الناشطون المحررون في بغداد «عُذبوا»

قالوا إن الخاطفين اتهموهم بـ«الخيانة» لعملهم في المجتمع المدني

عراقيون يغادرون منازلهم في غرب الموصل مع تواصل المعارك بين القوات و{داعش} (أ.ف.ب)
عراقيون يغادرون منازلهم في غرب الموصل مع تواصل المعارك بين القوات و{داعش} (أ.ف.ب)
TT

الناشطون المحررون في بغداد «عُذبوا»

عراقيون يغادرون منازلهم في غرب الموصل مع تواصل المعارك بين القوات و{داعش} (أ.ف.ب)
عراقيون يغادرون منازلهم في غرب الموصل مع تواصل المعارك بين القوات و{داعش} (أ.ف.ب)

قال ثلاثة من الناشطين الشباب العراقيين الذين اختطفتهم جماعة مسلحة فجر الاثنين الماضي في بغداد، إنهم تعرضوا للضرب المبرح والشتائم المقذعة من قبل خاطفيهم.
وعقد الثلاثة مؤتمراً صحافياً، أمس، غاب عنه أربعة اختطفوا معهم لذهابهم إلى منازل عائلاتهم في جنوب البلاد. وشاهد مراسل «الشرق الأوسط» آثار التعذيب على أجساد الثلاثة خلال المؤتمر الذي عقد في بغداد. وطالب بيان لـ«تجمع المادة 38» من الدستور العراقي الذي يضم عدداً من منظمات المجتمع المدني ومثقفين وأكاديميين، رئيس الوزراء حيدر العبادي بـ«طمأنة» المجتمع المدني وعموم الشعب بأن «الحكومة وأجهزتها الأمنية قادرة على تحقيق الأمن من خلال وضع حد للجماعات المسلحة المنفلتة واتخاذ إجراءات ملموسة وحصر السلاح بيد الدولة».
ودعا بيان التجمع وزير الداخلية وقيادة عمليات بغداد إلى «تقديم الخاطفين إلى العدالة ووضع حد نهائي للمجاميع المسلحة داخل المدن والتعامل مع جرائم الخطف على أنها جرائم إرهابية». وطالب الرئاسات الثلاث بـ«التنديد بالحملة الممنهجة التي تقودها جهات متطرفة ضد الناشطين المدنيين».
وعقب الكلمة، تحدث الشاب المفرج عنه حيدر الناشي عن تفاصيل عملية الاختطاف منذ لحظة وقوعها وانتهاء بلحظة الإفراج، قائلاً: «اقتحمت شقتنا في منطقة البتاوين فجر الاثنين، مجموعة مسلحة، ادعت أنها تابعة لشرطة الأمن السياحي، وكتف أفرادها أيادينا وعصبوا أعيننا ووضعونا في سيارات عرفنا أنها رباعية الدفع».
ويؤكد الناشي أنهم تعرضوا في الطريق «لضرب مبرح واعتداءات مستمرة، إضافة إلى القدح بأعراضنا... أسمعونا أسوأ صنوف السباب والشتائم». وقال إن ذلك «أوحى لنا بنوع الحقد الدفين الذي تضمره لنا هذه الجماعة... وبعد نحو ساعة وربع الساعة وصلنا إلى مقر الخاطفين المجهول، وبدأ التحقيق معنا، وكان يتركز على نشاطنا المدني ومشاركتنا في المظاهرات السلمية، وأثناء فترات التحقيق كنا نتعرض لوابل من الإهانات والضرب المبرح واتهمونا بالخيانة». وأشار إلى أن الخاطفين اقتادوهم إلى «غرفة حجز معدة للمختطفين كما يبدو، وهي عبارة عن غرفة صغيرة لا تتجاوز مساحتها 6 أمتار وغير مؤثثة بالكامل ونمنا على أرضيتها الفارغة».
وأعرب الناشطون عن اعتقادهم بأن الضغط الشعبي والإعلامي عقب حادث الاختطاف ربما أسهما في تغيير طريقة تعامل الخاطفين معهم. وأوضح الناشي أن «الخاطفين غيروا طريقتهم معنا، أخذوا يمازحوننا ويوجهون إلينا أسئلة بشأن تاريخ العراق والمنطقة العربية ورأينا في بعض الزعماء السياسيين، وفي بعض الأحيان يعتذرون منا... وعند الساعة التاسعة من ليل الثلاثاء، أبلغونا بقرار الإفراج. وفي الساعة الحادية عشرة أوصلونا إلى مكان بعيد في قضاء التاجي (شمال بغداد)، وأنزلونا من سياراتهم الخاصة وسلمونا أجهزتنا الجوالة، فقمنا بالاتصال وإخبار الجهات الأمنية فجاءوا واصطحبونا».
أما المختطف الآخر سامر عامر، فأنكر معرفتهم بالجهة التي اختطفتهم. وأكد كلام زملائه عن تعرضهم للإهانة والتعذيب. ولفت إلى أن «الخاطفين لم تكن لديهم أشياء محددة يريدون معرفتها»، لكنه أشار إلى «الطريقة الاحترافية في عملية الاعتقال والاختطاف». وأكد سماعه لأصوات تعذيب أخرى مع أشخاص غيرهم. وكشف عن أن الخاطفين «كانوا يخفضون رؤوسنا أسفل السيارة بين فترة وأخرى، غالباً عندما يمرون بسيطرة أو حاجز أمني».
إلى ذلك، أعلنت مصادر أمنية في بغداد، أمس، أن انفجار سيارة مفخخة في منطقة الشعلة شمال المدينة، أدى إلى مقتل شخصين وجرح أربعة آخرين. وأضافت أن قوات الشرطة والإسعاف هرعت إلى مكان الحادث ونقلت الجرحى والمصابين إلى المستشفى.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.