قال جيرنوت إيرلر منسق الشؤون الروسية بالحكومة الألمانية في مقابلة نُشرت، أمس، إن زيادة عدد الدول المشاركة في محادثات السلام السورية التي تدعمها روسيا قد توفر فرصة لاستئناف المفاوضات الرامية للتوصل لحل سياسي.
واقترح إيرلر أن تطرح المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الأمر على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء اجتماعهما في سوتشي في روسيا الذي تم أمس. وقال في المقابلة التي أجرتها معه صحيفة برلينر تسايتونغ ونقلتها وكالة (رويترز): «يجب أن نعترف بأن جميع جهود السلام السابقة فشلت».
وأشار إيرلر إلى عدم تحقق أي نتائج ملموسة من مبادرة الأمم المتحدة للسلام التي يقودها مبعوثها الخاص ستافان دي ميستورا، فضلا عن عدم إحراز أي نتائج من اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه روسيا.
وقال: «نتيجة لذلك ينبغي أن نفكر في شيء جديد. أعتقد أن الجانب الألماني ينبغي أن يسأل بوتين إن كان يمكنه تصور مشاركة مزيد من الدول في المفاوضات. على الأقل قد يوفر هذا فرصة لتنظيم عملية تفاوض». وأضاف: «من الواضح أنه لا يمكن التفكير الآن في أي حل لإنهاء الحرب السورية من دون مشاركة روسيا التي تسبب تدخلها العسكري في تحويل دفة الحرب الأهلية السورية الممتدة منذ ستة أعوام لصالح حليفها الرئيس بشار الأسد».
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لوكالات أنباء، السبت الماضي، إن موسكو مستعدة للتعاون مع الولايات المتحدة من أجل تسوية الأزمة السورية. ورفض إيرلر اقتراحا سابقا للملك عبد الله الثاني عاهل الأردن، بأن الغرب ينبغي أن يقبل ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية في عام 2014 وأن يتوقف عن انتقاد موسكو، لتشجيع بوتين على سحب دعمه للأسد.
وأضاف أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب بدا في البداية داعما لمثل هذا «الاتفاق»، لكنه بعد ذلك أدرك أن أزمات السياسة الخارجية لا يمكن التعامل معها مثل صفقات العقارات.
واستخدمت روسيا حق الفيتو لمعارضة ثمانية قرارات بشأن سوريا لحماية حكومة الأسد من أي تحرك في مجلس الأمن. وكان أحدث استخدام روسي للفيتو الشهر الماضي للحيلولة دون إدانة هجوم كيماوي أسفر عن مقتل العشرات، بينهم كثير من الأطفال. ودعمت الصين روسيا وعارضت ستة قرارات.
وقال إيرلر إن ميركل ينبغي أن تمارس ضغوطا على موسكو للالتزام بتعهداتها المكتوبة في إطار عملية مينسك للسلام التي تهدف لإنهاء العنف في شرق أوكرانيا. وأضاف أن ميركل ستؤكد لبوتين أن العقوبات على موسكو يمكن رفعها بسرعة إذا أبدت روسيا عزمها على تطبيق اتفاق مينسك. وقال: «لكن موسكو تعلم هذا منذ فترة... لذلك القدرة على زيادة الضغوط محدودة جدا».
الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.
وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.
وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.
وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.
انتهاكات مروّعة
وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.
وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».
ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.
وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.
ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.
وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.
وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.
وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.
إقبال على الهجرة
يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.
لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.
وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».
وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.
وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.
ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.
وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.