بدء أول إجلاء لمقاتلين معارضين من حي برزة بدمشق

استعداداً لتسوية أوضاع الراغبين في البقاء فيه

عائلات سورية في نقطة انطلاق بحي برزة في العاصمة دمشق (أ.ف.ب)
عائلات سورية في نقطة انطلاق بحي برزة في العاصمة دمشق (أ.ف.ب)
TT

بدء أول إجلاء لمقاتلين معارضين من حي برزة بدمشق

عائلات سورية في نقطة انطلاق بحي برزة في العاصمة دمشق (أ.ف.ب)
عائلات سورية في نقطة انطلاق بحي برزة في العاصمة دمشق (أ.ف.ب)

بدأ مقاتلون معارضون ومدنيون اليوم (الاثنين) الخروج من حي برزة الواقع في شمال دمشق، في أول عملية إجلاء للفصائل المعارضة من العاصمة السورية منذ اندلاع النزاع قبل أكثر من ستة أعوام.
وتزامنت عملية إجلاء السكان مع تأكيد وزير خارجية النظام السوري، وليد المعلم، رفض سوريا انتشار أي قوات دولية مع إنشاء «مناطق تخفيف التصعيد» في ثماني محافظات سوريا، بموجب مذكرة وقّعتها الخميس في آستانة كل من روسيا وإيران الداعمتين لدمشق، وتركيا حليفة المعارضة.
وأفاد تلفزيون النظام السوري بـ«بدء خروج المسلحين مع بعض من عائلاتهم من حي برزة على متن أربعين حافلة باتجاه الشمال السوري».
وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أن «أربع حافلات انطلقت إلى خارج الحي، في حين يواصل المقاتلون والمدنيون المقرر خروجهم في هذه الدفعة الصعود إلى الحافلات المتوقفة في القسم الغربي من الحي».
ومن المقرر وفق التلفزيون، أن «يستكمل خروج باقي المسلحين على مدى خمسة أيام»، على أن «تبدأ تسوية أوضاع الراغبين في البقاء في الحي».
ولم يحدد التلفزيون السوري عدد الذين سيتم إجلاؤهم اليوم، أو العدد الإجمالي للراغبين في الخروج من برزة.
لكن مدير «المرصد»، رامي عبد الرحمن، قال إنه «من المقرر خروج ما بين 1400 و1500 شخص في إطار الدفعة الأولى اليوم»، مشيرا إلى أن «غالبيتهم من المقاتلين مع عائلاتهم» وسيتم نقلهم إلى محافظة إدلب (شمال غرب).
وتأتي عملية الإجلاء في إطار اتفاق تم التوصل إليه بين النظام السوري وأعيان في حي برزة، يقضي بخروج الراغبين من مقاتلي الفصائل المعارضة والمدنيين من الحي، وفق ما ذكر مصدر عسكري لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقال مصدر في قوات «الدفاع الوطني» التي تضم مقاتلين موالين للنظام السوري: إن المسلحين سيأخذون معهم سلاحهم الفردي.
وشوهد عشرات المدنيين والمقاتلين وهم يحملون حاجياتهم وأسلحتهم الخفيفة بانتظار الصعود في حافلات ستقلهم إلى مناطق سيطرة المعارضة في شمال البلاد.
وخلال مؤتمر صحافي في دمشق، اعتبر وليد المعلم أن المصالحات هي البديل عن العملية السياسية التي لم تفض عن أي تقدم خلال ست سنوات من النزاع.
وقال المعلم «البديل الذي نسير به هو المصالحات الوطنية، وسوريا تمد يديها لكل من يرغب في تسوية وضعهم، بمن فيهم حملة السلاح».
وأضاف: «قد جرت مصالحات في مناطق عدة (...) واليوم بدأت مصالحة برزة ونأمل القابون تليها، وهناك مخيم اليرموك الذي تجري حوارات بشأن تحقيق إخلائه من المسلحين».
وتسيطر قوات النظام على كامل دمشق باستثناء ست مناطق، تسيطر فصائل معارضة مع جبهة فتح الشام (النصرة سابقا) على خمس منها، في حين تسيطر الأخيرة، وكذلك تنظيم داعش، على أجزاء من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق.
وشهد حي برزة معارك عنيفة بين الفصائل المعارضة وقوات النظام السوري في العامين 2012 و2013 مع اتساع رقعة النزاع المسلح في سوريا، إلى أن تم التوصل إلى هدنة في عام 2014 حولته إلى منطقة مصالحة.
وتجري مفاوضات أيضا لإجلاء الفصائل المعارضة من حي القابون المجاور الذي يشهد تصعيداً عسكرياً أيضاً.
وشهدت دمشق خلال الأشهر الماضية تصعيدا عسكريا في محيط الأحياء التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة، وتمكنت قوات النظام السوري في بداية أبريل (نيسان)، بحسب «المرصد»، من محاصرة حي برزة وعزله عن باقي الأحياء الشرقية.
وتتبع قوات النظام السوري منذ عام 2013، وفق محللين، استراتيجية التصعيد العسكري الذي تليه اتفاقيات لإنهاء تواجد الفصائل المعارضة حول العاصمة.
ويقول محللون: إن الفصائل المعارضة خسرت فعليا دمشق، ولم يعد أمامها سوى خيار التسوية أو الذهاب إلى إدلب.
وشهدت مناطق سورية عدة، خصوصا في محيط دمشق، اتفاقات بين النظام والفصائل تضمنت إجلاء عشرات آلاف المدنيين والمقاتلين من مناطق كانت تحت سيطرتهم، أبرزها مضايا، والزبداني، وداريا، ومعضمية الشام.
وانتقدت الأمم المتحدة هذه العمليات التي تعتبرها المعارضة السورية «تهجيراً قسرياً»، وتتهم النظام السوري بالسعي إلى إحداث «تغيير ديموغرافي» في البلاد.
وتأتي عملية إجلاء البرزة بعد يومين على بدء آلية تنفيذ اتفاق آستانة حول إنشاء «مناطق تخفيف التصعيد» في ثماني محافظات سورية من أصل 14 تتواجد فيها فصائل المعارضة.
وبحسب المذكرة، سيصار في مناطق تخفيف التصعيد إلى «وقف أعمال العنف بين الأطراف المتنازعة، بما في ذلك استخدام أي نوع من السلاح، ويتضمن ذلك الدعم الجوي».
وقال المعلم «نحن لا نقبل بدور للأمم المتحدة ولا لقوات دولية في مراقبة حسن تنفيذ المذكرة».
وبحسب الاتفاق، تؤمّن قوات من الدول الضامنة الحواجز ومراكز المراقبة وإدارة «المناطق الأمنية». كما من الممكن أن يتم «نشر أطراف أخرى في حال الضرورة»، وفق المذكرة.
وقال المعلم «الضامن الروسي أوضح أنه سيكون هناك نشر لقوات شرطة عسكرية ومراكز مراقبة في هذه المناطق»، من دون أن يتضح إذا كان يتحدث عن قوات سورية أم روسية.
ويبدو هذا الاتفاق، وفق محللين، بمثابة المحاولات الأكثر طموحاً لتسوية النزاع الذي تشهده سوريا منذ منتصف مارس (آذار) 2011، وأودى بحياة أكثر من 320 ألف شخص.



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».