بحث دور حوكمة الأجهزة الحكومية في تحقيق «رؤية السعودية 2030»

ديوان المراقبة لـ«الشرق الأوسط» : أجهزة الدولة جاهزة لتطبيق مأسسة العمل ورفع كفاءته

بحث دور حوكمة الأجهزة الحكومية في تحقيق «رؤية السعودية 2030»
TT

بحث دور حوكمة الأجهزة الحكومية في تحقيق «رؤية السعودية 2030»

بحث دور حوكمة الأجهزة الحكومية في تحقيق «رؤية السعودية 2030»

بهدف تعزيز مستويات الشفافية المالية ورفع مستويات النزاهة، تنطلق اليوم الأحد أعمال الندوة السنوية الـ14 لديوان المراقبة العامة السعودي، وسيتم تناول دور حوكمة الأجهزة الحكومية في تحقيق «رؤية السعودية 2030».
وتشهد المرحلة الحالية تطورات جوهرية غير مسبوقة بالسعودية، من أهمها إعادة النظر في الشكل السابق للإنفاق والأداء الحكومي، وقد جاء اختيار عنوان الندوة السنوية للديوان ليتماشى مع تلك التطورات، ولمحاولة الخروج بتوصيات من شأنها إبراز وبلورة دور آليات الحوكمة في رفع كفاءة الإنفاق العام، وتحسين أداء الأجهزة الحكومية من خلال إعادة النظر في هيكلتها الإدارية والرقابية، وبالتالي المساهمة الجوهرية في تحقيق «رؤية السعودية 2030».
وأكد سعيد القحطاني، المتحدث الرسمي باسم ديوان المراقبة العامة بالسعودية المشرف العام على العلاقات العامة والإعلام، أن الأجهزة الحكومية بالمملكة جاهزة لتطبيق الحوكمة ومأسسة العمل ورفع كفاءته وفقا لـ«رؤية السعودية 2030» التي تنص على أهمية تطبيق هذا المعيار. وأوضح القحطاني، لـ«الشرق الأوسط»، أن الندوة السنوية لديوان المراقبة العامة بعنوان «دور حوكمة الأجهزة الحكومية في تحقيق (رؤية السعودية 2030)» تهدف إلى دعم العمل المنظم الذي يدعم العدالة ومكافحة الفساد بالبلاد وتعزيز النزاهة. وبيّن القحطاني أن ديوان المراقبة العامة يقوم بمراجعة الحسابات التابعة للأجهزة الحكومية ويعطي نموذجا للحوكمة من خلال تقييم موضوعي، لافتا إلى أن هذا التقييم يهدف إلى استغلال الموارد المالية بشكل أفضل تحقيقا للأهداف التي تسعى للبلاد، موضحا أن الحوكمة تساعد الأجهزة الحكومية على تحسين العمليات التشغيلية، وأن للحوكمة أدورا تكسب الأجهزة القيادية في البلاد موثوقية في أداء الأجهزة الحكومية، مما يعزز من عملها واستدامتها.
وأشار المسؤول بديوان المراقبة العامة، إلى أن للندوات السنوية لديوان المراقبة العامة أهدافا تتمثل في تعزيز التعاون مع الجهات المشمولة برقابته لتحقيق أهداف المراجعة الشاملة والرقابة على الأداء، وتبادل الرأي مع المسؤولين عن الشؤون المالية والإدارية في الأجهزة الحكومية، وبحث سبل تفعيل الرقابة المالية الشاملة، واقتراح الحلول المناسبة لمعالجة المعوقات ورفع كفاءة الأداء، بهدف حماية المال العام وترشيد استخدامه.
وحيث إن كفاءة الإنفاق العام تعتبر الوسيلة المستدامة لرفع مستوى الأداء وتخفيض التكاليف، والتي تعتمد وبشكل أساسي على وجود وتبني هيكل حوكمة متين وإجراءات رقابية محكمة، لذا فإن الندوة سوف تناقش وتستعرض هذا الموضوع الجوهري في هذا الوقت المهم، لإبراز دور ديوان المراقبة العامة والأجهزة الرقابية الأخرى في التحول نحو قطاع عام يدار بكفاءة وشفافية عالية.
