أجيالٌ توثّق تاريخها بالذهب والأحجار الكريمة

دور المجوهرات اللبنانية العائلية... تراث بدأه الأجداد ويطوره الأحفاد

العقد الذي صممته دار «طباع» لأميرة موناكو تشارلين   -  قلادة من الماس تتوسطها زمردة ضخمة من «سلمون»  -  خاتم مرصع بماسة صفراء من دار «معوض» -  عقد ارتدته  أميرة موناكو  وكان من «طباع»  -  قرطان من الماس والزمرد من «سلمون»  -  طقم مرصع بالماس والياقوت من دار «معوض»
العقد الذي صممته دار «طباع» لأميرة موناكو تشارلين - قلادة من الماس تتوسطها زمردة ضخمة من «سلمون» - خاتم مرصع بماسة صفراء من دار «معوض» - عقد ارتدته أميرة موناكو وكان من «طباع» - قرطان من الماس والزمرد من «سلمون» - طقم مرصع بالماس والياقوت من دار «معوض»
TT

أجيالٌ توثّق تاريخها بالذهب والأحجار الكريمة

العقد الذي صممته دار «طباع» لأميرة موناكو تشارلين   -  قلادة من الماس تتوسطها زمردة ضخمة من «سلمون»  -  خاتم مرصع بماسة صفراء من دار «معوض» -  عقد ارتدته  أميرة موناكو  وكان من «طباع»  -  قرطان من الماس والزمرد من «سلمون»  -  طقم مرصع بالماس والياقوت من دار «معوض»
العقد الذي صممته دار «طباع» لأميرة موناكو تشارلين - قلادة من الماس تتوسطها زمردة ضخمة من «سلمون» - خاتم مرصع بماسة صفراء من دار «معوض» - عقد ارتدته أميرة موناكو وكان من «طباع» - قرطان من الماس والزمرد من «سلمون» - طقم مرصع بالماس والياقوت من دار «معوض»

