«عمليات بغداد» تلاحق خاطفي 7 طلاب وناشطين

تكرار حوادث الخطف ينذر بصراع بين العلمانيين والإسلاميين

«عمليات بغداد» تلاحق خاطفي 7 طلاب وناشطين
TT

«عمليات بغداد» تلاحق خاطفي 7 طلاب وناشطين

«عمليات بغداد» تلاحق خاطفي 7 طلاب وناشطين

أكدت قيادة عمليات بغداد حادث الاختطاف الذي تعرض له فجر أول من أمس في العاصمة 7 طلاب وناشطين من قبل جماعة مسلحة مجهولة، وذكر بيان صدر عنها، استمرار القوات الأمنية بالبحث والتحري لكشف مصير الناشطين.
في غضون ذلك، أعرب رئيس الجمهورية فؤاد معصوم عن «قلقه البالغ» حيال عملية الاختطاف، وذكر بيان صادر عن مكتبه أن «الأجهزة الأمنية الرسمية هي المسؤول الوحيد عن تطبيق القانون»، داعيا إلى الإسراع بالتحقيق الجاد في الحادث والكشف عن الجناة وإحالتهم إلى المحاكم المختصة، فضلا عن اتخاذ كل «الإجراءات الكفيلة بحماية أرواح المواطنين وردع أي تجاوز على هيبة الدولة عبر تطبيق مبادئ الدستور في كل المجالات ووجوب حصر السلاح بيد الدولة».
واعتبر الحزب الشيوعي العراقي أن «عدم وضع حد لجرائم الخطف والترهيب المتكررة، سيفتح المجال واسعاً أمام المجاميع المنفلتة، والعصابات الإجرامية، لتعبث بأمن البلاد». وطالب في بيان الحكومة الاتحادية وأجهزتها الأمنية الكشف عن ملابسات جريمة الخطف، معتبرا أن «من الضروري أن يتوقف مجلس النواب ورئاسة الجمهورية عند هذا الواقع ويعلنا موقفهما الحازم إزاءه، ويؤكدا وجوب حصر السلاح بيد الدولة».
وتواصلت منذ لحظة اختطاف الشباب السبعة الاحتجاجات والبيانات المنددة بحادث الاختطاف، إذ عبر كثير من أعضاء مجلس النواب عن استيائهم وطالبوا السلطات الحكومية بوضع حد نهائي لحالات الخطف المستمر، كما عقد تجمع «المادة 38» الذي يضم أكثر من 30 منظمة مجتمع مدني مؤتمرا صحافيا صباح أمس، على خلفية الحادث، وطالب باتخاذ الإجراءات الرادعة لمنع تكرار حوادث الخطف. وتجمع المئات في ساحة التحرير في بغداد أمس، للمطالبة بإطلاق سراح المختطفين السبعة، وكذلك فعل المئات مثلهم في ساحة ثورة العشرين في محافظة النجف.
ونظراً لوجود أربعة من أصل الشباب السبعة المختطفين، ينحدرون من محافظة ذي قار الجنوبية، تظاهر المئات من أهالي المحافظة مطالبين بإطلاق سراحهم ومنددين بعملية الخطف.
ويتكهن بعض النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي، أن يكون المنشور الذي نشره الناشط والطالب المختطف حيدر الناشي في 11 أبريل (نيسان) الماضي، عبر صفحته الشخصية في «فيسبوك» ويتضمن الإساءة لزعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، أحد أسباب خطف الطلاب والناشطين، خصوصا أن تاريخ المنشور يعود إلى اليوم الذي أعقب أحداث جامعة القادسية التي هتف فيها الطلاب ضد الخزعلي عقب زيارته إلى الجامعة مرددين شعار «إيران بره بره». غير أن أوساط مقربة من التيار المدني نفت صلة المنشور بالحادث، وأبلغت «الشرق الأوسط» بأن عناصر من عصائب الحق «نفت صلتها بالحادث وأبدت تعاطفها مع المختطفين».
لكن أوساطا من التيار المدني لا تنفي صلة بعض الميليشيات المسلحة بالموضوع، وترى أن حوادث الخطف التي طالت ناشطين مدنيين في أكثر من مناسبة، تعزز من فكرة «بوادر صراع في طور التشكل بين العلمانيين والمدنيين من جهة، وبين جماعات الإسلام السياسي بأجنحته المسلحة وغير المسلحة من جهة أخرى». وبرأي تلك الأوساط، فإن بوادر الصراع قائمة أساسا بين الجانبين تغذيها عوامل آيديولوجية وفكرية وسياسية تتعلق بشكل الدولة المراد إنتاجها وتكريسها في عراق ما بعد 2003. فالإسلاميون خصوصا الشيعة منهم، نجحوا خلال السنوات الأخيرة في السيطرة على مفاصل الدولة وفرض رؤية محددة عليها برغم عدم نص دستور العراق على إقامة دولة إسلامية، في مقابل تراجع ملحوظ للعلمانيين والمدنيين، غير أن سوء الإدارة والفساد والفشل شبه التام في إدارة الدولة عزز من فرص العلمانيين والمدنيين في الاضطلاع بدور فاعل في المرحلة المقبلة، وقد كان لتحركاتهم الاحتجاجية المتواصلة منذ أشهر طويلة الأثر الفاعل في الضغط على حكم الإسلاميين والتأثير على رصيدهم الجماهيري، الأمر الذي أقلق الإسلاميين ودفع ببعض جماعاتهم المسلحة إلى الضغط على المدنيين والعلمانيين ومحاولة ترويعهم عبر حالات الاختطاف أو التهديد المبطن. ويتوقع كثيرون أن يتزايد الضغط على التيار المدني بوتيرة متصاعدة من الآن وحتى الانتخابات النيابية المقبلة مطلع 2018.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.