هروب بالآلاف يوميا مع احتدام المعارك

التنظيم الإرهابي يجبر الفارين على اصطحاب عائلات متشددين معهم

أم تحاول إسكات طفلها في انتظار مركبات الترحيل (رويترز)
أم تحاول إسكات طفلها في انتظار مركبات الترحيل (رويترز)
TT

هروب بالآلاف يوميا مع احتدام المعارك

أم تحاول إسكات طفلها في انتظار مركبات الترحيل (رويترز)
أم تحاول إسكات طفلها في انتظار مركبات الترحيل (رويترز)

يفر آلاف الأشخاص من الموصل كل يوم منذ أن بدأت القوات العراقية تقدمها في آخر المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش، مع نفاد الغذاء والماء وزيادة أعداد القتلى المدنيين جراء القتال، حسب تقرير أوردته رويترز.
الأمم المتحدة ذكرت أمس، نقلا عن بيانات حكومية أن أكثر من 22 ألف شخص فروا من الموصل منذ أن فتحت قوات تدعمها الولايات المتحدة جبهة جديدة في شمال غربي المدينة يوم الرابع من
مايو (أيار) في محاولة لإخراج التنظيم المتشدد بشكل نهائي من هناك. وفي اليومين الماضيين فقط فر أكثر من 11 ألف شخص عبر موقع فحص أمني في مخيم حمام العليل جنوبي الموصل. وقالت أم عبد الرحمن (40 عاما) التي فرت من حي المشرفة ليل أول من أمس الثلاثاء إن مقاتلي تنظيم داعش، يطلقون النار على الذين يحاولون الفرار، رغم أنه تم السماح لبعض الرجال بالخروج مقابل اصطحاب عائلات متشددين معهم.
وكانت ملابس أحد الرجال الذين ينتظرون الفحص الأمني في حمام العليل ملطخة بالدماء نتيجة حمله امرأة أصابها قناص من تنظيم داعش. وانضم الفارون إلى أكثر من 600 ألف شخص خرجوا من الموصل على مدى سبعة أشهر منذ أن بدأت القوات العراقية هجومها على المدينة. وخرج نحو 400 ألف منهم من الشطر الغربي من المدينة التي يقسمها نهر دجلة. والمتشددون محاصرون الآن في الطرف الشمالي الغربي الذي يضم المدينة القديمة وجامع النوري الذي كانت راية التنظيم السوداء ترفرف عليه منذ يونيو (حزيران) عام 2014. وقالت أم عبد الرحمن لـ«رويترز» إن نحو عشر عائلات، بعضها أجبر على الخروج من مناطق أخرى من الموصل مع تقدم القوات العراقية، أفرادها مكدسون الآن في جميع منازل الشمال الغربي.
وأضافت: «لا يوجد ماء ولا طعام. القصف مستمر». وتابعت أن المتشددين يضرمون النار في سيارات وشاحنات المدنيين لعمل غطاء دخاني. وقالت قطر الندى عبد الله (31 عاما) إن الناس يقتاتون على القمح المغلي في الماء فقط لأن مقاتلي التنظيم يحتفظون بأي مواد غذائية أو مياه متبقية لأنفسهم. وأضافت: «حتى القمح أصبح شحيحا». وقالت أم محمد (62 عاما) لـ«رويترز» إن مقاتلي التنظيم يخرجون الناس من منازلهم بالقوة لاستخدامها كمواقع قتال. وقالت إنها وأفراد أسرتها أحرقوا كل شيء بما في ذلك أحذيتهم لطهي الطعام على نيرانها بعد أن نفد الوقود. وتابعت: «رأينا الخوف والجوع والموت. أنا سيدة عجوز ولم أر شيئا مثل ذلك من قبل».
وسيطر المتشددون على الموصل في هجوم خاطف عبر شمال وغرب العراق عام 2014 لكنهم فقدوا الكثير من الأراضي التي سيطروا عليها مع تقدم القوات العراقية خلال العام الماضي. وبدأت الحملة لاستعادة الموصل ثاني أكبر المدن العراقية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وحتى إذا انتزعت القوات السيطرة على الموصل آخر مدينة كبيرة يسيطر عليها تنظيم داعش في البلاد، سيظل المتشددون يسيطرون على مساحات من الأراضي في سوريا وأراض في العراق قرب الحدود السورية.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.