بين بريق الماس ولمعة الأحجار الكريمة وروعة الابتكار وُلد الحلم ليصبح حقيقة، مكرساً نجاحه عاماً بعد عام، ومنتقلا من جيل إلى آخر. ما أسسه الجد، أكمله الابن، وتعلّمه الحفيد، مخططاً لأن يورث أبناءه ما وصل إليه. وهذا ما تتميّز به مجموعة من بيوت المجوهرات اللبنانية، كان النجاح رفيقها وشكّل الوفاء لإرث العائلة أساساً لاستمراريّتها. حين نتحدّث عن دور المجوهرات اللبنانية تقفز إلى الذهن أسماء عائلات «طبّاع»، «مزنّر»، «جورج حكيم»، «باولو بونجا»، «معوّض»، «تفنكجيان» و«سلمون» وغيرها من الدور التي أصبح لها حضور في الأسواق العربية والعالمية رغم أن بعضها يعود لمئات السنين وبعضها أطلق منذ سنوات فقط لكنه حفر اسمه في الساحة.
يقول سليم مزنّر في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «عندما نتحدّث عن تاريخ المجوهرات في لبنان، لا بدّ من الحديث عن «سوق الصاغة» التي تأسست أيام الحكم العثماني قبل الحرب العالمية الأولى، ولعلّ قلب هذه السوق هم الناس الذين هربوا من الشام، وحوّلوا خان العثمانيين إلى دكاكين وبدأوا العمل الحرفي في صناعة المجوهرات الذي كان بسيطا نوعا ما». ويتابع مزنر: «في ذلك الوقت كانت التصاميم متأثرة باسطنبول نظرا لسيطرة الدولة العثمانية على البلاد، ولم يكن العاملون في المجال في المستوى المتقدم الذي تشهده الدول الأوروبية، إلا أنّ الوضع تغيّر مع الوقت. قبل اندلاع الحرب الأهلية اللبنانيّة، أصبح لمزنّر على سبيل المثال نحو سبعة عشر محلا للمجوهرات في بيروت وحدها». يعتبر سليم مزنّر من الجيل الثالث للعائلة. استقل عنها في العام 1993، وعمل لأكثر من خمسة عشر عاما في كافة أنحاء العالم. وعن انعكاس الهوية الشرقية في مجموعاته يقول: «أنا رجل جلت العالم، وعملت في عدد كبير من البلاد، مثل المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة الأميركيّة، وفرنسا، وبليجيكا، وفي مناجم تايلند وعدد من دول الشرق الأقصى. ولأنني منفتح إلى أقصى الحدود، آمنت أنّ لكل حضارة تأثيرها في شخصي، غير أنّ التأثير الشرقي واللبناني تحديدا هو الأقوى حتما. فهو يشكل هويتي وبصمتي، ولعل ذلك ينعكس على عدد كبير من مجموعاتي، مثل «بيروت» و«ألف ليلة وليلة» وغيرهما، كما أننا نعمل اليوم على مجموعة «المينا بيروت».
أما وجود اسمه في أسواق عالمية، من الولايات المتحدة إلى تركيا مرورا بأوروبا، فيعزوه سليم إلى المثابرة والعمل وفق قواعد ثلاث هي: الابتكار، والمواد ذات الجودة العالية، والاختصاص. ويشير إلى أن افتقار أي دار مجوهرات لعنصر من هذه العناصر يضعفها، ويجعلها تقع إما في فخ التقليد أو تقديم القطعة بصورة مخيّبة للآمال. وينوّه سليم مزنّر في نهاية حديثه بنجيب طبّاع، صاحب «دار طبّاع» للمجوهرات واصفا إيّاه بالبطل الحقيقي في عالم المجوهرات، لأنّه بحسب قوله «رجل مهني حرفي مبتكر استطاع أن يصدّر أعماله إلى العالم، وهو أمر صعب جدا على من يعمل في هذا المجال».
والمثير في قصة عائلة «طبّاع» أنها لم تبدأ في المجوهرات، بل في حرفة أخرى مختلفة وهي النقوش الخشبية للطباعة الحريرية، كما يدل اسم العائلة. وتنحدر العائلة من مدينة زحلة، التي تقع على طول خط الحرير، وهو السبب الرئيسي لتوجه العائلة لهذه الحرفة. جوزيف طبّاع الابن الذي تعلّم كيفية النقش على الحرير، كان أوّل من أدخل عائلته إلى المجوهرات، بعدما أتقن النقش عليها. ثم جاء دور ابنه نايف ليكمل مشواره ومن بعده نجيب، الذي أنشأ محلّه في شارع «باب إدريس» المعروف اليوم بوسط بيروت. كان في المشغل نحو الخمسين حرفيا نجحوا في تنفيذ وإصدار قطع خالدة في تاريخ مجوهرات طبّاع. فقد ظهرت بتصاميم الدار ملكة جمال فرنسا، ونجمة هوليوود جينجر روجر وغيرهما. كما تعاونت مع ماركات مجوهرات عالمية مثل «بياجيه». نبيل الذي يمثّل الجيل الرابع لعائلة طبّاع، أوصل العلامة التجارية إلى إمارة موناكو في خطة توسعيّة إلى الأسواق الأوروبية. ولا بأس من التنويه بأن نجاح نجيب يكمن في دمجه كل مهارات الصائغ التي ورثها من أسلافه مع قطع الماس والصياغة والتلميع، خصوصا وأنه يمتلك معرفة مذهلة في الأحجار الكريمة. اليوم تستثمر الدار في الجيل الخامس وتحضره لتسلم المشعل حتى تكمل الدار مسيرة الـ150 عاما.
