إسرائيل تباشر مفاوضات مع الأسرى المضربين عن الطعام

مع دخول إضراب الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية يومه السادس والعشرين، أكدت مصادر إسرائيلية وفلسطينية أن مصلحة السجون أرسلت وفداً رفيعاً لمفاوضة قيادة الإضراب على تحقيق بعض مطالبهم، مقابل إنهاء الإضراب.
وقال مسؤول إسرائيلي إن مكان المفاوضات هو سجن نيستان (الرملة)، وهي ما زالت في بدايتها، مشدداً على أنه من السابق لأوانه التكهن بنتائجها في الوقت الراهن، فيما قال الوزير عيسى قراقع، رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، إن هناك بوادر لبدء مفاوضات خلال الساعات المقبلة.
وبالمقابل تواصلت أعمال التضامن مع الإضراب، حيث سقط أمس شاب فلسطيني خلال اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الاحتلال، يدعى سبأ عبيد (20 عاماً) من بلدة سلفيت، وقد أصيب برصاص حي في منطقة الصدر، أطلقه جنود الاحتلال على مظاهرة فلسطينية سلمية، جرت في بلدة النبي صالح غرب رام الله تضامناً مع الأسرى. ونقل إلى مستشفى سلفيت الحكومي، لكنه استُشهِد متأثراً بجراحه بعد محاولات فاشلة لإنعاش قلبه.
وعمت المظاهرات والمسيرات المساندة للأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام كل أنحاء الضفة الغربية، أمس (الجمعة)، وأصيب 56 مواطناً بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط وبحالات الاختناق خلال مواجهات في بلدة بيتا جنوب نابلس، وبيت فوريك شرقاً، كما تضررت ثلاث سيارات إسعاف.
وأفاد أحمد جبريل، مدير الإسعاف والطوارئ في الهلال الأحمر، بأن قوات الاحتلال أطلقت الرصاص الحي على سيارة إسعاف تابعة للهلال كانت تنقل أحد المصابين، حيث تعطل إطاراها، بالإضافة إلى إصابة مركبتي إسعاف أخريين.
ونظمت القوى الوطنية والإسلامية، وفعاليات مدينة جنين وبلدات يعبد وسيلة الظهر وجبع، ولجان دعم وإسناد الحركة الأسيرة، واللجنة الشعبية لإطلاق سراح الأسرى، وقفات تضامن واعتصام داخل الخيام المنصوبة تضامناً مع الأسرى المضربين عن الطعام، كما شهدت منطقة الخليل وقلقيلية نشاطات مشابهة.
ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) عن الوزير قراقع قوله إن الهبة الجماهيرية بدأت تؤتي ثمارها، مبرزاً أن «هناك مبادرة من إدارة السجون الإسرائيلية لتجميع قيادة المضربين في سجن واحد لمناقشة مطالبهم، ومن الواضح أنهم يسعون لمحاولة الشروع في مفاوضات، دون مشاركة قائد الإضراب المناضل مروان البرغوثي، لكن الأسرى متمسكون بوجود (أبو القسام) البرغوثي، على رأس أية مفاوضات أو نقاشات من هذا القبيل».
وأضاف قراقع أنه «ليس واضحاً بعد إن كانت إدارة السجون الإسرائيلية جادة في مفاوضاتها مع الأسرى، لكن من المؤكد أن الحراك الجماهيري والضغط الدولي، وخطورة وضع الأسرى المضربين لليوم السادس والعشرين على التوالي، ونقل كثير منهم إلى المستشفيات، دفع إسرائيل لبدء الحديث عن الشروع في مفاوضة الأسرى، بعد وجود رفض معلن لهذا الموضوع في السابق».
وأعاد قراقع التأكيد على أن «الإضراب مطلب إنساني، وسلطات الاحتلال هي المسؤولة عن هذه الأزمة وتداعياتها»، مشيراً إلى وجود تدهور واضح في الوضع الصحي للمضربين نظراً لأن عدداً كبيراً منهم بدأ يتقيأ الدماء، إضافة إلى فقدان كمية كبيرة من الوزن، وحدوث الدوران والدوخان وحدوث مشكلات صحية كثيرة».
ومن جهته، قال عبد الناصر فروانة، رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين، عضو اللجنة المكلفة إدارة شؤون الهيئة في قطاع غزة، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي حوّلت عيادات السجون والمعتقلات إلى أماكن لقمع الأسرى المضربين عن الطعام ووسيلة للتنكيل بهم والضغط عليهم، وجعلت من تقديم العلاج للمرضى شرطاً لإنهاء إضرابهم.
وأضاف فراونة في بيان، أمس، أنه لم يقتصر هذا السلوك على عناصر الأمن أو العاملين في إدارة السجون فحسب، بل يشاركهم فيه الأطباء الإسرائيليون العاملون هناك، في تجاوز سافر لأخلاقيات وآداب المهنة الطبية، وتحدٍّ صارخ لكل المواثيق الدولية والإنسانية. مبرزا أن «الشهادات والمعلومات الواردة من السجون تؤكد أن الأطباء الإسرائيليين يشاركون في تعذيب الأسرى المضربين وإساءة معاملتهم، والضغط النفسي عليهم وعدم تقديم الرعاية الطبية لهم، كما يشاركون، بشكل مباشر أو غير مباشر، في محاولات ابتزازهم ومساومتهم بتقديم العلاج مقابل إنهاء إضرابهم».