فوز مون جاي ـ إن بالرئاسة يربك حسابات الأزمة الكورية

قد يؤدي إلى تغيير في سياسة سيول حيال بيونغ يانغ والحليف الأميركي

مون جاي - إن مع زعيمة الحزب الديمقراطي تشو مي إي  (رويترز)
مون جاي - إن مع زعيمة الحزب الديمقراطي تشو مي إي (رويترز)
TT

فوز مون جاي ـ إن بالرئاسة يربك حسابات الأزمة الكورية

مون جاي - إن مع زعيمة الحزب الديمقراطي تشو مي إي  (رويترز)
مون جاي - إن مع زعيمة الحزب الديمقراطي تشو مي إي (رويترز)

فاز المرشح الليبرالي والمحامي السابق لحقوق الإنسان مون جاي - إن في الانتخابات الرئاسية بكوريا الجنوبية، أمس، بحسب وكالة أنباء يونهاب الكورية الجنوبية. وقال مون (64 عاماً) لفريق حملته في المقر العام لحزبه في سيول إن فوزه تعبير عن «تطلع الشعب للتغيير». وبفوزه ينهي مون عشر سنوات من حكم المحافظين، وقد يؤدي إلى تغيير كبير في السياسة حيال بيونغ يانغ، وكذلك الحليف والحامي الأميركي. يدعو مون إلى الحوار مع كوريا الشمالية بهدف نزع فتيل التوتر ودفعها إلى العودة إلى طاولة المفاوضات. وهو يريد الحصول على استقلالية أكبر في العلاقات بين سيول وواشنطن التي تنشر 28 ألفاً من جنودها في كوريا الجنوبية. وفي مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست» قال مون إن على سيول أن «تلعب دورا قياديا في القضايا المتعلقة بشبه الجزيرة الكورية».
وأجرى الشمال الذي يسعى إلى صنع صاروخ قادر على حمل رأس نووي وبلوغ القارة الأميركية، تجربتين نوويتين منذ بداية 2016 وعدداً من تجارب إطلاق الصواريخ البالستية. ولم تتوتر العلاقات إلى هذا الحد في شبه الجزيرة إلا في حالات نادرة، إذ قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن اللجوء إلى القوة أمر وارد قبل أن يخفف لهجته ويقول إنه «سيشرفه» لقاء مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ - أون.
وشارك الناخبون بكثافة في الاقتراع تعبيراً عن غضبهم من الفساد وغلاء المعيشة وارتفاع معدل البطالة مع تباطؤ النمو الاقتصادي. وبلغت نسبة المشاركة وفق الأرقام غير النهائية 77.2 في المائة. وأمل الكوريون الجنوبيون من خلال هذه الانتخابات المبكرة طي صفحة فضيحة الفساد المدوية التي كلفت الرئيسة السابقة بارك غوين - هي منصبها، في أجواء من التوتر مع كوريا الشمالية.
ويقول روبرت كيلي، من جامعة بوسان الوطنية، في تصريحات للوكالة الفرنسية إن «الفساد يطغى على المشهد السياسي في كوريا الجنوبية. كل الرؤساء تورطوا سواء من قريب أو من بعيد في قضايا فساد أو رشا».
وأفاد المسح المشترك الذي أجرته ثلاث محطات تلفزيونية بأن مون المنتمي إلى الحزب الديمقراطي حصل على 41.4 في المائة من الأصوات، تبعه المحافظ هونغ جون - بيو من حزب الرئيسة المقالة مع 23.3 في المائة والوسطي آن شيول - سو مع 21.8 في المائة.
وبعد إعلان النتائج الأولية تجمع أنصار مون في ساحة غوانغوام في سيول التي احتشد فيها الملايين للمطالبة برحيل بارك. وقالت كو إم - بيول (28 عاماً): «أنا سعيدة جداً لأن هناك أملاً بتغيير حقيقي». وقال كيم سون - تشول (59 عاماً) في تصريحات للوكالة الفرنسية إنه صوت لصالح مون لأن «البلاد بحاجة لإعادة الديمقراطية التي قوضها حكم بارك».