اللقاء مع مصمم المجوهرات باولو بونجا له سحر آخر، لأنه يتحدث عن عمله بشغف لا مثيل له. فهو يشعر، كما يقول بمسؤولية كبيرة لإكمال مشوار بدأه أجداده منذ عقود. فعمله ما هو إلا امتداد تاريخي لاسم كبير في عالم المجوهرات، وإرثٌ سيكون لأولاده من بعده، مؤكدا أنّ ما يميّز علامته التجارية هو الابتكار وعدم المحاكاة وصنع أسلوب خاص وغير مسبوق. وعن المرأة التي يصمم لها يجيب: «عند البدء بتصميم كل مجموعة أضع أربع نساء نصب عيني، المرأة العاملة التي تناسبها المجوهرات العملية، والعروس، ثم المرأة التي تعشق المجوهرات، وأخيرا وليس آخرا المرأة التي لا تحب الحلي، ويمكن اعتبارها الأصعب. هذه المرأة غالبا ما تحب الأعمال البسيطة وغير المبالغ فيها». بالنسبة له فإن كل امرأة يجب أن تتزين بمجوهراتها قبل خروجها من البيت سواء كانت متوجهة للعمل أو لحفل... «بدون مجوهرات، أشعر بأن إطلالة المرأة ناقصة مهما حرصت على اختيار أزيائها أو اعتنت بماكياجها أو شعرها».
مثل عائلة طباع، يُسير «دار معوّض» الجيل الرابع من العائلة، إذ بدأت مع ديفيد معوّض الذي هاجر من لبنان ليمضي أكثر من عشرين عاما في كل من الولايات المتحدة الأميركية والمكسيك تعلّم خلالها صياغة المجوهرات والساعات. عندما عاد إلى بيروت افتتح أول محل له في العام 1908، لكنه لم يستغن فيه عن تجارته اليومية لإصلاح الساعات والمجوهرات. وسرعان ما سمعت به الطبقات الراقية في بيروت وبدأت تُكلفه بتصميم قطع خاصة. بعد رحيله في العام 1951، أكمل فايز معوض المشوار، وكان من أول مصممي المجوهرات الذين زيّنوا الساعات بالأحجار الكريمة، ودخلوا إلى المملكة العربية السعودية. روبرت معوّض، وهو من الجيل الثالث كان له الفضل في إضفاء الفخامة والترف على تصاميم الدار، كما كان هو الذي نقل مقر العمل إلى جنيف، مطلقا ماركة Robergé. في عهده، صار للعلامة التجارية حضورها البارز في أوروبا وآسيا وأميركا الشمالية، واليوم تسلم مقاليد الدار أبناؤه الثلاثة: فريد وآلان وباسكال. ومنذ عامين، احتفلت الدار بعيدها الخامس والعشرين بعد المائة في بيروت، وتعمل حاليا على خطط توسعيّة في العالم، لا سيما بعد نجاح تجربة الدار مع علامة «فكتوريا سيكريت». فهي الحاضر الدائم في عروضها، الأمر الذي أثار إليها الكثير من الاهتمام العالمي واستقطب لها زبونات شابات.
عائلة سلمون هي الأخرى من بيوت المجوهرات البيروتية العريقة، ومنذ عام 1907 إلى اليوم توالت عليها ثلاثة أجيال نجح الجيل الأخير منها أن يصل إلى لندن بافتتاح محل في وسطها. عشقت عائلة سلمون الأحجار الكريمة والماس وكل ما له علاقة بصناعة المجوهرات. ويفخر الأبناء أنها لم تساوم في يوم على الجودة ونقاوة الحجر والنوعية الممتازة، وما بدأ كمجرد حرفة في البداية تحول مع الأيّام إلى علامة تجارية عالمية. فعلى مدى أكثر من قرن من الزمن، صارت مجوهرات سلمون وأولاده المفضلة في مناسبات الأعراس والمناسبات المهمة. ومع كل قطعة تتناقلها الأجيال، لا يتم تسليم الإرث فحسب، بل أيضا سمات عدة أولها وأبرزها تقدير الجمال وضرورة التطوير حسب الإخوة وديع وفادي وغبريال سلمون الذين يديرونها حاليا، فيما تتولى أختهم الشابة كارول مهمة التسويق والترويج.
توجد حاليا للعائلة عدة فروع في مناطق حيوية في العاصمة اللبنانية، مثل وسط بيروت ومنطقة الأشرفية، إضافة إلى محل في وسط لندن على بعد خطوات من محلات «هارودز».



