السعودية تلغي إدراج «مجموعة محمد المعجل» في السوق المالية

عقب بلوغ الخسائر 50 % من رأس المال دون تحرك لتصحيح الأوضاع

ممثلو «تداول» وجمعية علاقات المستثمرين في الشرق الأوسط عقب توقيع مذكرة تفاهم أمس («الشرق الأوسط»)
ممثلو «تداول» وجمعية علاقات المستثمرين في الشرق الأوسط عقب توقيع مذكرة تفاهم أمس («الشرق الأوسط»)
TT

السعودية تلغي إدراج «مجموعة محمد المعجل» في السوق المالية

ممثلو «تداول» وجمعية علاقات المستثمرين في الشرق الأوسط عقب توقيع مذكرة تفاهم أمس («الشرق الأوسط»)
ممثلو «تداول» وجمعية علاقات المستثمرين في الشرق الأوسط عقب توقيع مذكرة تفاهم أمس («الشرق الأوسط»)

في خطوة تعكس مدى جديّة السعودية نحو رفع مستوى الأداء التشغيلي والمالي للشركات المدرجة في سوق الأسهم المحلية، أصدر مجلس إدارة هيئة السوق المالية في البلاد أمس قراراً يقضي بإلغاء إدراج شركة مجموعة محمد المعجل من السوق المالية السعودية (تداول)، على خلفية بلوغ خسائر الشركة أكثر من 50 في المائة من رأس المال، دونما أن يكون هنالك حراك واضح من قبل مجلس الإدارة نحو تصحيح الأوضاع.
ويأتي هذا القرار في خطوة جريئة للغاية، تؤكد على أن السعودية تعمل بشكل جاد على رفع مستوى جاذبية وعمق السوق المالية، مما يؤكد على وقف مسلسل تزايد خسائر الشركات دون أن يكون هنالك أي تدخل مهني من قبل مجالس الإدارات لتصحيح أوضاع شركاتهم التي يمثلون مجالس إدارتها.
وفي هذا الخصوص، قالت هيئة السوق المالية السعودية في بيان صحافي أمس: «إشارة إلى إعلان هيئة السوق المالية الذي دعت فيه مجالس إدارات ومساهمي الشركات المدرجة التي بلغت خسائرها 50 في المائة فأكثر من رأس مالها إلى تصحيح أوضاع شركاتهم قبل انتهاء مهلة تطبيق المادة الخمسين بعد المائة من نظام الشركات، وإعلان الهيئة بشأن تلك الشركات»، مضيفة «ونظراً إلى عدم اتخاذ شركة مجموعة محمد المعجل للإجراءات النظامية اللازمة لتصحيح أوضاعها بما يتوافق مع نظام السوق المالية ولوائحه التنفيذية ونظام الشركات، وأخذاً بالاعتبار الأحكام الواردة في المادة الخمسين بعد المائة من نظام الشركات والإجراءات التي يجب على الشركة اتخاذها خلال الفترات النظامية المحددة».
وقالت هيئة السوق المالية السعودية في البيان: «بناءً على نظام السوق المالية، أصدر مجلس الهيئة قراره القاضي بإلغاء إدراج أسهم شركة مجموعة محمد المعجل في السوق المالية السعودية (تداول)».
وفي إطار ذي صلة، أكد مصدر مطلع في هيئة السوق المالية السعودية لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن قرار إلغاء إدراج مجموعة محمد المعجل لن يكون هو الأخير في السوق المالية السعودية «الإجراء ذاته سيتم اتخاذه بحق كل شركة تزيد خسائرها على 50 في المائة من رأس المال، دونما أن يكون هنالك أي تحرك من قبل مجلس الإدارة لتصحيح أوضاع الشركة»، لافتاً إلى أن الشركات المدرجة التي تزيد خسائرها على 50 في المائة تدرك مدى جدية هيئة السوق المالية في اتخاذ الإجراءات النظامية.
من جهة أخرى، وقّعت أمس شركة السوق المالية السعودية «تداول» مذكرة تفاهم مع جمعية علاقات المستثمرين في الشرق الأوسط وذلك على هامش مؤتمر اليورومني المُقام في الرياض، وتهدف المذكرة إلى تعزيز أفضل الممارسات في مجال علاقات المستثمرين ورفع مستوى الشفافية في المملكة.
