تمرين عسكري أردني ـ أميركي بمشاركة عربية وأجنبية

يركز على أمن الحدود ومكافحة الإرهاب والتعامل مع اللاجئين... ويشهد عرضاً لقاذفة «بي 1 بي» الاستراتيجية

تمرين عسكري أردني ـ أميركي  بمشاركة عربية وأجنبية
TT

تمرين عسكري أردني ـ أميركي بمشاركة عربية وأجنبية

تمرين عسكري أردني ـ أميركي  بمشاركة عربية وأجنبية

أعلنت القوات المسلحة الأردنية، أمس، بدء فعاليات تمرين «الأسد المتأهب 2017» الذي ينفذ هذا العام مع الجيش الأميركي، بمشاركة أكثر من 20 دولة عربية وأجنبية، حتى 18 من الشهر الجاري.
وقال مدير التدريب المشترك في الجيش الأردني العميد الركن خالد الشرعة، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نائب القائد العام للجيش الأميركي الجنرال بيل هيكمان في مقر قيادة العمليات الخاصة المشتركة في عمان، إن التمرين الذي بدأ في عام 2011 سيشهد مشاركة 7400 عنصر من دول عدة في نسخته السابعة.
وأشار إلى أن قوات برية وبحرية وجوية ستشارك من جيوش الأردن والسعودية ومصر والإمارات والكويت والبحرين وقطر والعراق ولبنان والولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا واليونان وبولندا وباكستان وأستراليا وكينيا، إضافة إلى ممثلين عن حلف شمال الأطلسي.
وأضاف الشرعة أن تمرين هذا العام «يهدف إلى تطوير قدرات المشاركين على التخطيط وتنفيذ العمليات المشتركة الدولية، وبيان العلاقة بين القوات العسكرية والوكالات والمنظمات والوزارات، في ظل بيئة عمليات غير تقليدية وتبادل الخبرات العسكرية، وتحسين المواءمة العملياتية بين الدول المشاركة، ومكافحة الإرهاب وعمليات أمن الحدود وعمليات الإخلاء والعمليات الإنسانية وإدارة الأزمات، وعمليات المعلومات والشؤون العامة، والعمليات النفسية والاتصالات الاستراتيجية، والتخطيط للعمليات المستقبلية، وعمليات البحث والإنقاذ والعمليات المدنية والعسكرية، وحماية المنشآت الحيوية، وعمليات مكافحة الإرهاب الإلكتروني، وتنفيذ عمليات الإسناد اللوجستي المشترك».
ولفت إلى أن فعاليات التمرين «ستنفذ في ميادين التدريب التابعة للقوات المسلحة الأردنية»، بمشاركة مختلف فروعها «والأجهزة الأمنية والوزارات المختلفة والمنظمات الحكومية وغير الحكومية، إضافة إلى المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات».
وقال نائب القائد العام للجيش الأميركي إن «تمرين الأسد المتأهب يعتبر التمرين العسكري الأساسي في منطقة بلاد الشام، وهو بمثابة حدث ممتاز يسمح لنا بمواصلة العمل مع القوات الأردنية والدولية للتصدي بشكل أفضل للتهديدات المشتركة للأمن الإقليمي على المستوى العملياتي». وأوضح أن التمرين «أصبح فعالية مهمة بين الولايات المتحدة والأردن والشركاء العسكريين الدوليين لتسهيل الاستجابة للتهديدات التقليدية وغير التقليدية».
وأضاف هيكمان أن «التمرين يهدف إلى تطوير قدرات المشاركين على التخطيط وتنفيذ العمليات المشتركة الدولية لأمن الحدود، وبيان العلاقة بين القوات العسكرية والوكالات والوزارات في ظل بيئة عمليات غير تقليدية، إضافة إلى تبادل الخبرات العسكرية، وتحسين المواءمة العملياتية بين الدول المشاركة». وأشار إلى أن التمرين «سيوفر هذا العام للمشاركين فيه فرصاً لتعزيز التعاون والعمل المشترك بينهم وبناء قدراتهم الوظيفية وإدارة الأزمات وتعزيز الاستعدادات في التعامل مع اللاجئين».
وأعلن أن التمرين سيشهد عرضاً لقاذفة «بي 1 بي» الاستراتيجية التي ستقلع من الولايات المتحدة وتقوم بمهامها في الأراضي الأردنية، قبل أن تعود إلى الولايات المتحدة بلا توقف مع التزود بالوقود جواً.
يُشار إلى أن القوات المسلحة الأردنية نفذت هذا العام مجموعة من التمارين المشتركة بشكل ثنائي على مستوى الجماعات والوحدات والتشكيلات مع عدد من الدول العربية والأجنبية، كان آخرها تدريبات مع القوات السعودية والمصرية.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.