4 فنانات يحتفلن بميلاد حقيبة «أوريغامي»

سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
TT

4 فنانات يحتفلن بميلاد حقيبة «أوريغامي»

سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)

عشر سنوات فقط مرت على إطلاق علامة «بيوريفيكايشن غارسيا» حقيبتها الأيقونية «أوريغامي». بتصميمها الهندسي وشكلها ثلاثي الأبعاد لفتت الأنظار منذ أول ظهور لها. واحتفالاً بمكانتها وسنواتها العشر، تعاونت العلامة الإسبانية مؤخرا، مع أربع مُبدعات في الفنون البلاستيكية لترجمتها حسب رؤيتهن الفنية وأسلوبهن، لكن بلغة تعكس قِيم الدار الجوهرية. هذه القيم تتلخص في الألوان اللافتة والخطوط البسيطة التي لا تفتقر إلى الابتكار، أو تبتعد عن فن قديم لا يزال يُلهم المصممين في شتى المجالات، قائم على طيّ الورق من دون استخدام المقص أو الغراء، ألا وهو «الأوريغامي». فن ياباني تكون فيه البداية دائماً قاعدة مربّعة أو مكعّبة.

المكعّب يُشكّل نقطة البداية في تصميم الحقيبة إلى جانب جلد النابا الناعم والمرن (بيوريفكايشن غارسيا)

ولأن يوم 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، صادف اليوم العالمي لفن «الأوريغامي»، فإنه كان فرصة ذهبية لتسليط الضوء على حقيبة وُلدت من رحم هذا الفن ولا تزال تتنفس منه تفاصيلها.

فالمكعّب يُشكّل نقطة البداية في تصميمها؛ إذ تبدأ العملية باختيار جلد النابا تحديداً لنعومته، وبالتالي سهولة طيّه ومرونته في الحفاظ على شكله. بعد تمديد الجلد، يتم تحديد النمط وإضافة دعامات مثلثة للحفاظ على هيكله، لتُضاف بعد ذلك المُسنّنات يدوياً لخلق حركة انسيابية على الجلد.

للاحتفال بميلاد الحقيبة العاشر وفن «الأوريغامي» في الوقت ذاته، منحت «Purificacion Garcia» أربع مُبدعات، وهن: ألبا غالوتشا وكلارا سيبريان وصوفي أغويو وسارة أوريارتي، حرية ترجمتها حسب رؤية كل واحدة منهن، مع الحفاظ على أساسياتها.

ألبا غالوتشا، وهي ممثلة وعارضة أزياء وفنانة، تعتمد على الأنسجة والخزف كوسيلة للتعبير عن نفسها، وتستقي إلهامها من الحياة اليومية، والاحتفال بتضاريس الجسد. استوحَت الحقيبة التي ابتكرتها من عشقها للأنماط والهياكل والبناء. تقول: «حرصت على الجمع بين ما يُعجبني في شكل هذه الحقيبة وما يستهويني في جسم الإنسان، لأبتكر تصميماً فريداً يعكس هذَين المفهومَين بشكلٍ أنا راضية عنه تماماً».

حرصت ألبا على الجمع بين تضاريس الجسد وأنماط وهياكل البناء (بيوريفكايشن غارسيا)

أما كلارا سيبريان، فرسّامة تحبّ العمل على مواضيع مستوحاة من جوانب الحياة اليومية ويمكن للجميع فهمها والتماسها. تقول عن تجربتها: «أنا وفيّة لأكسسواراتي، فأنا أحمل الحقيبة نفسها منذ 5 سنوات. وعندما طُلب مني ابتكار نسختي الخاصة من هذه الحقيبة، تبادرت فكرة إلى ذهني على الفور، وهي إضفاء لمستي الشخصية على حقيبة (Origami) لتحاكي الحقيبة التي أحملها عادةً بتصميمٍ بسيطٍ تتخلّله نقشة مزيّنة بمربّعات».

من جهتها، تستمد سارة أوريارتي، وهي فنانة متخصصة في تنسيق الأزهار والمديرة الإبداعية في «Cordero Atelier»، إلهامها من الطبيعة، ولهذا كان من الطبيعي أن تُجسّد في نسختها من حقيبة «أوريغامي»، السلام والهدوء والجمال. تشرح: «لقد ركّزت على تقنية (الأوريغامي) التي أقدّرها وأحترمها. فكل طيّة لها هدف ودور، وهو ما يعكس أسلوبي في العمل؛ إذ كل خطوة لها أهميتها لتحقيق النتيجة المرجوة. لذلك، يُعتبر الانضباط والصبر ركيزتَين أساسيتَين في هذَين العملَين. وأنا أسعى إلى إيجاد التوازن المثالي بين الجانب التقني والجانب الإبداعي، وهذا ما يلهمني لمواصلة استكشاف الجمال الكامن في البساطة».

كلارا رسّامة... لهذا عبّرت نسختها عن رؤيتها الفنية البسيطة التي أضافت إليها نقشة مزيّنة بمربّعات (بيوريفكايشن غارسيا)

وأخيراً وليس آخراً، كانت نسخة صوفي أغويو، وهي مستكشفة أشكال ومؤسِّسة «Clandestine Ceramique»، التي تشيد فيها كما تقول بـ«تصميم يتداخل فيه العملي بجمال الطبيعة، وبالتالي حرصت على أن تعكس التناغم بين جوهر دار (بيوريفكايشن غارسيا) القائمة على الأشكال الهندسية وأسلوبي الخاص الذي أعتمد فيه على المكوّنات العضوية. بالنتيجة، جاءت الحقيبة بحلّة جديدة وكأنّها تمثال منحوت بأعلى درجات الدقة والعناية».