المالكي يتهم النجيفي بـ«الفشل الذريع» في إدارة البرلمان

رئيس الوزراء المنتهية ولايته يجدد المطالبة بـ«حكومة أغلبية سياسية»

المالكي يتهم النجيفي بـ«الفشل الذريع» في إدارة البرلمان
TT

المالكي يتهم النجيفي بـ«الفشل الذريع» في إدارة البرلمان

المالكي يتهم النجيفي بـ«الفشل الذريع» في إدارة البرلمان

هاجم رئيس الوزراء العراقي وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي رئاسة البرلمان العراقي الحالية التي يقودها زعيم ائتلاف «متحدون» أسامة النجيفي، أمس، في وقت حدد فيه مواصفات الحكومة المقبلة التي ينوي تشكيلها.
وعد المالكي أن رئاسة البرلمان «فشلت فشلا ذريعا في تشريع القوانين المهمة، عبر إهمالها لقوانين مهمة وانشغالها بإيقاف عجلة الحكومة» على حد قوله. وقال المالكي في كلمته الأسبوعية أمس إن «على البرلمانيين الجدد تحمل مسؤوليتهم الوطنية وخدمة المواطنين، لأنهم لا يمثلون عوائلهم أو عشائرهم، بل يمثل كل منهم أكثر من مائة ألف مواطن عراقي». وأضاف: «أما رئاسة مجلس النواب الحالي، فقد فشلت فشلا ذريعا في عملها، وشغلت مجلس النواب بقوانين ليست ذات أهمية، وأدخلت الحكومة في إشكالات هي في غنى عنها، بل حتى وقفت أمام سير عجلة الحكومة في تنفيذ أغلب المشاريع المهمة التي تخص المواطن».
وعلى صعيد الانتخابات فقد أشاد المالكي بنسبة المشاركة العالية، عازيا ذلك إلى «وعي المواطن العراقي بأن له حقا عبر عنه في صندوق الاقتراع، وهو بهذه المشاركة سجل فوزا كبيرا، والحكومة سجلت فوزا أيضا بإجراء الانتخابات في ظل وضع غير مستقر سياسيا وأمنيا». وفي وقت تتضارب فيه الأنباء والتوجهات بشأن شكل وطبيعة الحكومة المقبلة، بدا المالكي واثقا من نفسه على صعيد حسم الولاية الثالثة بعكس ما يرى غالبية خصومه السياسيين، حيث أكد على ضرورة «تشكيل حكومة الأغلبية السياسية التي تشترك فيها جميع المكونات التي تؤمن بالمبادئ التي طرحناها للإنجاز، ولا نسمح بأن تقف أي جهة بالضد من خدمة المواطن». وحول ما يتناول في الأوساط السياسية من حديث حول ضرورة إفساح المجال أمام الأقلية لتولي الحكم بهدف منع تهميشها، أوضح المالكي أن «الداعين لهذا المبدأ ينسفون الديمقراطية التي يؤكد عليها الدستور العراقي بالكامل، وهو كلام غير صحيح ومصادرة لحق الناخب الذي ذهب إلى مراكز الانتخاب لاختيار ممثليه»، لافتا إلى أن «حكومة الأغلبية السياسية لا تعني استبعاد مكون أو مذهب أو دين، بل إن الأغلبية تعني تنفيذ مجموعة مبادئ متفق عليها». وأكد المالكي أن «الحكومة التي نراها مقبلة هي حكومة أغلبية سياسية التي تعتمد على الدستور وانتهاج مبدأ وحدة العراق».
وفي شأن ملف العلاقات مع دول الجوار العراقي والعالم، أعلن رئيس الوزراء رفض العراق «التدخل في شؤونه الداخلية، وضرورة التمسك بسلوك الطرق الدبلوماسية في التعامل معه، لأنه اختار بعد التحول الديمقراطي في العراق بعد عام 2003 أن يسلك طريق حسن الجوار مع الدول المحيطة به والعالم». وحول صلاحيات الحكومة الاتحادية، واصطدامها بصلاحيات الحكومات المحلية في المحافظات، أكد المالكي أن «الدستور فصل صلاحيات الحكومة الاتحادية عن الحكومات المحلية، وإذا كان هناك تداخل، فإن بالإمكان تعديل بعض الفقرات في المواد الدستورية لتصب في خدمة المواطن».
ودعا المالكي إلى أهمية «تشريع قوانين أهملها مجلس النواب الحالي، بسبب رئاسة المجلس التي قدمت قوانين أخرى عليها أقل أهمية»، مبينا أن في مقدمة هذه القوانين هي «النفط والغاز، والأحزاب، وقانون مجلس الخدمة، لإيقاف القرارات الفوضوية التي تصدر عن مجلس النواب، إلى جانب قانون الإعمار الوطني، وإجراء التعداد العام للسكان».
من جهته، أكد مقرر البرلمان العراقي محمد الخالدي، وهو قيادي في كتلة «متحدون» التي يتزعمها النجيفي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكومة هي التي تتحمل معظم جوانب الفشل وليس رئاسة البرلمان؛ بدءا من القوانين المعطلة بسبب الخلافات السياسية بين الكتل البرلمانية، ومنها كتلة دولة القانون التي يتزعمها المالكي، وانتهاء بمشروع قانون الموازنة الذي قدمته الحكومة إلى البرلمان متأخرا عن موعده أكثر من ثلاثة أشهر». وأضاف الخالدي أن «الحكومة ومنذ عام 2008 وحتى اليوم لم ترسل الحسابات الختامية التي يجب أن ترسل مع الموازنة، كما أنها حين أرسلت الموازنة، بثت فيها الكثير من الألغام فيما يتعلق بأصل الصراع مع حكومة إقليم كردستان، الأمر الذي لا تتحمله رئاسة البرلمان».
وبشأن التحالفات المقبلة لتشكيل الحكومة، قال الخالدي إن «القول بعدم تهميش أحد أو وجود خطوط حمراء لا يعني أن هناك موافقة على إمكانية القبول بالمالكي لولاية ثالثة، لأن الكتل الرئيسة جميعها تؤمن بضرورة التغيير، وأولها التحالف الوطني الذي ينتمي إليه المالكي، وما سوف نجمعه من نصاب سيكون كافيا لتشكيل حكومة أغلبية بعد أن يرشح التحالف الوطني رئيسا للوزراء غير المالكي».
في السياق نفسه، جددت كتلة «الأحرار» التابعة للتيار الصدري، رفضها منح المالكي ولاية ثالثة. وقال عضو البرلمان العراقي عن التيار الصدري حاكم الزاملي إن «كتلة الأحرار أعلنت رسميا مرشحها لرئاسة الحكومة وهو محافظ ميسان الحالي علي دواي، وهو أمر يجري تداوله بين شركاِئنا من الكتل الأخرى»، مشيرا إلى «أننا نسير وفقا لما أرادته المرجعية الدينية بشأن التغيير المنشود واختيار الأصلح لهذه المهمة. وطبقا لمبدأ التحالفات، فإننا قادرون على تأمين النصاب القانوني وهو النصف زائد واحد».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.