خلافات انقلابيي صنعاء تطال قطاع الإعلام

خلافات انقلابيي صنعاء تطال قطاع الإعلام
TT

خلافات انقلابيي صنعاء تطال قطاع الإعلام

خلافات انقلابيي صنعاء تطال قطاع الإعلام

بعد تصاعد وتيرة الصراعات بين قطبي الانقلاب في العاصمة اليمنية في عدة مجالات، أكدت مصادر إعلامية في صنعاء احتدام الحرب الإعلامية بين الجانبين.
وجسد هجوم ميليشيات الحوثي على إحدى الإذاعات التي تتبع الرئيس السابق علي عبد الله صالح في صنعاء الخميس الماضي الخطة التي يقوم بتنفيذها زعيم المتمردين الحوثيين عبد الملك الحوثي التي أوعز خلالها إلى مشرفي ما يسمى «اللجان الشعبية»، بمصادرة وكتم أي صوت يعود لصالح بهدف إقصائه بشكل كامل عن المشهد اليمني. وأوضحت مصادر إعلامية، أن مسلحي الحوثي قاموا بتغيير الخطة البرامجية للإذاعة ‏وإبدالها بشعارات خاصة بالميليشيات، مؤكدة أن الحادثة تأتي في إطار تصاعد الخلاف بين حليفي ‏الانقلاب وبوادر انقلاب للجماعة ضد صالح.‏ وتوقف بث إذاعة «يمن إف إم» منذ الخميس الماضي، غير أن الإذاعة بررته بوجود خلل فني في أجهزتها وعطل في محطة الإرسال ووعدت بعودته الجمعة إلا أن هذا لم يحدث.
ومنذ الانقلاب على الشرعية ودخول ميليشيات الحوثي صنعاء، كثفت تلك الميليشيات حضورها الإعلامي، عبر الموجات الإذاعية، نظراً لقدرتها على الانتشار والتوسع في نطاق جغرافي كبير وبتكلفة أقل، ساعدها في ذلك طبيعة الريف اليمنية، حيث تنتشر الإذاعة بشكل كبير، ويعدها اليمنيون أهم وسائل الإعلام.
وتجاوز عدد المحطات الإذاعية، التي تبث برامجها في صنعاء، 27 محطة، بينها 13 تجارية وواحدة حكومية، وهي «إذاعة صنعاء»، والبقية تمتلكها شخصيات موالية لجماعة الحوثي وتبث برامج مساندة للجماعة وباتت تملك جمهوراً كبيراً من المتابعين. ويغطي بث تلك الإذاعات ضواحي صنعاء، ويصل بث بعضها إلى المحافظات القريبة مثل ذمار وعمران والمحويت وحجة. وساعد الحوثي في هذا الانتشار الإعلامي استعانته بالخبراء من «حزب الله» في لبنان و«الحرس الثوري» في إيران وعدد من الإعلاميين الذين أغراهم بالانضمام إليه عقب انقلابه على الشرعية.
وأصبحت سماء المحافظات التي تسيطر عليها الميليشيات ملبدة بالخطاب الحوثي، بعد أن أنشأت فيها محطات إذاعية، تروج من خلالها لأجندتها وخطابها التحريضي، كما لجأ إلى الاعتماد على القيادات الإعلامية والصحافية والإذاعية المنتمية إلى أسرة الحوثي، لتعزيز تغلغلها في المجتمع اليمني.
وأكدت مصادر مطلعة في الداخل اليمني أن الميليشيات الحوثية بمساعدة من قوات صالح، صادرت بداية دخولها صنعاء في 21 سبتمبر (أيلول) 2014 سبع إذاعات محلية في صنعاء وبعض المدن اليمنية الأخرى، مشيرة إلى أن جماعة الحوثي وزعت تلك الإذاعات على قياداتها ليتم تركيبها من جديد في صنعاء أو مدن أخرى بأسماء جديدة، وقامت خلال أشهر عدة بعد دخولها صنعاء بشراء أجهزة إذاعية متكاملة وتم إدخالها بوصفها شحنات تأتي بشكل منفصل عبر وسطاء متنوعين في اليمن وخارجها ويتم إدخال تلك الشحنات على أنها أجهزة طبية.
وقالت المصادر إن ميليشيات الحوثي قامت كذلك بمساعدة مهندسين متخصصين في تصنيع وتعديل بعض القطع لتقوية البث وتحسين جودة الصوت أو صناعة أجهزة البث الخاصة بها من خلال قطع متوفرة في الأسواق اليمنية في بعض المدن والقرى بالمحافظات التي تقع تحت سيطرتهم لإذاعة وبث الأناشيد والزوامل الحوثية والخطب السياسية طوال الوقت.
وكشفت المصادر عن أن الإذاعات التي تبث في صنعاء وصعدة تمول من إيران ويتم إرسال المبالغ إلى اليمن من لبنان بواسطة مسؤولي الملف اليمني في «حزب الله» اللبناني، ضمن قوائم طويلة من التمويل للإذاعات والصحف والصحافيين.
وكان الإعلام قد شكل بوسائله المتعددة ذراعاً طولية اتكأ عليها صالح غير أنه حالياً وجد كل المؤسسات التي بناها على أسس الولاء له ولنظامه أصبح ولاؤها للميليشيات وتوالي السلطة الأقوى في المساحة الخاضعة لسيطرة الانقلابيين.
وأوضحت المصادر الإعلامية في الداخل اليمني أن الآلة الإعلامية الضخمة التي شيدها صالح لخدمة نظامه تحولت اليوم إلى سلاح تم تصويبه إلى صدر صالح وحزبه وبقايا نظامه ومساعديه، حيث سيطرت الميليشيات الحوثية على مؤسسات الإعلام الحكومية كافة، وحولتها للعمل لصالحها بعد أن أطاحت بأتباع صالح من قيادة تلك المؤسسات، وعينت مديرين من الميليشيات ينتمون أسرياً للحوثي على رأس تلك المؤسسات لإنتاج خطاب إعلامي يخدم ميليشيات الانقلاب ومشروعها، وأصبح صالح محاصراً إعلامياً حيث لا يسمح بظهوره على أي وسيلة إعلامية من الوسائل التي سيطرت عليها ميليشيات الانقلاب. وأكدت المصادر أنه لم يعد لصالح سوى قناة «اليمن اليوم» وصحيفة «اليمن اليوم»، التي بدأت ميليشيات الحوثي الانقلابية مؤخراً حملة لإيقافهما من خلال إظهار وثائق تكشف عن تمويل القناة والصحيفة من إيرادات شركة النفط اليمنية، الأمر الذي يشير إلى تحرك الميليشيات لقطع تمويلها وإيقافها. وبينت المصادر أن ميليشيات الحوثي بدأت حرباً مفتوحة لطرد أتباع صالح وحزبه من داخل الصحف حيث استدعت النيابة في الآونة الأخيرة 14 صحافياً من مؤسسة «الثورة» من أتباع صالح وحزبه للتحقيق معهم في قضايا فساد لمطالبتهم بمرتباتهم.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.