ووصف هونغ جون - بيو المحافظ خصمه مون بأنه «يساري موالٍ لبيونغ يانغ». وقال شونغ تاي - وان الطبيب البالغ من العمر 72 عاماً بعد أن اقترع في مركز في حي سيوشو الراقي في جنوب سيول: «أعطيت صوتي لهونغ، لأن الأمن حيال كوريا الشمالية أهم شيء».
لكن قضية البرنامجين النووي والبالستي لكوريا الشمالية ليست هي التي تحدد خيار الناخبين الكوريين الجنوبيين الذين ألفوا التهديدات الكورية الشمالية.
ويُفترض أن تسمح هذه الانتخابات للمجتمع الكوري الجنوبي بالانتقال إلى مرحلة جديدة، بعد أشهر من الانشغال في الفضيحة، بينما تم توقيف الرئيسة السابقة بارك التي تُحاكَم بتهمتي الفساد واستغلال السلطة. وأسهمت هذه القضية في تعزيز الاستياء العام بعدما كشفت العلاقات المريبة بين الطبقة السياسية وأرباب العمل، حيث تمكنت صديقة الرئيسة تشوي سون - سيل من استغلال قربها من بارك لابتزاز ملايين الدولارات من كبرى الشركات.
وأجبرت الفضيحة التي تورط فيها وريث «سامسونغ» ورئيس «لوتي» خامس أكبر مجموعة كورية جنوبية، كل المرشحين على التعهد بإصلاحات من أجل المزيد من الشفافية. لكن بسبب وزنها في الاقتصاد، لا يمكن المساس بهذه المجموعات الكبرى التي تسمى «شايبولز».
وكانت الصين من مواضيع الحملة أيضاً في إطار قضايا اقتصادية وعسكرية خاصة، إذ أثار نشر الدرع الأميركية المضادة للصواريخ (ثاد) في كوريا الجنوبية لمواجهة التهديدات الآتية من الشمال غضب بكين التي اتخذت سلسلة إجراءات اعتبرتها سيول تدابير اقتصادية انتقامية. وكتبت صحيفة «جون - آنغ» عشية الاقتراع أنه سيكون على الرئيس المقبل للبلاد «التصدي لتحديات متنوعة متوسطة وبعيدة الأمد». وقالت: «إذا اتخذنا القرار الخاطئ فسيكون علينا من جديد دفع ثمنه، كما تعلمنا من خياراتنا السيئة السابقة».
وحظي مون بشعبية كبيرة نظراً لمشاركته في مظاهرات 2016 العارمة ضد الرئيسة المعزولة بارك. ويتمتع مون بسمعة رجل نزيه وفق كيم نونغ - غو من موقع «بولينيوز» الذي يضيف أنه «ركب موجة المظاهرات المعادية لبارك».
ولد مون خلال الحرب الكورية في جزيرة جوجي في جنوب البلاد في عائلة فقيرة من اللاجئين الذين فروا من الشمال. ويقول في كتاب سيرته الذاتية إن أمه كانت تبيع البيض في مرفأ بوسان، وهي تحمله على ظهرها.
بدأ دراسة الحقوق عام 1972، لكنه أوقف وأبعد من الكلية بعد أن قاد مظاهرة طلابية ضد نظام بارك تشونغ - هي الديكتاتوري، والد الرئيسة المعزولة. ووعد مون بتقليص سطوة كبرى الشركات العائلية على الاقتصاد التي يطلق عليها اسم «تشايبول» والتي أعادت فضيحة بارك تسليط الضوء على علاقاتها بالسلطة. ولكن معارضيه يتهمونه بأنه محدود وضيق الأفق ويحيط نفسه بمستشارين أسهمت طموحاتهم في شق صفوف المعارضة.
ويتهم مون خصوصاً بأنه يتعامل بليونة مع بيونغ يانغ. ويدعو مون إلى الحوار والمصالحة مع الشمال لتهدئة الوضع وإعادة بيونغ يانغ إلى طاولة المفاوضات. وأكد في ديسمبر (كانون الأول)، أنه بعد انتخابه سيزور كوريا الشمالية قبل الولايات المتحدة التي تعد حامية لكوريا الجنوبية. ورداً على سؤال حول موقفه المستغرب، قال إن ما يريد قوله أنه يولي أهمية أكبر لخفض التوتر مع بيونغ يانغ. وبدا مون أقل ارتياحا إزاء نشر منظومة «ثاد» الأميركية المضادة للصواريخ في كوريا الجنوبية، التي أثارت غضب الصين.
وفي كتاب نشره حديثاً كتب مون أن على سيول أن تتعلم أن تقول «لا» لواشنطن، داعياً إلى علاقات «أكثر إنصافاً وأكثر توازناً» مع الولايات المتحدة.



الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
TT

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)

فرضت الصين عقوبات على 10 شركات دفاعية أميركية، اليوم (الخميس)، على خلفية بيع أسلحة إلى تايوان، في ثاني حزمة من نوعها في أقل من أسبوع تستهدف شركات أميركية.

وأعلنت وزارة التجارة الصينية، الخميس، أن فروعاً لـ«لوكهيد مارتن» و«جنرال داينامكس» و«رايثيون» شاركت في بيع أسلحة إلى تايوان، وأُدرجت على «قائمة الكيانات التي لا يمكن الوثوق بها».

وستُمنع من القيام بأنشطة استيراد وتصدير أو القيام باستثمارات جديدة في الصين، بينما سيحظر على كبار مديريها دخول البلاد، بحسب الوزارة.

أعلنت الصين، الجمعة، عن عقوبات على سبع شركات أميركية للصناعات العسكرية، من بينها «إنستيو» وهي فرع لـ«بوينغ»، على خلفية المساعدات العسكرية الأميركية لتايوان أيضاً، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

مركبات عسكرية تايوانية مجهزة بصواريخ «TOW 2A» أميركية الصنع خلال تدريب على إطلاق النار الحي في بينغتونغ بتايوان 3 يوليو 2023 (رويترز)

وتعد الجزيرة مصدر خلافات رئيسي بين بكين وواشنطن. حيث تعد الصين أن تايوان جزء من أراضيها، وقالت إنها لن تستبعد استخدام القوة للسيطرة عليها. ورغم أن واشنطن لا تعترف بالجزيرة الديمقراطية دبلوماسياً فإنها حليفتها الاستراتيجية وأكبر مزود لها بالسلاح.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، وافق الرئيس الأميركي، جو بايدن، على تقديم مبلغ (571.3) مليون دولار، مساعدات عسكرية لتايوان.

وعدَّت الخارجية الصينية أن هذه الخطوات تمثّل «تدخلاً في شؤون الصين الداخلية وتقوض سيادة الصين وسلامة أراضيها».

كثفت الصين الضغوط على تايوان في السنوات الأخيرة، وأجرت مناورات عسكرية كبيرة ثلاث مرات منذ وصل الرئيس لاي تشينغ تي إلى السلطة في مايو (أيار).

سفينة تابعة لخفر السواحل الصيني تبحر بالقرب من جزيرة بينغتان بمقاطعة فوجيان الصينية 5 أغسطس 2022 (رويترز)

وأضافت وزارة التجارة الصينية، الخميس، 28 كياناً أميركياً آخر، معظمها شركات دفاع، إلى «قائمة الضوابط على التصدير» التابعة لها، ما يعني حظر تصدير المعدات ذات الاستخدام المزدوج إلى هذه الجهات.

وكانت شركات «جنرال داينامكس» و«شركة لوكهيد مارتن» و«بيونغ للدفاع والفضاء والأمن» من بين الكيانات المدرجة على تلك القائمة بهدف «حماية الأمن والمصالح القومية والإيفاء بالتزامات دولية على غرار عدم انتشار الأسلحة»، بحسب الوزارة.