وتسعى جمعية علاقات المستثمرين في الشرق الأوسط إلى تسهيل وصول أعضاء الجمعية إلى المعلومات كافة المتعلقة بأفضل ممارسات علاقات المستثمرين، كما يسعى فرع الجمعية في المملكة إلى تعزيز ثقافة التواصل الفعّال بين الشركات المدرجة والأسواق المالية والهيئات الرقابية والمستشارين والمحللين في المملكة، وتعزيز الشفافية في السوق.
وبهذا الخصوص، قال محمد الرميح، مدير عام الإدارة العامة للمبيعات والتسويق في «تداول»: «يأتي توقيع هذه الاتفاقية مع جمعية علاقات المستثمرين في الشرق الأوسط كخطوة داعمة للجهود التي تبذلها تداول في تعزيز ثقة المستثمرين بالسوق المالية السعودية، وذلك من خلال تطبيق أفضل الممارسات في مجال علاقات المستثمرين وحوكمة الشركات، ولا شك أن هذه الخطوة ستسهم أيضاً في تطوير تداول كونها السوق المالية الرئيسية في الشرق الأوسط، كما تتماشى في الوقت ذاته مع خطط (رؤية المملكة 2030) الداعية إلى تنويع مصادر الاقتصاد وبناء سوق مالية منفتحة على العالم».
من جهته قال وليد الحكيم، الرئيس المنتخب لإدارة فرع الجمعية بالمملكة: «انطلاق أعمال جمعية علاقات المستثمرين الشرق الأوسط في المملكة العربية السعودية يتواكب مع (رؤية 2030) التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وفتح السوق المالية للمستثمرين الأجانب، إلى جانب إدراج المملكة في مؤشر مورغان ستانلي ومؤشر الأسهم البريطانية (فوتسي) للأسواق الناشئة».
وأضاف الحكيم: «الفرع الجديد في السعودية سيعمل كمركز معرفي، حيث يمكن للمختصين في مجال علاقات المستثمرين التواصل والحصول على معلومات ذات أهمية من القادة الدوليين في هذا المجال، كما يدعم هذا الفرع تقدم سوق تداول باعتبارها السوق المالية الرئيسية بالشرق الأوسط، وعلاوة على ذلك، فإن تعزيز الممارسة المحلية في مجال علاقات المستثمرين عن طريق تسهيل التواصل الفعال بين الشركات المدرجة وأسواق المال سيشجع المزيد من المستثمرين الدوليين على المشاركة الفعالة».
يُذكر أن جمعية علاقات المستثمرين في الشرق الأوسط «ميرا» هي منظمة غير ربحية تسعى إلى تفعيل أفضل الممارسات في مجال علاقات المستثمرين وتعزيز سمعة وكفاءة وجاذبية الأسواق المالية في منطقة الشرق الأوسط.
وتسعى الجمعية إلى تفعيل الحوار بين أعضائها وتشجيعهم على تبني أفضل الممارسات والتطبيقات في مجال علاقات المستثمرين، كما تدعم الجمعية الشركات بالتعاون مع الأسواق المالية والجهات التنظيمية وأعضاء السوق، وذلك من خلال برامجها التدريبية المهنية وجمعيات الأعضاء وفروعها المتعددة.
إلى ذلك، أنهى مؤشر سوق الأسهم السعودية تعاملات أمس الثلاثاء على ارتفاع طفيف بلغت نسبته نحو 0.1 في المائة، ليغلق بذلك عند مستويات 7013 نقطة، أي بارتفاع 9 نقاط، وسط تداولات بلغت قيمتها الإجمالية نحو 3.7 مليار ريال (مليار دولار).



وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً). وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، أكد آل الشيخ أن تكلفة تحلية المياه قد انخفضت بشكل ملحوظ، إذ كانت تكاليف إنتاج متر مكعب واحد من الماء تتجاوز 4 ريالات (1.06 دولار) في الماضي، بينما الآن لا تتجاوز التكلفة 2.5 ريال (نحو 0.67 دولار)، مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل.

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.