«اتفاق آستانة» سلاح النظام السوري للتوجه شرقاً نحو الحدود العراقية

«اتفاق آستانة» سلاح النظام السوري للتوجه شرقاً نحو الحدود العراقية
TT

«اتفاق آستانة» سلاح النظام السوري للتوجه شرقاً نحو الحدود العراقية

«اتفاق آستانة» سلاح النظام السوري للتوجه شرقاً نحو الحدود العراقية

يفتح «اتفاق آستانة» وتراجع المعارك في القسم الغربي من سوريا الطريق أمام قوات النظام لاستغلال الوضع والتوجه نحو شرق البلاد، بهدف منع المقاتلين المدعومين من واشنطن من الاستيلاء على مناطق تقع راهناً تحت سيطرة تنظيم داعش، وفق محللين ومصادر عسكرية تابعة للنظام السوري.
يذكر أن موسكو وطهران وأنقرة كانت قد وقعت قبل أسبوع اتفاقاً في آستانة، عاصمة كازاخستان، ينص على إنشاء أربع «مناطق لتخفيف التصعيد» في ثماني محافظات سورية، على أن يصار فيها إلى وقف القتال والقصف. وبحسب الاتفاق، سيتم إنشاء مناطق «تخفيف التصعيد» في كل من محافظة إدلب (شمال غرب) ومناطق شمالية أخرى، وفي ريف حمص الشمالي (وسط)، وفي الغوطة الشرقية في ريف دمشق، بالإضافة إلى أجزاء من جنوب سوريا. ولقد دخل الاتفاق حيز التنفيذ السبت الماضي، ومن شأن تطبيقه أن يمهد لهدنة دائمة في مناطق عدة. وحسب قول رئيس تحرير جريدة «الوطن» السورية القريبة من النظام وضاح عبد ربه لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «ستسمح هذه الهدنة لجزء من الجيش السوري بالانتشار نحو الشرق باتجاه مواقع سيطرة تنظيم داعش، وتحديداً الحدود العراقية ودير الزور».
ما يستحق الذكر أن هناك الآن مجموعتين تتلقيان دعماً من واشنطن تسعيان للسيطرة على القسم الشرقي من سوريا الصحراوي بمعظمه، وهي ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» ذات الغالبية الكردية التي تخوض مواجهات شرسة ضد تنظيم داعش، ومجموعة أخرى تعرف باسم «جيش مغاوير الثورة»، وهي عبارة عن فصيل يضم مقاتلين سوريين تلقوا تدريبات على أيدي الأميركيين والأردنيين، وتمكنوا من السيطرة خلال الأيام الأخيرة على قرى وبلدات عدة في جنوب شرقي سوريا، قرب الحدود مع العراق.
بحسب عبد ربه، فإن هدف العمليات العسكرية المقبلة سيكون «ردع الولايات المتحدة والقوات التي تدعمها من أن تبسط سيطرتها الكاملة على شرق البلاد». وفي هذا الصدد، قال مسؤول من النظام السوري للوكالة الفرنسية أن «الولايات المتحدة تدفع القوات التي تدعمها إلى السيطرة الكاملة على الحدود السورية العراقية». وفي المقابل، تتقدم قوات النظام، وفق مصدر عسكري سوري، على ثلاثة محاور: الأول ينطلق من محافظة ريف دمشق بهدف فتح طريق مواز لطريق دمشق - بغداد القديم باتجاه معبر التنف على الحدود العراقية. وينطلق الثاني، وفق المصدر ذاته، من البادية، تحديداً من ريف تدمر الشرقي في محافظة حمص (وسط سوريا) باتجاه مدينة السخنة الاستراتيجية التي يسعى جيش النظام للسيطرة عليه تمهيداً لإطلاق عملياته نحو دير الزور، المحافظة النفطية في شرق البلاد والتي يسيطر تنظيم داعش على معظمها. أما المحور الثالث فينطلق من اثريا في محافظة حماة باتجاه دير الزور أيضا.
هذا، ويقول محلل عسكري سوري رفض الكشف عن اسمه، لـ«أ.ف.ب» موضحاً: «نحتاج إلى 15 ألف مقاتل على الأقل لفك الحصار عن مدينة دير الزور... وأكثر من سبعة آلاف جندي محاصرون داخل المدينة». ويشير إلى أن قوات النظام تسعى للوصول إلى نقطة التنف على الحدود العراقية بالتنسيق مع الروس للحؤول دون المزيد من التمدد الأميركي شرقا». وحالياً، يسيطر «جيش مغاوير الثورة» على هذه المنطقة الحدودية.
من جهة أخرى، تبدو مهمة قوات النظام صعبة جراء عوامل عدة أبرزها اتساع المساحات التي يتوجب السيطرة عليها بالإضافة إلى تراجع كثيرة خلال سنوات الحرب الست. ويرى الخبير العسكري أحمد أبا زيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تصريحات موسكو والنظام حول «اتفاق آستانة» كانت واضحة على أساس أن جهودهم سترتكز على التوجه شرقا لقتال «التنظيمات الإرهابية» بحسب توصيفهم. وأردف: «لكن حتى الآن لم يحصل هدنة حقيقية على اعتبار أن المعارك لا تزال مستمرة في ريف حماة الشمالي ومحيط دمشق والمنطقة الجنوبية. وبالتالي، لم يتوفر للنظام الفائض أو القدرة اللازمة للتوجه شرقا، وإن كان يحاول منذ نحو أسبوع التمدّد في البادية». وتابع أبا زيد: «لكن يمكن القول إن مشروع البادية ودير الزور أقرب ليكون أميركيا أي على أيدي القوات التي تدعمها واشنطن والمتمثلة بميليشيا قوات سوريا الديمقراطية (قسد) أو فصائل الجيش الحر، انطلاقا من أن الولايات المتحدة الأميركية لن ترضى بوجود النظام في المنطقة التي من شأنها أن توفّر ممرا آمنا من دمشق إلى بغداد»، مرجّحا في الوقت عينه أن تكون كفّة الدعم لصالح فصائل الحر في القلمون والبادية.
في هذه الأثناء، يقول فابريس بالانش، الباحث الفرنسي المتخصص في الجغرافيا السورية، إنه «بعد إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش في معقله بالرقة، تعتزم الولايات المتحدة مواصلة عملياتها حتى مدينة البوكمال» الحدودية مع العراق والواقعة على بعد 450 كيلومترا إلى الشرق من دمشق. واليوم تخوض «قسد» المدعومة من واشنطن معارك في محافظة الرقة بهدف استعادتها من تنظيم داعش، وقد أنهت سيطرتها الأربعاء على مدينة الطبقة الاستراتيجية في المحافظة. وفي حال تمت السيطرة على الرقة، وفق بالانش، «سيكون من الأفضل لقوات النظام في هذه الحالة المضي قدماً باتجاه الشرق»، مضيفا: «إذا أراد رئيس النظام بشار الأسد الحفاظ على سوريا موحّدة، فهو يحتاج إلى ما يعرف بسوريا غير المفيدة أيضاً». ومعلوم، أن المحللين يطلقون تسمية «سوريا المفيدة» على غرب البلاد، حيث تقع المدن الكبرى والمراكز الاقتصادية الرئيسية (دمشق وحمص وحلب..)، بجانب المناطق الساحلية، والواقعة بمجملها تحت سيطرة قوات النظام.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.