعداد كبيرة من قوات الجيش والأمن، وأقيمت حواجز أمنية لتفتيش السيارات.
وتبدأ الزيارة في اليوم الثالث والثلاثين من الفصح اليهودي وتستمر يومين. ويوافق التاريخان هذه السنة يومي الجمعة والأحد.
وتعلق مراسم الزيارة السبت باعتباره يوم العطلة الأسبوعية لدى اليهود.
وقال بيريز الطرابلسي، رئيس كنيس الغريبة منذ 30 عاما، إنه «متفائل» متوقعا أن يبلغ عدد الزوار ثلاثة آلاف خلال يومين. وأضاف موضحا «لنا ثقة في السلطات التونسية لضمان الأمن».
ويحظى كنيس الغريبة بمكانة خاصة عند يهود تونسيين وأجانب، يعتبرونه أقدم معبد يهودي في أفريقيا، ويضم، بحسب الأسطورة، واحدة من أقدم نسخ التوراة في العالم.
وبحسب الطرابلسي، يزور اليهود كنيس الغريبة منذ أكثر من 200 عام لإقامة طقوس دينية واحتفالات «الهيلولة». وتتمثل هذه الطقوس والاحتفالات في إقامة صلوات وإشعال شموع داخل الكنيس، والحصول على «بركة» حاخاماته وذبح قرابين (خرفان) والغناء وتناول شراب مستخرج من ثمار التين، والذي يشتهر بصناعته يهود تونس دون سواهم.
وفي الثالث من مايو (أيار) الحالي دعت إسرائيل رعاياها إلى عدم التوجه إلى جزيرة جربة لزيارة كنيس الغريبة، وحذرتهم من احتمال حصول هجمات «إرهابية»، وهو تحذير تصدره إسرائيل سنويا مع اقتراب موعد زيارة كنيس الغريبة.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.