وتهدف الندوة إلى الوقوف على العناصر الرئيسية المساعدة في رفع قيمة أنشطة المراجعة والمراقبة الحكومية من أجل تحقيق أهدافها، وذلك في سبيل الخروج بتوصيات ومقترحات قيمة وقابلة للتطبيق للمساعدة في استيعاب أهمية مفهوم حوكمة الأجهزة الحكومية في معالجة التحديات المستقبلية ورفع كفاءة الإنفاق العام، والوقوف على أفضل الممارسات الإقليمية والعالمية من أجل إيجاد خريطة الطريق نحو النموذج الأمثل للتطبيق في البيئة السعودية. ومن محاور الندوة التي ستنطلق اليوم، بحث أفضل الممارسات العالمية في حوكمة الأجهزة الحكومية، والنموذج الأمثل للبيئة المؤسساتية والثقافية للسعودية، إذ سيتم تناول مفهوم الحوكمة في السياق الدولي، وماذا تعني الحوكمة الجيدة مع استعراض نظريات الحوكمة في القطاع العام والتطبيق الأفضل للممارسات الدولية ومراعاة العوامل والظروف الثقافية الخاصة بالمؤسسات المحلية المؤثرة بها، وذلك في محاولة لإيجاد النموذج الأمثل للتطبيق في البيئة السعودية.
وحيث إن المؤسسات الحكومية ومنظمات القطاع العام عموما تتميز باختلاف أشكالها النظامية والتنظيمية تبعا لاختلاف البيئة المؤسساتية والثقافية في الدول التي تنتمي إليها، عليه، لا يوجد نموذج حوكمة موحد يمكن الاعتماد عليه وتطبيقه في جميع دول العالم.
ومن خلال هذا المحور سوف يتم استعراض ومناقشة نظريات الحوكمة المختلفة وممارساتها المتعددة، سواء في الدول المتقدمة أو النامية، وبخاصة ما يتعلق منها بدول الشرق الأوسط، إضافة إلى ممارسات الحوكمة في القطاع الخاص المحلي، في محاولة للوصول إلى نموذج حوكمة الأجهزة الحكومية الأمثل والقابل للتطبيق في البيئة المحلية، بعد أخذ الأبعاد السياسية والاجتماعية والثقافية للمملكة العربية السعودية في الاعتبار.
إلى جانب ذلك، سوف يناقش المحور المفاهيم الرئيسة في الحوكمة مثل النزاهة ومكافحة الفساد، وسوف يحاول المشاركون الإجابة عن تساؤلات أخرى، منها كيف يمكن للحوكمة زيادة مشاركة أصحاب المصالح في اتخاذ القرار؟ وهل مفهوم الحوكمة يعني أنظمة وتشريعات أقل، أم بيئة نظامية أكثر فاعلية؟ وما التحديات التي سوف تواجه تطبيق آليات الحوكمة في السعودية؟
وخلال أعمال الندوة سيتم بحث «استراتيجيات نحو حوكمة عامة فعالة ومستدامة: محددات وآليات»، إذ سيتم تناول الفرص الحقيقية والمتاحة للجهات الرقابية والتشريعية في السعودية لتطوير وتطبيق استراتيجيات الحوكمة اللازمة للمرحلة الانتقالية والمتمثلة في «رؤية 2030»، وذلك من خلال استعراض المتطلبات الإدارية والقانونية جنبا إلى جنب والآليات المتاحة لذلك، ومناقشة القضايا المتعلقة بتطوير آليات الحوكمة الفعّالة من خلال الوقوف على الهيكل التنظيمي للمؤسسات والأجهزة الحكومية في البيئة المحلية، ودراسة موضوع تضارب المصالح بين المسؤولين الحكوميين وأصحاب المصالح والدور المتوقع أن تلعبه الحوكمة في تخفيف تضارب المصالح.
كما سيتم تناول محور دور حوكمة الأجهزة الحكومية في رفع كفاءة الإنفاق العام وتحسين تنافسية القطاع الخاص، وسيتم النقاش حول أهمية تطبيق مفاهيم الحوكمة في المؤسسات الحكومية المختلفة، ودورها في تعزيز كفاءة وفاعلية الأنشطة التشغيلية في القطاع العام، الأمر الذي قد يساهم بشكل مباشر في تحقيق «رؤية 2030» التي التزمت برفع كفاءة الإنفاق العام وتحقيق الكفاءة في استخدام الموارد والحد من الهدر، وأطلقت برنامج «اتزان» ليكون منهاجا تسير عليه في تخطيط البرنامج وتنفيذه من خلال إجراء مراجعة شاملة ودقيقة للأنظمة واللوائح المالية في جميع الأجهزة الحكومية، للتحول من التركيز على سلامة الإجراءات إلى مفهوم فعالية الصرف.



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».