إقرار مبدئي لمشروع قانون «يهودية الدولة»

صادقت اللجنة الوزارية للتشريع في الحكومة الإسرائيلية، أمس، على النص الجديد لـ«قانون القومية» الذي طرحه غلاة المتطرفين في اليمين، وينص على «يهودية الدولة». وينتظر أن يعود القانون إلى الكنيست (البرلمان) للتصويت عليه بالقراءة التمهيدية، قبل أن يحال مجدداً إلى اللجنة الوزارية لمناقشته.
وينص اقتراح القانون الجديد، الذي عرضه الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات العامة (شاباك) عضو الكنيست عن حزب «الليكود» آفي ديختر، على أن «دولة إسرائيل هي البيت القومي للشعب اليهودي»، وأن «حق تقرير المصير في دولة إسرائيل يقتصر على الشعب اليهودي».
كما يعتبر أن «لغة الدولة هي اللغة العبرية»، ليخفض بذلك مكانة اللغة العربية من «لغة رسمية ثانية» إلى «لغة لها مكانة خاصة في الدولة، وللمتحدثين بها حق الوصول اللغوي لخدمات الدولة». وخلافاً للنص السابق، لا يُخضع النص الجديد النظام الديمقراطي في إسرائيل للطابع اليهودي للدولة.
ويثبت بند آخر في المشروع النشيد القومي والعلم والرمز الرسمي لإسرائيل. ويحدد أن «كل مواطن إسرائيلي، من دون فارق في الدين أو العرق، يحق له العمل من أجل الحفاظ على ثقافته وميراثه ولغته وهويته»، وأنه «يحق للدولة السماح لجمهور معين، خصوصاً أبناء الديانات أو القوميات الأخرى، بإقامة بلدات طائفية منفصلة».
وكان الائتلاف الحكومي حاول في البرلمان السابق دفع اقتراحين لـ«قانون القومية»، الأول عرضه «البيت اليهودي» وجناح الصقور في «الليكود»، ويطالب بتفضيل «الطابع اليهودي للدولة» على الطابع الديمقراطي في قرارات المحكمة العليا، وبالتالي تغيير الطابع الذي أملى سلسلة من قرارات القضاة. أما الصيغة الثانية التي دفعها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فتهدف إلى التصريح بأن دولة إسرائيل هي «دولة قومية للشعب اليهودي».
وسعى نتنياهو من خلال ذلك إلى تشريع مطالبته السلطة الفلسطينية بالاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، شرطاً للعودة إلى المفاوضات. وبسبب الخلافات داخل الائتلاف على صيغة القانون، كُلف، مع تشكيل الحكومة الحالية، طاقم برئاسة رئيس الائتلاف آنذاك تساحي هنغبي، بإعداد نص توافقي. لكن الطاقم فشل في مهمته. وفي يناير (كانون الثاني)، قررت اللجنة الوزارية تأجيل التصويت على نص معدل للقانون، أعده النائب بيني بيغن، كي تجد نصاً توافق عليه كل الأحزاب.
وحظي اقتراح بيغن في حينه بتأييد من اليمين واليسار، ونص على أن إسرائيل «دولة قومية للشعب اليهودي، لكنها تضمن المساواة في الحقوق لكل مواطنيها»، وهو مصطلح لم يظهر حتى الآن في أي قانون إسرائيلي. وحسب اقتراح بيغن يكون النظام في إسرائيل ديمقراطياً، وهي مسألة ليست واردة في وثيقة الاستقلال. لذلك، بادر ديختر إلى النص الجديد.
يذكر أن ديختر كان هو من وضع النص الأصلي الذي قدم للمرة الأولى قبل ولايتين في الكنيست. ووقّع على النص الجديد لاقتراح القانون 13 نائباً آخرون من الائتلاف الحكومي.
ويثير هذا القانون معارضة واسعة في صفوف القوى الديمقراطية في إسرائيل، وكذلك في صفوف المواطنين العرب (فلسطينيي 48). وعبّر «المعهد الإسرائيلي للديمقراطية» عن غضبه من هذه الصيغة، ووصفها بأنها «انتهاك للتوازن الدقيق في التشريع بين المركب اليهودي والمركب الديمقراطي. وهي صيغة تهدد طابع الدولة».
ورفضت «القائمة المشتركة» العربية هذا المشروع. وقال رئيس الكتلة البرلمانية للقائمة النائب جمال زحالقة إن هذا القانون بمثابة «إعلان حرب على المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، إذ يعطي مظلة واسعة للتمييز العنصري في مجالات الحياة كافة، وليس في مجال واحد أو مجالات محددة، ويمنح شرعية بالقانون لنوعين من المواطنة؛ واحدة لليهود وأخرى للعرب الفلسطينيين أصحاب البلاد الأصليين».
وأضاف أن «هذه نسخة من قوانين الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وهو قانون أبارتايد، ودليل دامغ على طبيعة النظام الإسرائيلي الذي وإن اختلف في بعض جوانبه عن نظام أبارتايد البائد، فهو بالتأكيد من العائلة نفسها». ووصف إقرار القانون في اللجنة الوزارية بأنه «عيد للعنصرية والعنصريين، وسقوط لقناع الديمقراطية الذي تعمل إسرائيل بواسطته لتغطية حقيقة النظام الإسرائيلي الكولونيالي العنصري».
ودعا زحالقة إلى حملة مضادة للقانون تشمل التوجه إلى المؤسسات الدولية والسفارات الأجنبية وتشكيل أوسع تحالف ضده في البرلمان وخارجه، إضافة إلى تنظيم خطوات احتجاجية للتصدي له. ورأى أن «على العالم أن يعرف أننا في حالة (أقلية في خطر)، وبحاجة إلى حماية دولية للذود عن وجودنا وعن حقوقنا في وجه طغيان الأغلبية وقوانينها التي تمنح الشرعية وتفتح الباب للعنصرية».
وقال النائب طلب أبو عرار إن «قانون القومية هو عصارة حقد وكراهية وعنصرية الحكومة الفاشية الإسرائيلية، كما أنه مخالف للأسس الديمقراطية ومخالف للقوانين الدولية. وستكون له تبعات سلبية داخلية على الصعيد السياسي والاجتماعي والثقافي والإقليمي، وعلى عمليات السلام المزعومة وكذلك على العلاقات بين العرب واليهود، وسيكون هذا الإقرار طريقاً لسن قوانين تنافسية أكثر عنصرية وحقداً ضد العرب، وعليه، فإن حكومة الكراهية ستتحمل تبعات هذا العمل المشين».