القوات العراقية تشدد الحصار على «داعش» في الموصل

التنظيم المتطرف يواصل إعدام المدنيين في الأحياء الخاضعة لسيطرته

نازحون من الموصل في انتظار ترحيلهم إلى مناطق آمنة (رويترز)
نازحون من الموصل في انتظار ترحيلهم إلى مناطق آمنة (رويترز)
TT

القوات العراقية تشدد الحصار على «داعش» في الموصل

نازحون من الموصل في انتظار ترحيلهم إلى مناطق آمنة (رويترز)
نازحون من الموصل في انتظار ترحيلهم إلى مناطق آمنة (رويترز)

ذكرت مصادر أمنية عراقية أمس أن مسلحي تنظيم داعش بدأوا ينسحبون من الجبهات الشمالية والغربية من الموصل باتجاه الأحياء الخاضعة لسيطرتهم في المدينة القديمة، مستفيدين من أزقتها وشوارعها الضيقة. وتمكنت القوات الأمنية العراقية أمس من تحرير أحياء جديدة، واقتحام أخرى غرب الموصل، في ظل تواصل المعارك الضارية بينها وبين مسلحي التنظيم المحاصرين.
وقال ضابط برتبة مقدم في الفرقة الـ16 من الجيش العراقي التي تتمركز على مشارف حي «17 تموز»، لـ«الشرق الأوسط»: «مع استمرار التقدم الواسع للقطعات الأمنية على كل الاتجاهات في المحور الشمال الغربي، والهزائم التي لحقت بالتنظيم، ومقتل عدد كبير من عناصره، بدأ مسلحو (داعش) بالفرار إلى الأحياء الخاضعة لسيطرتهم في المدينة القديمة وسط الموصل للتحصن فيها، مستفيدين من الكثافة السكانية وضيق الأزقة».
وتنتظر الأجزاء الشمالية من المدينة القديمة وصول القوات العراقية إليها بعد أن تنتهي من تحرير الأحياء العشرة المتبقية من الجانب الأيمن، التي تخوض حاليا المعارك ضد التنظيم لتحريرها. ومع وصول هذه القوات إليها يكتمل حصارها من كل الجهات. ويتوقع مسؤولون عسكريون عراقيون أن تدور رحى المعركة الفاصلة لانتهاء تحرير الجانب الأيمن في هذه الأزقة القديمة التي استطاعت الشرطة الاتحادية وفرقة الرد السريع من تحرير مساحات واسعة من جنوبها وشرقها وغربها، فيما ما زال التنظيم يسيطر على وسطها المتمثل بمنطقة الفاروق التي تحتضن جامع النوري الكبير ومنارته التاريخية وعلى شمالها وأجزاء من جانبها الشرقي المحاذي لنهر دجلة والجسر الخامس.
وتحتضن المدينة القديمة الآلاف من المدنيين المحاصرين من قبل التنظيم، في ظل الجوع والخوف ونقص الدواء والخدمات. فرغم فتح القوات الأمنية لكثير من المنافذ الآمنة لخروجهم فإن قناصة «داعش» يحولون دون وصولهم بأمان إلى قطعات القوات الأمنية. وذكر المواطن حامد العبيدي، الذي تمكن أن يهرب مع عائلته عبر الجسر الخامس إلى الجانب الأيسر من المدينة، أن العوائل تسعى للخروج متى ما سنحت لها الفرصة، مبيناً لـ«الشرق الأوسط»، أنه خرج أمس برفقة ما يقارب 100 شخص من الرجال والنساء والأطفال من المدينة القديمة ولحسن حظهم كان مسلحو «داعش» غائبين في تلك اللحظة «وإلا كنا الآن في عداد القتلى فهم يقتلون يومياً العشرات من النساء والأطفال والشباب لدى محاولتهم الهرب من المنطقة».
وتزامناً مع اقتحام قوات مكافحة الإرهاب لحي الإصلاح الزراعي، واصلت قوات الشرطة الاتحادية توغلها السريع باتجاه الضفة الشرقية من نهر دجلة. وكشف قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت، لـ«الشرق الأوسط» أن قواته تتقدم بسرعة في محور شمال غربي الموصل وتضييق الخناق على عناصر «داعش» في منطقة الجسر الخامس، وحررت حي الهرمات الثانية، وقتلت 6 إرهابيين من التنظيم، وسيطرت على مستودع للذخيرة ومركز للقيادة، لافتاً إلى أن قواته باتت على بعد 300 متر من حي الاقتصاديين.
وأردف الفريق جودت أن قطعات الشرطة الاتحادية كثفت من عملياتها المحدودة في محاور جنوب وغرب المدينة القديمة للضغط على دفاعات «داعش»، مشدداً على أن «دفاعات الإرهابيين متهاوية إثر انفتاح محاور القتال وتزايد الضربات الصاروخية الموجهة لمواقعهم وتجمعاتهم».
بدوره بين مسؤول إعلام الفرع الـ14 للحزب الديمقراطي الكردستاني في الموصل، سعيد مموزيني، لـ«الشرق الأوسط» أن التنظيم أعدم أمس رمياً بالرصاص أكثر من 18 مواطنا مدنيا في حي «17 تموز» في الموصل بتهمة تزويد القوات الأمنية العراقية والتحالف الدولي بالمعلومات، «وأعدم التنظيم اثنين من مسلحيه الهاربين من جبهات القتال أيضاً».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.